Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 70, Ayat: 19-44)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إن الإنسان خلق هلوعاً } قال مقاتل : عنى به أُميَّة بن خلف الجُمَحي . وفي الهَلوع سبعة أقوال . أحدها : أنه الموصوف بما يلي هذه الآية ، رواه عطية عن ابن عباس ، وبه قال أبو عبيدة ، والزجاج . والثاني : أنه الحريص على ما لا يحلُّ له ، رواه أبو صالح ، عن ابن عباس . والثالث : البخيل ، قاله الحسن ، والضحاك . والرابع : الشحيح ، قاله ابن جبير . والخامس : الشَّرِه ، قاله مجاهد . والسادس : الضَّجُور ، قاله عكرمه ، وقتادة ، ومقاتل ، والفراء . والسابع : الشديد الجزع ، قاله ابن قتيبة . قوله تعالى : { إذا مسه الشر } أي : أصابه الفقر { جزوعاً } لا يصبر . ولا يحتسب { وإذا مسه الخير } أصابه المال { منوعاً } بمنعه من حق الله عز وجل { إلا المصلين } وهم أهل الإيمان بالله . وإنما استثنى الجمع من الإنسان ، لأنه اسم جنس { الذين هم على صلاتهم دائمون } وفيهم ثلاثة أقوال . أحدها : أنهم الذين يحافظون على المكتوبات ، وهو معنى قول ابن مسعود . والثاني : أنهم لا يلتفتون عن أيمانهم وشمائلهم في الصلاة ، قاله عقبة بن عامر . واختاره الزجاج قال : ويكون اشتقاقه من الدائم ، وهو الساكن ، كما جاء في الحديث أنه نهى عن البول في الماء الدائم . والثالث : أنهم الذين يكثرون فعل التطوع ، قاله ابن جريج . { والذين في أموالهم حق معلوم } قد سبق شرح هذه الآية والتي بعدها في [ الذاريات : 19 ] وبينا معنى « يوم الدين » في « الفاتحة » . وما بعد هذا قد شرحناه في [ المؤمنين 7 ، 8 ] إلى قوله تعالى « لأماناتهم » قرأ ابن كثير وحده : « لأمانتهم » { والذين هم بشهاداتهم } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم : « بشهادتهم » على التوحيد . وقرأ حفص عن عاصم : « بشهاداتهم » جمعاً { قائمون } أي : يقومون فيها بالحق ، ولا يكتمونها { فمالِ الذين كفروا قِبلَكَ مُهْطِعين } نزلت في جماعة من الكفار جلسوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم يستهزؤون بالقرآن ، ويكذِّبون به . قال الزجاج : والمُهْطِع : المُقْبِلُ ببَصَره على الشيء لا يُزَايِلُه ، وكانوا ينظرون إلى النبي نظر عداوة . وقد سبق الخلاف في قوله تعالى : { مهطعين } [ إبراهيم 43 ، والقمر : 8 ] . قوله : { عن اليمين وعن الشمال عِزين } . قال الفراء : العِزُون : الحِلَق ، الجماعات ، واحدتها : عِزَةٌ ، وكانوا يجتمعون حول النبي صلى الله عليه وسلم فيقولون : إن دخل هؤلاء الجنة ، كما يقول محمد صلى الله عليه وسلم فلندخلنَّها قبلهم ، فنزل قوله تعالى { أيطمع كل امرىءٍ منهم أن يُدَخل جنة نعيم } وقرأ ابن مسعود ، والحسن ، وطلحة بن مصرف ، والأعمش ، والمفضل عن عاصم : « أن يَدْخُلَ » بفتح الياء ، وضم الخاء . وقال أبو عبيدة : عِزِين : جمع عِزَة ، مثل ثُبَة ، وثُبِين ، فهي جماعات في تفرقة . قوله تعالى : { كلا } أي : لا يكون ذلك { إنا خلقناهم مما يعلمون } فيه قولان . أحدهما : من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة ، فالمعنى : لا يستوجب الجنة أحد بما يَدَّعيه من الشرف على غيره ، إذ الأصل واحد ، وإِنما يستوجبها بالطاعة . والثاني : إنا خلقناهم من أقذار . فبماذا يستحقون الجنة ولم يؤمنوا ؟ وقد روى بشر بن جَحَّاش عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تلا هذه الآية { إنا خلقناهم مما يعلمون } ثم بَزَق ، قال : يقول الله عز وجل : أنَّى تعجزني ، وقد خلقتك من مثل هذه ؟ ! حتى إذا سَوَّيتُك ، وعَدَّلتُك ، مَشَيْتَ بين بُرْدَيْنِ ، وللأرض منك وئيد ، فجمعتَ ، ومنعتَ ، حتى إذا بلغت التراقي قلت : أتَصدَّقُ ، وأنَّى أوان الصدقة ؟ ! . قوله تعالى : { فلا أقسم } قد تكلمنا عليه في [ الحاقة : 38 ] والمراد بالمشارق ، والمغارب : شرقُ كل يوم ومغربُه { إِنَّا لقادرون على أن نُبَدِّل خيراً منهم } أي : نَخْلُقَ أَمْثَلَ منهم ، وأَطْوَعَ لله حين عَصَوْا { وما نحن بمسبوقين } مفسر في [ الواقعة : 60 ] { فذرهم يخوضوا } في باطلهم { ويلعبوا } أي : يلهوا في دنياهم { حتى يُلاقوا } وقرأ ابن محيصن « يَلْقَوْا يومَهم الذي يوعدون » وهو يوم القيامة . وهذا لفظ أمر ، معناه : الوعيد . وذكر المفسرون أنه منسوخ بآية السيف . وإذا قلنا : إنه وعيد بلقاء يوم القيامة ، فلا وجه للنسخ { يوم يخرجون من الأجداث سراعاً } أي : يخرجون بسرعة كأنهم يَسْتَبِقُون . قوله تعالى : { كأنهم إلى نُصُبٍ } قرأ ابن عامر ، وحفص عن عاصم بضم النون والصاد . وقال ابن جرير : وهو واحد الأنصاب ، وهي آلهتهم التي كانوا يعبدونها ، فعلى هذا يكون المعنى : كأنهم إلى آلهتهم التي كانوا يعبدونها يُسرعون . وقرأ ابن كثير ، وعاصم ، ونافع ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي : بفتح النون وسكون الصاد ، وهي في معنى القراءة الأولى ، إلا أنه مصدر . كقول القائل : نصبت الشيء أنصبه نصباً . قال قتادة : معناه : كأنهم إلى شيء منصوب يسرعون . وقال ابن جرير : تأويله ، كأنهم إِلى صنم منصوب يُسْرِعُون . وقرأ ابن عباس ، وأبو مجلز ، والنخعي « نُصْب » برفع النون ، وإسكان الصاد ، وقرأ الحسن ، وأبو عثمان النَّهدي ، وعاصم الجحدري « إلى نَصَبٍ » بفتح النون والصاد جميعاً . قال ابن قتيبة : النصب : حجر يُنْصَبُ أو صنم ، يقال : نَصْب ، ونُصْب ، ونُصُب ، وقال الفراء : النَّصْب والنُّصْبُ واحد ، وهو مصدر ، والجمع : الأنصاب . وقال الزجاج : النَّصْب ، والنُّصُب : العلم المنصوب . قال الفراء : والإيفاض : الإسراع . قوله تعالى : { ترهقهم ذِلَّةٌ } قرأ أبو المتوكل ، وأبو الجوزاء ، وعمرو ابن دينار « ذِلَّةُ ذلك اليومِ » بغير تنوين ، وبخفض الميم . وباقي السورة قد تقدم بيانه [ المعارج : 42 ] .