Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 62, Ayat: 9-10)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إذا نودي للصلاة } وهذا هو النداء الذي ينادى به إذا جلس الإمام على المنبر ، ولم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نداء سواه ، كان إِذا جلس على المنبر أذَّن بلال على باب المسجد ، وكذلك كان على عهد أبي بكر ، وعمر ، فلما كثر الناس على عهد عثمان أمر بالتأذين على دارٍ له بالسُّوق ، يقال لها « الزوراء » وكان إذا جلس أذَّن أيضاً . قوله تعالى : { للصلاة } أي : لوقت الصلاة . وفي « الجمعة » ثلاث لغات . ضم الجيم والميم ، وهي قراءة الجمهور . وضم الجيم مع إسكان الميم ، وبها قرأ أبو عبد الرحمن السلمي ، وأبو رجاء ، وعكرمة ، والزهري ، وابن أبي ليلى ، وابن أبي عبلة ، والأعمش . وبضم الجيم مع فتح الميم ، وبها قرأ أبو مجلز ، وأبو العالية ، والنخعي ، وعدي بن الفضل عن أبي عمرو . قال الزجاج : من قرأ بتسكين الميم ، فهو تخفيف الجمعة لثقل الضمتين . وأما فتح الميم ، فمعناها : الذي يجمع الناس ، كما تقول : رجل لُعَنَة : يكثر لعنة الناس ، وضُحَكَة : يكثر الضحك . وفي تسمية هذا اليوم بيوم الجمعة ثلاثة أقوال . أحدها : لأن فيه جُمع آدم . " روى سلمان قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أتدري ما الجمعة ؟ » قلت : لا . قال : « فيه جُمع أبوك » " ، يعني : تمام خلقه في يوم . والثاني : لاجتماع الناس فيه للصلاة . والثالث : لاجتماع المخلوقات فيه ، لأنه اليوم الذي منه فرغ من خلق الأشياء . وفي أول من سماها بالجمعة قولان . أحدهما : أنه كعب بن لؤي سماها بذلك ، وكان يقال ليوم الجمعة : العَروبة ، قاله أبو سلمة . وقيل : إِنما سماها بذلك لاجتماع قريش فيه . والثاني : أول من سماها بذلك الأنصار ، قاله ابن سيرين . قوله تعالى : { فاسعَوا إلى ذكر الله } وفي هذا السعي ثلاثة أقوال . أحدها : أنه المشي ، قاله ابن عباس . وكان ابن مسعود يقرؤها « فامضوا » ويقول : لو قرأتها « فاسعَوْا » لسعَيت حتى يسقط ردائي . وقال عطاء : هو الذهاب والمشي إلى الصلاة . والثاني : أن المراد بالسعي : العمل ، قاله عكرمة ، والقرظي ، والضحاك ، فيكون المعنى : فاعملوا على المضي إلى ذكر الله بالتفرغ له ، والاشتغال بالطهارة ونحوها . والثالث : أنه النية بالقلب ، قاله الحسن . وقال ابن قبيبة : هو المبادرة بالنية والجدّ . وفي المراد « بذكر الله » قولان . أحدهما : أنه الصلاة ، قاله الأكثرون . والثاني : موعظة الإمام ، قاله سعيد بن المسيب . قوله تعالى : { وذروا البيع } أي : دعوا التجارة في ذلك الوقت . وعندنا : أنه لا يجوز البيع في وقت النداء ، ويقع البيع باطلاً في حق من يلزمه فرض الجمعة ، وبه قال مالك خلافاً للأكثرين . فصل تجب الجمعة على من سمع النداء من المصر ، إذا كان المؤذن صَيِّتاً ، والريح ساكنة . وقد حدَّه مالك بفرسخ ، ولم يحدّه الشافعي . وعن أحمد في التحديد نحوهما . وتجب الجمعة على أهل القرى . وقال أبو حنيفة : لا تجب إلا على أهل الأمصار . ويجوز لأهل المصر أن يقيموا الجمعة في الصحراء القريبة من المصر خلافاً للشافعي . ولا تنعقد الجمعة بأقل من أربعين . وعن أحمد : أقله خمسون . وعنه : أقله ثلاثة . وقال أبو حنيفة : تنعقد بثلاثة والإمام ، والعدد شرط في الجمعة وقال أبو حنيفة في إِحدى الروايتين : يصح أن يخطب منفرداً . وهل تجب الجمعة على العبيد ؟ فيه عن أحمد روايتان . وعندنا : تجب على الأعمى إذا وجد قائداً ، خلافاً لأبي حنيفة . ولا تنعقد الجمعة بالعبيد والمسافرين ، خلافاً لأبي حنيفة . وهل تجب الجمعة والعيدان من غير إِذن سلطان ؟ فيه عن أحمد روايتان . وتجوز الجمعة في موضعين في البلد مع الحاجة . وقال مالك ، والشافعي ، وأبو يوسف : لا تجوز إلا في موضع واحد . وتجوز إقامة الجمعة قبل الزوال خلافاً لأكثرهم ، وإذا وقع العيد يوم الجمعة أجزأ حضوره عن يوم الجمعة ، وبه قال الشعبي ، والنخعي ، خلافاً للأكثرين . والمستحب لأهل الأعذار أن يصلوا الظهر في جماعة . وقال أبو حنيفة : يكره . ولا يجوز السفر يوم الجمعة بعد الزوال . وقال أبو حنيفة : يجوز . وهل يجوز السفر بعد طلوع الفجر ؟ فيه عن أحمد روايتان . ونقل عن أحمد : أنه لا يجوز الخروج في الجمعة إلا للجهاد . وقال أبو حنيفة : يجوز لكل سفر . وقال الشافعي : لا يجوز أصلاً . والخطبة شرط في الجمعة . وقال داود : هي مستحبة . والطهارة لا تشترط في الخطبة ، خلافاً للشافعي في أحد قوليه . والقيام ليس بشرط في الخطبة ، خلافاً للشافعي . ولا تجب القعدة بين الخطبتين ، خلافاً له أيضاً . ومن شرط الخطبة : التحميد ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وقراءة آية ، والموعظة . وقال أبو حنيفة : يجوز أن يخطب بتسبيحة . والخطبتان واجبتان . وأما القراءة في الخطبة الثانية ، فهي شرط ، خلافاً للشافعي . والسُّنَّة للإمام إذا صعِد المنبر ، واستقبل الناس : أن يسلِّم ، خلافاً لأبي حنيفة ، ومالك . وهل يحرم الكلام في حال سماع الخطبة ؟ فيه عن أحمد روايتان . ويحرم على المستمع دون الخاطب ، خلافاً للأكثرين . ولا يكره الكلام قبل الابتداء بالخطبة ، وبعد الفراغ منها ، خلافاً لأبي حنيفة . ويستحب له أن يصليَ تحية المسجد والإمام يخطب ، خلافاً لأبي حنيفة ، ومالك . وهل يجوز أن يخطب واحد ، ويصلي آخر ، فيه عن أحمد روايتان . قوله تعالى : { ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون } أي : إِن كان لكم علم بالأصلح { فإذا قضيت الصلاة } أي : فرغتم منها { فانتشروا في الأرض } هذا أمر إباحة { وابتغوا من فضل الله } إباحة لطلب الرزق بالتجارة بعد المنع منها بقوله تعالى : « وذروا البيع » وقال الحسن ، وابن جبير : هو طلب العلم .