Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 8-16)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فلا تطع المكذبين } وذلك أن رؤساء أهل مكة دَعَوْه إلى دين آبائه ، فنهاه الله أن يطيعهم { وَدُّوا لو تُدْهِنُ فيُدْهنون } فيه سبعة أقوال . أحدها : لو ترخص فيرخصون ، قاله ابن عباس . والثاني : لو تُصَانِعُهم في دِينك فَيَصانِعون في دينهم ، قاله الحسن . والثالث : لو تكفر فيكفرون ، قاله عطية ، والضحاك ، ومقاتل . والرابع : لو تَلِينُ فيلينون لك ، قاله ابن السائب . والخامس : لو تنافق وترائي فينافقون ويراؤون ، قاله زيد بن أسلم . والسادس : ودُّوا لو تداهن في دينك فيداهنون في أديانهم . وكانوا أرادوه على أن يعبد آلهتهم مُدَّة ، ويعبدوا الله مدة ، قاله ابن قتيبة . وقال أبو عبيدة : هو من المداهنة . والسابع : لو تقاربهم فيقاربونك ، قاله ابن كيسان . قوله تعالى : { ولا تطع كل حلاَّف } وهو كثير الحلف بالباطل { مَهينٍ } وهو الحقير الدنيء . وروى العوفي عن ابن عباس قال : المَهين : الكذَّاب . واختلفوا فيمن نزل هذا على ثلاثة أقوال . أحدها : أنه الوليد بن المغيرة ، قاله ابن عباس ، ومقاتل . والثاني : الأخنس بن شريق ، قاله عطاء ، والسدي . والثالث : الأسود بن عبد يغوث ، قاله مجاهد . قوله تعالى : { همَّاز } قال ابن عباس : هو المغتاب . وقال ابن قتيبة : هو العَيَّاب . قوله تعالى : { مَشَّاءٍ بنميم } أي : يمشي بين الناس بالنميمة ، وهو نقل الكلام السيء من بعضهم إلى بعض ليفسد بينهم { مَنَّاعٍ للخير } فيه قولان . أحدهما : أنه منع ولده وعشيرته الإسلام ، قاله ابن عباس . والثاني : مَنَّاعٍ للحقوق في ماله ، ذكره الماوردي . قوله تعالى : { معتدٍ } أي : ظلوم { أثيم } فاجر { عُتُلٍّ بعد ذلك } أي : مع ما وصفناه به . وفي « العُتُلِّ » سبعة أقوال . أحدها : أنه العاتي الشديد المنافق ، قاله ابن عباس . والثاني : أنه المتوفِّر الجسم ، قاله الحسن . والثالث : الشديدُ الأَشِرُ ، قاله مجاهد . والرابع : القويُّ في كفره ، قاله عكرمة . والخامس : الأكول الشروب القوي الشديد ، قاله عبيد بن عمير . والسادس : الشديد الخصومة بالباطل ، قاله الفراء . والسابع : أنه الغليظ الجافي ، قاله ابن قتيبة . وفي « الزنيم » أربعة أقوال . أحدها : أنه الدَّعيُّ في قريش وليس منهم ، رواه عطاء عن ابن عباس ، وهذا معروف في اللغة أن الزنيم : هوالملتصق في القوم وليس منهم ، وبه قال الفراء ، وأبو عبيدة ، وابن قتيبة . قال حسان : @ وَأَنْتَ زَنِيمٌ نِيطَ في آل هَاشِمٍ كما نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ القَدَحُ الفَرْدُ @@ والثاني : أنه الذي يعرف بالشَّرِّ ، كما تعرف الشاة بِزَنَمتها ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس . والثالث : أنه الذي له زَنَمة مثل زنمة الشاة . وقال ابن عباس : نُعت فلم يعرف حتى قيل : زنيم ، فعرف ، وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها . ولا نعلم أن الله تعالى بلغ من ذكر عيوب أحد ما بلغه من ذكر عيوب الوليد ، لأنه وصفه بالحلف ، والمهانة ، والعيب للناس ، والمشي بالنميمة ، والبخل ، والظلم ، والإثم ، والجفاء ، والدِّعوة ، فألحق به عاراً لا يفارقه في الدنيا والآخرة . والزَّنَمَتان : المعلقتان عند حلوق المعزى . وقال ابن فارس : يعني التي تتعلق من أذنها . والرابع : أنه الظلوم ، رواه الوالبي عن ابن عباس . قوله تعالى : { أن كان ذا مال وبنين } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، والكسائي ، وحفص عن عاصم : « أن كان » على الخبر ، أي : لأن كان . والمعنى : لا تطعه لماله وبنيه . وقرأ ابن عباس بهمزتين ، الأولى : مخففة . والثانية : ملينة ، وفصل بينهما بألف أبو جعفر . وقرأ حمزة : « أأن كان » بهمزتين مخففتين على الاستفهام ، وله وجهان . أحدهما : لأن كان ذا مال تطيعه ؟ ! . والثاني : ألأن كان ذا مال وبنين ، { إِذا تتلى عليه آياتنا } يكفر بها ؟ فيقول : { أساطير الأولين } ذكر القولين الفراء . وقرأ ابن مسعود : « أن كان » بهمزة واحدة مقصورة . ثم أوعده فقال تعالى : { سنسمه على الخرطوم } الخرطوم : الأنف . وفي هذه السِّمة ثلاثة أقوال . أحدها : سنسمه بالسيف ، فنجعل ذلك علامة على أنفه ما عاش ، فقاتل يوم بدر فخطم بالسيف ، قاله ابن عباس . والثاني : سنُلْحق به شيئاً لا يفارقه ، قاله قتادة ، واختاره ابن قتيبة . والثالث : أن المعنى : سَنُسَوِّد وجهه . قال الفراء : و « الخرطوم » وإِن كان قد خص بالسِّمة ، فإنه في مذهبٍ الوجه ، لأن بعض الوجه يؤدِّي عن البعض . وقال الزجاج : سنجعل له في الآخرة العلم الذي يعرف به أهل النار من اسوداد وجوههم . وجائز والله أعلم أن يفرد بسمة لمبالغته في عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم يتبيَّن بها عن غيره .