Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 63, Ayat: 1-4)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إذا جاءك المنافقون } يعني : عبد الله بن أُبَيّ وأصحابه { قالوا نشهد إنك لرسول الله } وهاهنا تم الخبر عنهم . ثم ابتدأ فقال تعالى : { والله يعلم إِنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } وإنما جعلهم كاذبين ، لأنهم أضمروا غير ما أظهروا . قال الفراء : إنما كذب ضميرهم . { اتخذوا أَيْمانهم جُنَّةً فَصَدُّوا عن سبيل الله } قد ذكرناه في [ المجادلة : 16 ] قال القاضي أبو يعلى : وهذه الآية تدل على أن قول القائل : « أشهد » يمين ، لأنهم قالوا : « نشهد » فجعله يميناً بقوله تعالى : { اتخذوا أَيْمانهم جُنَّة } وقد قال أحمد ، والأوزاعي ، والثوري ، وأبو حنيفة : أَشْهَدُ ، وأُقْسِمُ ، وأَعْزِمُ ، وأَحْلِفُ ، كُلُّها أَيْمان . وقال الشافعي : « أُقسم » ليس بيمين . وإنما قوله : « أقسم بالله » يمين إذا أراد اليمين . قوله تعالى : { ذلك } أي : ذلك الكذب { بأنهم آمنوا } باللسان { ثم كفروا } في السِّرِّ { فطُبِع على قلوبهم فهم لا يفقهون } الإِيمان والقرآن { وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم } يعني : أن لهم أجساماً ومناظر . قال ابن عباس : كان عبد الله بن أُبَيّ جسيماً فصيحاً ، ذَلْقَ اللسان ، فإذا قال ، سمع النبيُّ صلى الله عليه وسلم قوله . وقال غيره : المعنى : تصغي إلى قولهم ، فتَحْسِب أنه حق { كأنهم خشب } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة : « خُشُبٌ » بضم الخاء ، والشين جميعاً ، وهو جمع خَشبة . مثل ثَمَرَةٍ ، وثُمُرٍ . وقرأ الكسائي : بضم الخاء ، وتسكين الشين ، مثل : بَدَنَةٍ ، وبُدْنٍ ، وأَكَمَةٍ ، وأُكْمِ . وعن ابن كثير ، وأبي عمرو ، مثله . وقرأ أبو بكر الصديق ، وعروة ، وابن سيرين : « خَشَبٌ » بفتح الخاء ، والشين جميعاً . وقرأ أبو نهيك ، وأبو المتوكل ، وأبو عمران بفتح الخاء ، وتسكين الشين ، فوصفهم الله بحسن الصورة ، وإبانة المنطق ، ثم أعلم أنهم في ترك التفهُّم والاستبصار بمنزلة الخُشُب . والمُسَنَّدة : الممالة إلى الجدار . والمراد : أنها ليست بأشجار تثمر وتنمي ، بل خُشُبٌ مُسَنَّدةٌ إلى حائط . ثم عابهم بالجبن فقال تعالى : { يحسبون كل صيحة عليهم } أي : لا يسمعون صوتاً إلا ظنوا أنهم قد أُتوا لما في قلوبهم من الرعب أن يكشف الله أسرارهم ، وهذه مبالغة في الجبن . وأنشدوا في هذا المعنى : @ وَلَوْ أَنَّها عُصْفُورَةٌ لحَسِبْتَها مُسَوَّمةً تدعو عُبيْداً وَأَزْنَما @@ أي : لو طارت عصفورة لحسبتها من جبنك خيلاً تدعو هاتين القبيلتين . قوله تعالى : { هم العَدُوُّ فاحذرهم } أي : لا تأمنهم على سِرِّك ، لأنهم عيون لأعدائك من الكفار { قَاتَلَهم الله أَنَّى يُؤفكون } مفسر في [ براءة : 30 ] .