Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 175-175)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { واتل عليهم } قال الزجاج : هذا نسق على ما قبله ، والمعنى : أتل عليهم إذ أخذ ربك ، { واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا } وفيه ستة أقوال . أحدها : أنه رجل من بني إسرائيل ، يقال له : بلعم بن أبر ، قاله ابن مسعود . وقال ابن عباس : بلعم بن باعوراء . وروي عنه : أنه بلعام بن باعور ، وبه قال مجاهد ، وعكرمة ، والسدي . وروى العوفي عن ابن عباس أن بلعماً من أهل اليمن . وروى عنه ابن أبي طلحة أنه من مدينة الجبَّارين . والثاني : أنه أُميَّة بن أبي الصلت ، قاله عبد الله بن عمرو بن العاص ، وسعيد بن المسيب ، وأبو روق ، وزيد بن أسلم ، وكان أمية قد قرأ الكتب ، وعلم أن الله مرسِل رسولاً ، ورجا أن يكون هو ، فلما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم ، حسده وكفر . والثالث : أنه أبو عامر الراهب ، روى الشعبي عن ابن عباس قال الأنصار : تقول هو الراهب الذي بُني له مسجد الشِّقاق ، وروي عن ابن المسيب نحوه . والرابع : أنه رجل كان في بني اسرائيل أعطي ثلاث دعوات يستجاب له فيهن ، وكانت له امرأة له منها ولد ، وكانت سمجة دميمة ، فقالت : ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل ، فدعا الله لها ، فلما علمت أنه ليس في بني إسرائيل مثلها ، رغبت عن زوجها وأرادت غيره ، فلما رغبت عنه ، دعا الله أن يجعلها كلبة نَبَّاحَةً ، فذهبت منه فيها دعوتان ، فجاء بنوها وقالوا : ليس بنا على هذا صبر أن صارت أمُّنا كلبةً نبَّاحة يعيِّرنا الناس بها ، فادع الله أن يردَّها إلى الحال التي كانت عليها أولاً ، فدعا الله ، فعادت كما كانت ، فذهبت فيها الدعوات الثلاث ، رواه عكرمة عن ابن عباس ، والذي روي لنا في هذا الحديث « وكانت سَمِجة » بكسر الميم ، وقد روى سيبويه عن العرب أنهم يقولون : رجل سَمْج : بتسكين الميم ، ولم يقولوا : سَمِج ؛ بكسرها . والخامس : أنه المنافق ، قاله الحسن . والسادس : أنه كل من انسلخ من الحق بعد أن أُعطيَه من اليهود والنصارى والحنفاء ، قاله عكرمة . وفي الآيات خمسة أقوال . أحدها : أنه اسم الله الأعظم ، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال ابن جبير . والثاني : أنها كتاب من كتب الله عز وجل . روى عكرمة عن ابن عباس قال : هو بلعام ، أوتي كتاباً فانسلخ منه . والثالث : أنه أوتي النُّبُوَّةَ ، فَرَشاهُ قومه على أن يسكت ، ففعل وتركهم على ما هم عليه ، قاله مجاهد ، وفيه بُعد ، لأن الله تعالى لا يصطفي لرسالته إلا معصوماً عن مثل هذه الحال . والرابع : أنها حُجج التوحيد ، وفهم أدلّته . والخامس : أنها العلم بكتب الله عز وجل ، والمشهور في التفسير أنه بلعام ، وكان من أمره على ما ذكره المفسرون أن موسى عليه السلام غزا البلد الذي هو فيه ، وكانوا كفاراً ، وكان هو مجاب الدعوة ، فقال ملكهم : ادع على موسى ، فقال : إنه من أهل ديني ، ولا ينبغي لي أن أدعوَ عليه ، فأمر الملك أن تنحت خشبة لصَلبه ، فلما رأى ذلك ، خرج على أتان له ليدعوَ على موسى ، فلما عاين عسكرهم ، وقفت الأتان فضربها ، فقالت : لم تضربني ، وهذه نار تتوقَّد قد منعتني أن أمشي ؟ فارجع ، فرجع إلى الملك فأخبره ، فقال : إما أن تدعو عليهم ، وإما أن أصلبك ، فدعا على موسى باسم الله الأعظم أن لا يدخل المدينة ، فاستجاب الله له ، فوقع موسى وقومه في التيه بدعائه ، فقال موسى : يا ربِّ بأي ذنب وقعنا في التيه ؟ فقال : بدعاء بلعم ، فقال : يا رب فكما سمعت دعاءه عليَّ ، فاسمع دعائي عليه ، فدعا اللهَ أن ينزع منه الاسم الأعظم ، فنُزع منه . وقيل : إن بلعام أمر قومه أن يزيِّنوا النساء ويرسلوهنَّ في العسكر ليَفشو الزنا فيهم ، فيُنصروا عليهم . وقيل : إن موسى قتله بعد ذلك . وروى السدي عن أشياخه أن بلعم أتى إلى قومه متبرِّعاً ، فقال : لا ترهبوا بني إسرائيل ، فانكم إذا خرجتم لقتالهم ، دعوتُ عليهم فهلكوا ، فكان فيما شاء عندهم من الدنيا ، وذلك بعد مضي الأربعين سنة التي تاهوا فيها ، وكان نبيهم يوشع لا موسى . قوله تعالى : { فانسلخ منها } أي : خرج من العلم بها . قوله تعالى : { فأَتْبعه الشيطان } قال ابن قتيبة : أدركه . يقال : اتبَّعتُ القوم : إذا لحقتَهم ، وتبعتُهم : سرتُ في أثرهم . وقرأ طلحة بن مصرِّف : « فاتّبعه » بالتشديد . وقال اليزيدي : أتبْعه واتَّبعه : لغتان . وكأن « أتْبعه » خفيفة بمعنى : قفاه ، « واتَّبعه » مشددة : حذا حذوه . ولا يجوز أن تقول : أتبْعناك ، وأنت تريد : اتَّبعناك ، لأن معناها : اقتدينا بك . وقال الزجاج : يقال : تبع الرجل الشيء واتَّبعه بمعنى واحد . قال الله تعالى : { فمن تَبِعَ هُدَايَ } [ البقرة : 38 ] وقال : { فاتبعهم فرعونُ } [ يونس : 90 ] . قوله تعالى : { فكان من الغاوين } فيه قولان . أحدهما : من الضالين ، قاله مقاتل . والثاني : من الهالكين الفاسدين ، قاله الزجاج .