Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 65, Ayat: 1-1)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } قال الزجاج : هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم . والمؤمنون داخلون معه فيه . ومعناه : إذا أردتم طلاق النساء ، كقوله تعالى : { إذا قمتم إِلى الصلاة } [ المائدة : 6 ] وفي سبب نزول هذه الآية قولان . أحدهما : أنها نزلت حين طلَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم حَفْصَةَ ، وقيل له : راجعها ، فإنها صَوَّامةٌ قَوَّامةٌ ، وهي من إحدى زوجاتك في الجنة ، قاله أنس بن مالك . والثاني : أنها نزلت في عبد الله بن عمر ، وذلك أنه طلق امرأته حائضاً ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يراجعها ، ثم يمسكها حتى تطهر ، قاله السدي . قوله تعالى : { لِعِدَّتِهنَّ } أي : لزمان عِدَّتهن ، وهو الطهر . وهذا للمدخول بها ، لأن غير المدخول بها لا عدَّة عليها . والطلاق : على ضربين : سُنِّيٌّ ، وبِدْعيٌّ . فالسُّنِّيُّ : أن يطلِّقها في طهر لم يجامعها فيه ، وذلك هو الطلاق لِلْعِدَّة ، لأنها تعتدُّ بذلك الطهر من عدَّة ، وتقع في العدة عقيب الطلاق ، فلا يطول عليها زمان العدة . والطلاق البدعي : أن يقع في حال الحيض ، أو في طهر قد جامعها فيه ، فهو واقع ، وصاحبه آثم ، وإِن جمع الطلاق الثلاث في طهرٍ واحد ، فالمنصور من مذهبنا أنه بدعة . قوله تعالى : { وأحصوا العدة } أي : زمان العدة . وفي إحصائها فوائد . منها : مراعاة زمان الرجعة ، وأوان النفقة ، والسكنى ، وتوزيع الطلاق على الإقرار إذا أراد أن يطلِّق ثلاثاً ، ولِيَعْلَمَ أنها قد بانت ، فيتزوّج بأختها ، وأربع سواها . قوله تعالى : { واتقوا الله ربَّكم } أي : فلا تعصوه فيما أمركم به . { ولا تخرجوهن من بيوتهن } فيه دليل على وجوب السكنى . ونسب البيوت إليهن ، لسكناهن قبل الطلاق فيهن ، ولا يجوز لها أن تخرج في عدتها إلا لضرورة ظاهرة . فإن خرجت أثِمتْ { إلا أن يأتين بفاحشة } وفيها أربعة أقوال : أحدها : المعنى : إلا أن يخرجن قبل انقضاء المدة ، فخروجهن هو الفاحشة المبّينة ، وهذا قول عبد الله بن عمر ، والسدي ، وابن السائب . والثاني : أن الفاحشة : الزنا ، رواه مجاهد عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، والشعبي ، وعكرمة ، والضحاك . فعلى هذا يكون المعنى : إلا أن يزنين فَيُخْرَجْنَ لإقامة الحدِّ عليهنَّ . والثالث : الفاحشة : أن تبذُؤَ على أهلها ، فيحلُّ لهم إخراجها ، رواه محمد بن إبراهيم عن ابن عباس . والرابع : أنها إصابة حدٍّ ، فتخرج لإقامة الحدِّ عليها ، قاله سعيد ابن المسيب . قوله تعالى : { وتلك حدود الله } يعني : ما ذكر من الأحكام { ومن يتعدَّ حدود الله } التي بيَّنها . وأمر بها { فقد ظلم نفسه } أي : أثم فيما بينه وبين الله تعالى { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً } أي : يُوقع في قلب الزوج المحبَّة لرجعتها بعد الطَّلْقة والطلقتين . وهذا يدل على أن المستحب في الطلاق تفريقه ، وأن لا يجمع الثلاث .