Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 176-176)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ولو شئنا لرفعناه بها } في هاء الكناية في « رفعناه » قولان . أحدهما : أنها تعود إلى الإِنسان المذكور ، وهو قول الجمهور ؛ فيكون المعنى : ولو شئنا لرفعنا منزلة هذا الإنسان بما علمناه . والثاني : أنها تعود إلى الكفر بالآيات ، فيكون المعنى : لو شئنا لرفعنا عنه الكفر بآياتنا ، وهذا المعنى مروي عن مجاهد . وقال الزجاج : لو شئنا لحُلْنا بينه وبين المعصية . قوله تعالى : { ولكنه أخلد إِلى الأرض } أي : ركن إلى الدنيا وسكن . قال الزجاج : يقال : أخلد وخلد ، والأول أكثر في اللغة . والأرض هاهنا : عبارة عن الدنيا ، لأن الدنيا هي الأرض بما عليها . وفي معنى الكلام قولان . أحدهما : أنه رَكَن إلى أهل الدنيا ، ويقال : إنه أرضى امرأته بذلك ، لأنها حملته عليه ، وقيل : أرضى بني عمِّه وقومَه . والثاني : أنه ركن إلى شهوات الدنيا ، وقد بُيِّن ذلك بقوله : { واتَّبع هواه } والمعنى : أنه انقاد لما دعاه إليه الهوى . قال ابن زيد : كان هواه مع قومه . وهذه الآية من أشد الآيات على أهل العلم إذا مالوا عن العلم إلى الهوى . قوله تعالى : { فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث } معناه : أن هذا الكافر ، إن زجرتَه لم ينزجر ، وإن تركتَه لم يهتد ، فالحالتان عنده سواء كحالتي الكلب ، فانه إن طُرد وحُمل عليه بالطرد كان لاهثاً ، وإن تُرك وربض كان أيضاً لاهثاً ، والتشبيه بالكلب اللاهث خاصة ؛ فالمعنى : فمثله كمثل الكلب لاهثاً ، وإنما شبهه بالكلب اللاهث ، لأنه أخسُّ الأمثال على أخس الحالات وأبشعها . وقال ابن قتيبة : كل لاهث إنما يلهث من إعياء أو عطش ، إلا الكلب ، فانه يلهث في حال راحته وحال كلاله ، فضربه الله مثلاً لمن كذَّب بآياته ، فقال : إن وعظته فهو ضال ، وإن لم تعظه فهو ضال ، كالكلب إن طردته وزجرته فسعى لهث ، أو تركته على حاله رابضاً لهث . قال المفسرون : زُجِرَ في منامه عن الدعاء على بني اسرائيل فلم ينزجر ، وخاطبتْه أتانه فلم ينته ، فضُرب له هذا المثل ولسائر الكفار ؛ فذلك قوله : { ذلك مثل القوم الذين كذَّبوا بآياتنا } لأن الكافر إن وعظته فهو ضال وإن تركتَه فهو ضال ؛ وهو مع إرسال الرسل إليه كمن لم يأته رسول ولا بيِّنة . قوله تعالى : { فاقصص القصص } قال عطاء : قَصَصَ الذين كفروا وكذَّبوا أنبياءهم .