Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 64, Ayat: 1-6)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقد سبق تفسير فاتحتها إلى قوله تعالى : { فمنكم كافر ومنكم مؤمن } وفيه قولان . أحدهما : أن الله خلق بني آدم مؤمناً وكافراً ، رواه الوالبي عن ابن عباس . والأحاديث تعضد هذ القول ، كقوله عليه الصلاة والسلام : " خلق فرعون في بطن أمه كافراً ، وخلق يحيى بن زكريا في بطن أمه مؤمناً " ، وقوله : " فيؤمر الملك بأربع كلمات : بكتبِ رزقِهِ ، وأجلِهِ ، وعملِهِ ، وشقيٌ أم سعيدٌ " والثاني : أن تمام الكلام عند قوله تعالى : { خلقكم } ثم وصفهم ، فقال تعالى : { فمنكم كافر ومنكم مؤمن } ، واختلف أرباب هذا القول فيه على أربعة أقوال . أحدها : فمنكم كافر يؤمن ، ومنكم مؤمن يكفر ، قاله أبو الجوزاء عن ابن عباس . والثاني : فمنكم كافر في حياته مؤمن في العاقبة ، ومنكم مؤمن في حياته كافر ، في العاقبة ، قاله أبو سعيد الخدري . والثالث : فمنكم كافر بالله مؤمن بالكواكب ، ومنكم مؤمن بالله كافر بالكواكب ، قاله عطاء بن أبي رباح ، وعنى بذلك شأن الأنواء . والرابع : فمنكم كافر بالله خلقه ، ومؤمن بالله خلقه ، حكاه الزجاج . والكفر بالخلق مذهب الدهرية ، وأهل الطبائع . وما بعد هذا قد سبق إلى قوله تعالى : { وصوَّركم فأحسن صوركم } قال الزجاج : أي : خلقكم أحسن الحيوان كلِّه . وقرأ الأعمش « صوركم » بكسر الصاد . ويقال في جمع صورة : صُور ، وصِور ، كما يقال في جمع لحية : لِحىّ ، ولُحىّ . وذكر ابن السائب أن معنى « فأحسن صُوَركم » أحكمها . وما بعد هذا ظاهر إلى قوله تعالى : { ويعلم ما تسرون } روى المفضل عن عاصم « يسرُّون » و « يعلنون » بالياء فيهما { ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل } هذا خطاب لأهل مكة خوفهم ما نزل بالكفار قبلهم ، فذلك قوله تعالى : { فذاقوا وبال أمرهم } أي : جزاء أعمالهم ، وهو ما أصابهم من العذاب في الدنيا { ولهم عذاب أليم } في الآخرة { ذلك } الذي أصابهم { بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات } فينكرون ذلك ، ويقولون : { أبشر } أي : ناس مثلنا ، { يهدوننا ؟ ! } والبشر اسم جنس معناه الجمع ، وإن كان لفظه واحداً { فكفروا وتولَّوا } أي : أعرضوا عن الإيمان { واستغنى الله } عن إيمانهم وعبادتهم .