Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 149-152)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ولما سُقِط في أيديهم } أي : ندموا . قال الزجاج : يقال للرجل النادم على ما فعل : المتحسر على ما فرّط . قد سُقط في يده ، وأُسقط في يده . وقرأ ابن السميفع ، وأبو عمران الجوني : « سَقَطَ » بفتح السين . قال الزجاج : والمعنى : ولما سَقَط الندمُ في أيديهم ، يشبِّه ما يحصل في القلب وفي النفس بما يُرى بالعين . قال المفسرون : هذا الندم منهم إنما كان بعد رجوع موسى . قوله تعالى : { لئن لم يرحمنا ربنا } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر وعاصم : « يرحْمنا ربُّنا » « ويغفرْ لنا » بالياء والرفع . وقرأ حمزة ، والكسائي ، « ترحمنا » « وتغفر لنا » بالتاء ، « ربنا » بالنصب . قوله تعالى : { غضبان أسِفاً } في الأسِفِ ثلاثة أقوال . أحدها : أنه الحزين ، قاله ابن عباس ، والحسن ، والسدي . والثاني : الجزِع ، قاله مجاهد . والثالث : أنه الشديد الغضب ، قاله ابن قتيبة ، والزجاج . وقال أبو الدرداء : الأسف : منزلة وراء الغضب أشدّ منه . قوله تعالى : { قال } أي لقومه { بئسما خلفتموني من بعدي } فتح ياء « بعديَ » أهل الحجاز ، وأبو عمرو ؛ والمعنى : بئس ما عملتم بعد فراقي من عبادة العجل . { أعجِلتم أمر ربكم } قال الفراء : يقال : عَجِلْتُ الأمر والشيء : سبقتُه ، ومنه هذه الآية . وأعجلته : استحثثته . قال ابن عباس : أعجلتم ميعاد ربكم فلم تصبروا له ؟ ! قال الحسن : يعنيَ وَعْدَ الأربعين ليلة . قوله تعالى : { وألقى الألواح } التي فيها التوراة . وفي سبب إلقائه إياها قولان . أحدهما : أنه الغضب حين رآهم قد عبدوا العجل ، قاله ابن عباس . والثاني : أنه لما رأى فضائل غير أُمته من أُمة محمد صلى الله عليه وسلم اشتد عليه ، فألقاها ، قاله قتادة . وفيه بُعد . قال ابن عباس : لما رمى بالألواح فتحطمت ، رُفع منها ستة أسباع ، وبقي سُبع . قوله تعالى : { وأخذ برأس أخيه } في ما أخذ به من رأسه ثلاثة أقوال . أحدها : لحيته وذؤابته . والثاني : شعر رأسه . والثالث : أُذنه . وقيل : إنما فعل به ذلك ، لأنه توهم أنه عصى الله بمُقامه بينهم وتركِ اللحوق به ، وتعريفِه ما أحدثوا بعده ليرجع إليهم فيتلافاهم ويردهم إلى الحق ، وذلك قوله : { ما منعك إذ رأيتهم ضلُّوا . ألاَّ تتَّبعن } [ طه : 92 ، 93 ] . قوله تعالى : { ابن أُمَّ } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وحفص عن عاصم قال : { ابن أُمَّ } نصباً . وقرأ ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، وأبو بكر . عن . عاصم : بكسر الميم ، وكذلك في [ طه : 94 ] قال الزجاج : من فتح الميم ، فلكثرة استعمال هذا الاسم ، ومن كسر ، أضافه إلى نفسه بعد أن جعله اسماً واحداً ، ومن العرب من يقول : « يا ابن أمي » باثبات الياء . قال الشاعر : @ يَا ابْنَ أُمِّي ويَا شُقَيِّقَ نَفْسِي أنتَ خَلَّفْتَنِي لدهرٍ شديدِ @@ وقال أبو علي : يحتمل أن يريد من فتح : « يا ابن أم » أُمَّا ، ويحذف الألف ، ومن كسر « ابن أمي » فيحذف الياء . فان قيل : لم قال : « يا ابن أمَّ » ولم يقل : « يا ابن أب » ؟ فالجواب : أن ابن عباس قال : كان أخاه لأبيه وأُمه ، وإنما قال له ذلك ليرفِّقه عليه . قال أبو سليمان الدمشقي : والإِنسان عند ذكر الوالدة أرقُّ منه عند ذكر الوالد . وقيل : كان لأمه دون أبيه ، حكاه الثعلبي . قوله تعالى : { إن القوم } يعني : عبدة العجل . { استضعفوني } أي : استذلُّوني . { فلا تُشمت بيَ الأعداء } قرأ عبد الله بن عباس ، ومالك بن دينار ، وابن عاصم : « فلا تَشْمَت » بتاء مفتوحة مع فتح الميم ، « الاعداءُ » بالرفع . وقرأ مجاهد ، وأبو العالية ، والضحاك ، وأبو رجاء : « فلا تَشْمِتْ » بفتح التاء وكسر الميم ، « الأعداءَ » بالنصب . وقرأ أبو الجوزاء ، وابن أبي عبلة مثل ذلك ، إلا أنهما رفعا « الأعداء » ويعني بالأعداء : عبدة العجل . { ولا تجعلني } في موجدتك وعقوبتك لي { مع القوم الظالمين } وهم عبدة العجل . فلما تبين له عُذْرُ أخيه { قال رب اغفر لي } . قوله تعالى : { وذلَّةُ في الحياة الدنيا } فيها قولان . أحدهما : أنها الجزية ، قاله ابن عباس . والثاني : ما أمروا به من قتل أنفسهم ، قاله الزجاج . فعلى الأول يكون ما أُضيف إليهم من الجزية في حق أولادهم ، لأن أولئك قُتلوا ولم يؤدّوا جزية . قال عطية : وهذه الآية فيما أصاب بني قريظة والنضير من القتل والجلاء لتولِّيهم متخذي العجل ورضاهم به . قوله تعالى : { وكذلك نجزي المفترين } قال ابن عباس : كذلك أُعاقب من اتخذ إلهاً دوني . وقال مالك بن انس : ما من مبتدع الا وهو يجد فوق رأسه ذلَّة ، وقرأ هذه الاية . وقال سفيان بن عيينة : ليس في الأرض صاحب بدعة إلا وهو يجد ذلَّة تغشاه ، قال : وهي في كتاب الله تعالى ، قالوا : وأين هي ؟ قال : أوما سمعتم قوله : { إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلَّة في الحياة الدنيا } . قالوا : يا أبا محمد ، هذه لأصحاب العجل خاصة ، قال : كلا ، أُتلوا ما بعدها : { وكذلك نجزي المفترين } فهي لكل مفترٍ ومبتدع إلى يوم القيامة .