Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 69, Ayat: 13-37)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فإذا نفخ في الصور نفخةٌ واحدةٌ } وفيها قولان . أحدهما : أنها النفخة الأولى ، قاله عطاء . والثاني : الأخيرة ، قاله ابن السائب ، ومقاتل . { وحُمِلَت الأرضُ والجبالُ } أي : حملت الأرض والجبال وما فيها { فَدُكَّتا دكةً واحدةً } أي : كسرتا ، ودقَّتا دقَّةً واحدة ، لا يثنى عليها حتى تستوي بما عليها من شيءٍ ، فتصير كالأديم الممدود . وقد أشرنا إلى هذا المعنى في ( الأعراف ) عند قوله تعالى : { جعله دكاً } [ آية : 143 ] . قال الفراء : وإنما قال : فدكتا ، ولم يَقُل فَدُكِكْنَ ، لأنه جعل الجبال كالشيء الواحد ، كقوله تعالى : { أن السموات والأرض كانتا رتقاً } [ الأنبياء : 30 ] ، وانشدوا : @ هُمَا سَيِّدَانَا يَزْعُمانِ وَإنَّما يَسُودَانِنَا أَنْ يَسَّرَتْ غَنَماهُما @@ والعرب تقول : قد يسرت الغنم : إذا ولدت ، أو تهيأت للولادة . قوله تعالى : { فيومئذ وقعت الواقعة } أي : قامت القيامة { وانشقت السماء } لنزول من فيها من الملائكة { فهي يومئذ واهية } فيه قولان . أحدهما : أن وَهْيَها : ضَعْفُها وتمزُّقْها من الخوف ، قاله مقاتل . والثاني : أنه تشققها ، قاله الفراء { والملك } يعني : الملائكة ، فهو اسم جنس { على أرجائها } أي : على جوانبها . قال الزجاج : ورجاء كل شيء : ناحيته ، مقصور . والتثنية : رجوان ، والجمع : أرجاء . وأكثر المفسرين على أن المشار إليها السماء . قال الضحاك : إذ انشقت السماء كانت الملائكة على حافتها حتى يأمرهم الله تعالى ، فينزلون إلى الأرض ، فيحيطون بها ، ومن عليها . وروي عن سعيد بن جبير أنه قال : على أرجاء الدنيا . قوله تعالى : { ويحمل عرش ربك فوقهم } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : فوق رؤوسهم ، أي : العرش على رؤوس الحَمَلة ، قاله مقاتل . والثاني : فوق الذين على أرجائها ، أي : أن حملة العرش فوق الملائكة الذين هم على أرجائها . والثالث : أنهم فوق أهل القيامة ، حكاهما الماوردي { يومئذ } أي : يوم القيامة { ثمانية } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : ثمانية أملاك . وجاء في الحديث أنهم اليوم أربعة ، فإذا كان يوم القيامة أمدهم الله بأربعة أملاك آخرين ، هذا قول الجمهور . والثاني : ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عدتهم إلا الله عز وجل ، قاله ابن عباس ، وابن جبير ، وعكرمة . والثالث : ثمانية أجزاء من الكروبيين لا يعلم عددهم إِلا الله ، قاله مقاتل . وقد روى أبو داود في « سننه » من حديث جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أُذِنَ لي أن أُحَدِّثَ عن مَلَك من ملائكة الله من حملة العرش ، أن ما بين شحمة أُذُنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام " . قوله تعالى : { يومئذ تُعْرَضُون } على الله لحسابكم { لا تخفى } عليه . قرأ حمزة ، والكسائي : « لا يخفى » بالياء . وقرأ الباقون بالتاء . والمعنى : لا يخفى عليه { منكم خافية } أي : نفس خافية ، أو فَعْلَة خافية . وفي حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فجدال ، ومعاذير ، وأما الثالثة ، فعندها تتطاير الصحف في الأيدي ، فآخذ بيمينه ، وآخذ بشماله ، وكان عمر بن الخطاب يقول : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوها قبل أن توزنوا ، وتزيَّنوا للعرض الأكبر ، يومئذ لا تخفى منكم خافية . { فيقول : هاؤم } قال الزجاج : « هاؤم » أمر من الجماعة . بمنزلة هاكم . تقول للواحد : ها يا رجل ، وللاثنين : هاؤما يا