Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 69, Ayat: 1-12)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الحاقة } : القيامة . قال الفراء : إنما قيل لها : حاقة ، لأن فيها حواق الأمور . وقال الزجاج : إنما سميت الحاقة ، لأنها تحق كل إنسان بعمله من خير وشر . قوله تعالى : { ما الحاقة ؟ } هذا استفهام ، معناه التفخيم لشأنها ، كما تقول : زيد ، وما زيد ؟ على التعظيم لشأنه . ثم زاد في التهويل بأمرها ، فقال تعالى : { وما أدراك ما الحاقة } أي : لأنك لم تعاينها ، ولم تدر ما فيها من الأهوال . ثم أخبر عن المكذِّبين بها ، فقال تعالى : { كَذَّبَتْ ثمودُ وعادٌ بالقارعة } قال ابن عباس : القارعة : اسم من أسماء يوم القيامة . قال مقاتل : وإنما سميت بالقارعة ، لأن الله تعالى يقرع أعداءه بالعذاب . وقال ابن قتيبة : القارعة : القيامة لأنها تقرع ، يقال : أصابتهم قوارع الدهر . وقال الزجاج : لأنها تقرع بالأهوال . وقال غيرهم : لأنها تقرع القلوب بالفزع . فأما { الطاغية } ففيها ثلاثة أقوال . أحدها : أنها طغيانهم وكفرهم ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، ومقاتل ، وأبو عبيدة ، وابن قتيبة ، قال الزجاج : ومعنى الطاغية عند أهل اللغة : طغيانهم و « فاعلة » قد يأتي بمعنى المصادر ، نحو عاقبة ، وعافية . والثاني : بالصيحة الطاغية ، قاله قتادة . وذلك أنها جاوزت مقدار الصياح فأهلكتهم . والثالث : أن الطاغية : عاقر الناقة ، قاله ابن زيد . والريح الصرصر قد فسرناها في [ حم السجدة : 16 ] والعاتية : التي جاوزت المقدار . وجاء في التفسير أنها عَتَتْ على خُزَّانها يومئذ ، فلم يكن لهم عليها سبيل . قوله تعالى : { سخَّرها عليهم } أرسلها وسلَّطها . والتسخير : استعمال الشيء بالاقتدار . وفي قوله تعالى : { حسوماً } ثلاثة أقوال . أحدها : تباعاً ، قاله ابن عباس . قال الفراء : الحسوم : التِّباع ، يقال في الشيء إذا تتابع ، فلم ينقطع أوله عن آخره : حسوم . وإِنما أُخِذَ والله أعلم من حَسْمِ الدَّاءِ : إذا كُوي صاحبُه ، لأنه يحمى ثم يكوى ، ثم يتابع الكي عليه . والثاني : كاملة ، قاله الضحاك . فيكون المعنى : أنها حسمت الليالي والأيام فاستوفتها على الكمال ، لأنها ظهرت مع طلوع الشمس ، وذهبت مع غروبها . قال مقاتل : هاجت الريح غُدْوَةً ، وسكنت بالعَشِيِّ في اليوم الثامن ، وقبضت أرواحهم في ذلك اليوم ، ثم بعث الله طيراً أسود فالتقطهم حتى ألقاهم في البحر . والثالث : أنها حسمتهم ، فلم تبق منهم أحداً ، أي : أذهبتهم وأفنتهم ، هذا قول ابن زيد . قوله تعالى : { فترى القوم فيها } أي : في تلك الليالي والأيام { صرعى } وهو جمع صريع ، لأنهم صرعوا بموتهم { كأنهم أعجاز نخل } أي : أصول نخل { خاوية } أي : بالية . وقد بيَّنَّا هذا في سورة [ القمر : 20 ] . قوله تعالى : { فهل ترى لهم من باقية } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : من بقاءٍ ، قاله الفراء . والثاني : من بقية ، قاله أبو عبيدة . قال : وهو مصدر كالطاغية . والثالث : هل ترى لهم من أثر ؟ قاله ابن قتيبة { وجاء فرعون ومَن قبله } قرأ أبو عمرو ، ويعقوب ، والكسائي ، وأبان : بكسر القاف ، وفتح الباء . والباقون : بفتح القاف ، وإسكان الباء . فمن كسر القاف أراد : من يليه ويَحفّ به من جنوده وأتباعه . ومن فتحها أراد : من كان قبله من الأمم الكافرة . وفي « المؤتفكات » ثلاثة أقوال . أحدها : قرى قوم لوط . والمعنى : وأهل المؤتفكات ، قاله الأكثرون . والثاني : أنهم الذين ائتفكوا بذنوبهم ، أي : هلكوا بالذنوب التي معظمها الإفك . وهو الكذب ، قاله الزجاج . والثالث : أنه قارون وقومه ، حكاه الماوردي . قوله تعالى : { بالخاطئة } قال ابن قتيبة : أي : بالذنوب ، وقال الزجاج : الخاطئة : الخطأ العظيم { فعصَوْا رسول ربهم } أي : كذَّبوا رسلهم { فأخذهم أخذةً رابيةً } أي : زائدة على الأحداث { إنا لما طغى الماء } أي : تجاوز حدَّه حتى علا على كل شيء في زمن نوح { حملناكم } يعني : حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم { في الجارية } وهي : السفينة التي تجري في الماء { لنجعلها } أي : لنجعل تلك الفَعْلةَ التي فعلنا من إغراق قوم نوح ، ونجاة من حملنا معه { تذكرةً } أي : عبرةً ، وموعظةً { وتعيها أذن واعية } أي : أُذُنٌ تحفظُ ما سمعَتْ ، وتعمل به . وقال الفراء : لتحفظها كل أُذُن ، فتكون عظة لمن يأتي بعده .