Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 156-158)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { واكتب لنا } أي : حقق لنا وأوجب { في هذه الدنيا حسنة } وهي : الأعمال الصالحة { وفي الآخرة } المغفرة والجنة { إنا هُدْنا إليك } أي : تبنا ، قاله ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وأبو العالية ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي . وقال ابن قتيبة : ومنه { الذين هادوا } [ البقرة : 62 ] كأنهم رجعوا من شيء إلى شيء . وقرأ أبو وجزة السعدي : « إنا هِدنا » بكسر الهاء . قال ابن الأنباري : المعنى : لا نتغيَّر ؛ يقال هاد يهود ويهيد . قوله تعالى : { قال عذابي أُصيبُ به من أشاء } وقرأ الحسن البصري ، والأعمش وأبو العالية : « من أساء » بسين غير معجمة مع النصب . قوله تعالى : { ورحمتي وسعت كل شيء } في هذا الكلام أربعة اقوال . أحدها : أن مخرجه عام ، ومعناه خاص ، وتأويله : ورحمتي وسعت المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، لقوله تعالى : { فسأكتبها للذين يتقون } قاله ابن عباس . والثاني : أن هذه الرحمة على العموم في الدنيا ، والخصوص في الآخرة ، وتأويلها : ورحمتي وسعت كل شيء في الدنيا ، البرَّ والفاجر ، وفي الآخرة هي للمتقين خاصة ، قاله الحسن ، وقتادة . فعلى هذا ، معنى الرحمة في الدنيا للكافر : أنه يُرزق ويُدفع عنه ، كقوله في حق قارون : { وأحسنْ كما أحسن إليك } [ القصص : 77 ] . والثالث : أن الرحمة : التوبة ، فهي على العموم ، قاله ابن زيد . والرابع : أن الرحمة تَسَع كل الخلق ، إلا أن أهل الكفر خارجون منها ، فلو قدِّر دخولهم فيها لوسعتهم ، قاله ابن الانباري . قال الزجاج : وسعت كل شيء في الدنيا . { فسأكتبها للذين يتقون } في الآخرة . قال المفسرون : معنى { فسأكتبها } ؛ فسأوجبها . وفي الذين يتقون قولان . أحدهما : أنهم المتقون للشرك ، قاله ابن عباس . والثاني : للمعاصي ، قاله قتادة . وفي قوله : { ويؤتون الزكاة } قولان . أحدهما : أنها زكاة الأموال ، قاله الجمهور . والثاني : أن المراد بها : طاعة الله ورسوله ، قاله ابن عباس ، والحسن ، ذهبا إلى أنها العمل بما يزكِّي النفس ويطهِّرها . وقال ابن عباس ، وقتادة : لما نزلت { ورحمتي وسعت كل شيء } قال إبليس : أنا من ذلك الشيء ، فنزعها الله من إبليس ، فقال : { فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآيتنا يؤمنون } فقالت اليهود : نحن نتَّقي ، ونؤتي الزكاة ، ونؤمن بآيات ربنا ، فنزعها الله منهم ، وجعلها لهذه الأمة ، فقال : { الذين يتبعون الرسول النبيَّ الأميَّ } وقال نَوفٌ : قال الله تعالى لموسى : أجعل لكم الأرض طهوراً ومسجداً ، وأجعل السكينة معكم في بيوتكم ، وأجعلكم تقرؤون التوراة عن ظهور قلوبكم ، يقرؤها الرجل منكم ، والمرأة ، والحر ، والعبد ، والصغير ، والكبير ، فأخبر موسى قومه بذلك ، فقالوا : لا نريد أن نصليَ إلا في الكنائس والبِيَع ، ولا أن تكون السكينة إلا في التابوت ، ولا أن نقرأ التوراة إلا نظراً ، فقال الله تعالى : { فسأكتبها للذين يتقون } إلى قوله : { المفلحون } . وفي هؤلاء المذكورين في قوله : { للذين يتقون ويؤتون الزكاة } إلى قوله : { المفلحون } قولان . أحدهما : أنهم كل من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وتبعه ، قاله ابن عباس . والثاني : أنه محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله السدي ، وقتادة . وفي تسميته بالأمي قولان . أحدهما : لأنه لا يكتب . والثاني : لأنه من أُمَّ القرى . قوله تعالى : { الذي يجدونه مكتوباً عندهم } أي : يجدون نعته ونبوَّته . قوله تعالى : { يأمرهم بالمعروف } قال الزجاج : يجوز أن يكون مستأنَفاً ، ويجوز أن يكون « يجدونه مكتوباً عندهم » أنه يأمرهم بالمعروف . قال ابن عباس : المعروف : مكارم الأخلاق ، وصلة الارحام . والمنكر : عبادة الأوثان ، وقطع الأرحام . وقال مقاتل : المعروف : الإيمان ، والمنكر : الشر . وقال غيره : المعروف : الحق ، لأن العقول تعرف صحته ، والمنكر : الباطل ، لأن العقول تنكر صحته . وفي الطيبات أربعة أقوال . أحدها : أنها الحلال ، والمعنى : يُحل لهم الحلال . والثاني : أنها ما كانت العرب تستطيبه . والثالث : أنها الشحوم المحرَّمة على بني إسرائيل . والرابع : ما كانت العرب تحرِّمه من البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحام . وفي الخبائث ثلاثة أقوال . أحدها : أنها الحرام ، والمعنى : ويحرِّم عليهم الحرام . والثاني : أنها ما كانت العرب تستخبثه ولا تأكله ، كالحيات ، والحشرات . والثالث : ما كانوا يستحلُّونه من الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير . قوله تعالى : { ويضع عنهم إصرهم } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي : « إِصرهم » . وقرأ ابن عامر : « آصارهم » ممدودة الألف على الجمع . وفي هذا الإِصر قولان . أحدهما : أنه العهد الذي أخذ الله على بني إسرائيل أن يعملوا بما في التوراة ، قاله ابن عباس . والثاني : التشديد الذي كان عليهم من تحريم السبت ، وأكل الشحوم والعروق ، وغير ذلك من الأمور الشاقة ، قاله قتادة . وقال مسروق : لقد كان الرجل من بني إسرائيل يذنب الذنب ، فيصبح وقد كُتب على باب بيته : إن كفارته أن تنْزِع عينيك فيْنزِعهُما . قوله تعالى : { والأغلال التي كانت عليهم } قال الزجاج : ذِكر الأغلال : تمثيل ، ألا ترى أنك تقول : جعلت هذا طوقاً في عنقك ، وليس هناك طوق ، إنما جعلت لزومه كالطوق . والأغلال : أنه كان عليهم أن لا يُقبَل منهم في القتل دية ، وأن لا يعملوا في السبت ، وأن يَقْرِضُوا ما أصاب جلودهم من البول . قوله تعالى : { فالذين آمنوا به } يعني : بمحمد صلى الله عليه وسلم { وعزَّروهُ } وروى أبان « وعَزَروه » بتخفيف الزاي . وفي المعنى قولان . أحدهما : نصروه وأعانوه ، قاله مقاتل . والثاني : عظَّموه ، قاله ابن قتيبة . والنور الذي أنزل معه : القرآن ، سماه نورا ، لأن بيانه في القلوب كبيان النور في العيون . وفي قوله « معه » قولان . أحدهما : أنها بمعنى « عليه » . والثاني : بمعنى أُنزل في زمانه ، قال قتادة . أما نصره ، فقد سُبقتم إليه ، ولكن خيركم من آمن به واتبع النور الذي أُنزل معه . قوله تعالى : { الذي يؤمن بالله وكلماته } في الكلمات قولان . أحدهما : أنها القرآن ، قاله ابن عباس . وقال قتادة : كلماته : آياته . والثاني : أنها عيسى بن مريم ، قاله مجاهد ، والسدي .