رجلان . وللثلاثة : هاؤم يا رجال . قال المفسرون : إنما يقول هذا ثقة بسلامته وسروراً بنجاته . وذكر مقاتل أنها نزلت في أبي سلمة بن عبد الأسد . قوله تعالى : { إني ظننت } أي : علمت وأيقنت في الدنيا { أني ملاقٍ حسابِيَهْ } أي : أبعث ، وأحاسب في الآخرة { فهو في عيشة } أي : حالة من العيش { راضية } قال الفراء : أي : فيها الرضى . وقال الزجاج : أي : ذات رضىً يرضاها من يعيش فيها . وقال أبو عبيدة : مجازها مجاز مرضية { في جنَّةٍ عاليةٍ } أي : عالية المنازل { قطوفها } أي : ثمارها { دانيةٌ } أي : قريبة ممن يتناولها ، وهي جمع قطف . والقطف : ما يقطف من الثمار . قال البراء بن عازب : يتناول الثمرة وهو نائم . قوله تعالى : { كلوا } أي : يقال لهم : كلوا { واشربوا هنيئاً بما أسلفتم } أي : قَدَّمتم من الأعمال الصالحة { في الأيام الخالية } الماضية ، وهي أيام الدنيا . { وأما من أوتي كتابه بشماله } قال مقاتل : نزلت في الأسود بن عبد الأسود ، قتله حمزة ببدر ، وهو أخو أبي سلمة . وقيل : نزلت في أبي جهل . قوله تعالى : { يا ليتني لم أوت كتابيه } وذلك لما يرى فيه من القبائج { ولم أدر ما حسابيه } لأنه لا حاصل له في ذلك الحساب ، إنما كلُّه عليه . وكان ابن مسعود . وقتادة ، ويعقوب ، يحذفون الهاء من « كتابيه » ، و « حسابيه » في الوصل . قال الزجاج : والوجه أن يوقف على هذه الهاآت ، ولا توصل ، لأنها أدخلت للوقف . وقد حذفها قوم في الوصل ، ولا أُحبُّ مخالفة المصحف ، وكذلك قوله تعالى : { وما أدراك ماهيه } [ القارعة : 10 ] . قوله تعالى : { يا ليتها } يعني : الموتة التي ماتها في الدنيا { كانت القاضية } أي القاطعة للحياة ، فكأنه تمنَّى دوام الموت ، وأنه لم يُبْعَثْ للحساب { هلك عني سلطانيه } فيه قولان . أحدهما : ضلَّت عني حجتي ، قاله مجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، والسدي . والثاني : زال عني ملكي ، قاله ابن زيد . قوله تعالى : { خذوه } أي : يقول الله تعالى : { خذوه فغلُّوه } أي : اجمعوا يده إلى عنقه { ثم الجحيم صَلُّوه } أي : أدخلوه النار . وقال الزجاج : اجعلوه يَصْلَى النَّارَ { ثم في سِلْسِلَةٍ } وهي : حَلَقٌ منتظمة { ذَرْعُها سبعون ذراعاً } قال ابن عباس : بذراع المَلَك . وقال نوفٌ الشامي : كل ذراع سبعون باعاً . الباع أبعد مما بينك وبين مكة ، وكان في رحبة الكوفة . وقال سفيان : كل ذراع سبعون ذراعاً . وقال مقاتل : ذرعها سبعون ذراعاً بالذراع الأول . ويقال : إن جميع أهل النار في تلك السلسلة . قوله تعالى : { فاسلكوه } أي : أدخلوه . قال الفراء : وذكر أنها تدخل في دبر الكافر فتخرج من رأسه ، فذلك سلكه فيها . والمعنى : ثم اسكلوا فيه السلسلة ، ولكن العرب تقول : أدخلت رأسي في القلنسوة ، وأدخلتها في رأسي . ويقال : الخاتم لا يدخل في يدي ، وإنما اليد تدخل في الخاتم ، وإنما استجازوا ذلك ، لأن معناه معروف . قوله تعالى : { إنه كان لا يؤمن بالله العظيم } أي : لا يصدِّق بوحدانيته وعظمته { ولا يَحُضُّ على طعام المسكين } أي : لا يطعمه ، ولا يأمر بإطعامه { فليس له اليوم هاهنا حميم } أي : قريب ينفعه ، أي : يشفع له { ولا طعام إلا من غسلين } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أنه صديد أهل النار ، قاله ابن عباس . قال مقاتل : إِذا سال القيح ، والدم ، بادروا أكله قبل أن تأكله النار . والثاني : شجر يأكله أهل النار ، قاله الضحاك ، والربيع : والثالث : أنه غُسَالَةُ أجوافهم ، قاله يحيى بن سلام . قال ابن قتيبة : وهو « فِعْلِين » من « غسلت » كأنه غسالة . قوله تعالى : { إلا الخاطئون } يعني : الكافرين .