Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 70, Ayat: 1-18)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { سَأَلَ سَائِلٌ } قال المفسرون : نزلت في النضر بن الحارث حين قال : { اللهم إن كان هذا هو الحقَ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء } [ الأنفال : 32 ] وهذا مذهب الجمهور ، منهم ابن عباس ، ومجاهد . وقال الربيع بن أنس : هو أبو جهل . قرأ أبو جعفر ، ونافع ، وابن عامر : « سال » بغير همز . والباقون بالهمز . فمن قرأ « سأل » بالهمز ففيه ثلاثة أقوال . أحدها : دَعَا دَاعٍ على نفسه بعذابٍ واقعٍ . والثاني : سأل سائل عن عذابٍ واقعٍ لمن هو ؟ وعلى من يَنْزِل ؟ ومتى يكون ؟ وذلك على سبيل الاستهزاء ، فتكون الباء بمعنى « عن » وأنشدوا : @ فَإنْ تَسْأَلُوني بالنِّساءِ فَإنَّنِي خَبِيرٌ بِأَدْوَاءِ النِّساءِ طَبِيبُ @@ والثالث : سأل سائل عذاباً واقعاً ، والباء زائدة . ومن قرأ بلا همز ففيه قولان . أحدهما : أنه من السؤال أيضاً ، وإنما لَيَّن الهمزة ، يقال سأل ، وسال ، وأنشد الفراء : @ تَعَالَوْا فَسَالُوا يَعْلمِ النَّاسُ أَيُّنَا لِصَاحِبِهِ في أَوَّلِ الدَّهْرِ تَابِع @@ والثاني : المعنى سال وادٍ في جهنم بالعذاب للكافرين ، وهذا قول زيد بن ثابت ، وزيد بن أسلم ، وابنه عبد الرحمن ، وكان ابن عباس في آخرين يقرؤون « سَالَ سَيْلٌ » بفتح السين ، وسكون الياء من غير ألف ولا همز . وإذا قلنا إنه من السؤال فقوله تعالى : « للكافرين » جواب للسؤال ، كأنه لما سأل : لمن هذا العذاب ؟ قيل : للكافرين . والواقع : الكائن . والمعنى : أن العذاب للذي سأله هذا الكافر كائن لا محالة في الآخرة { للكافرين ليس له دافع من الله } قال الزجاج : المعنى : ذلك العذاب واقع من الله للكافرين . قوله تعالى : { ذي المعارج } فيه قولان . أحدهما : أنها السموات ، قاله ابن عباس ، وقال مجاهد : هي معارج الملائكة . قال ابن قتيية : وأصل المعارج الدَّرَج ، وهي من عَرَجَ : إِذا صَعِدَ قال الفراء : لما كانت الملائكة تَعْرُج إليه ، وصف نفسه بذلك . قال الخطابي : المعارج : الدَّرَج ، واحدها : مَعْرَجٌ ، وهو المَصْعَدُ ، فهو الذي يُصْعَدُ إِليه بأعمال العباد ، وبأرواح المؤمنين . فالمعارج : الطرائق التي يُصْعَدُ فيها . والثاني : أن المَعَارِجَ : الفَوَاضِلُ والنِّعم . قاله قتادة . قوله تعالى : { تَعْرُجُ الملائكة } قرأ الكسائي : « يَعْرُج » بالياء . { والروحُ } في « الروح » قولان . أحدهما : جبريل ، قاله الأكثرون . والثاني : روُح الميِّت حين تُقْبَضُ ، قاله قبيصة بن ذُؤَيْب . قوله تعالى : { إليه } أي : إِلى الله عز وجل { في يومٍ كان مقدارُه خمسين ألفَ سنةٍ } فيه قولان . أحدهما : أنه يوم القيامة ، قاله ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، والقرظي ، وهذا هو مقدار يوم القيامة من وقت البعث إِلى أن يفصل بين الخلق . وفي الحديث " إنه لَيُخفَّفُ على المؤمِن حتى يكون أَخَفَّ عليه من صلاة مكتوبة " وقيل : بل لو ولي حساب الخلق سوى الله عز وجل لم يفرغ منه في خمسين ألف سنة ، والحقُّ يفرغ منه في ساعة من نهار . وقال عطاء : يفرغ الله من حساب الخلق في مقدار نصف يوم من أيام الدنيا ، فعلى هذا يكون المعنى : ليس دافع من الله في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، وقيل : المعنى : سأل سائل بعذاب واقع في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة . فعلى هذا يكون في الكلام تقديم وتأخير . والثاني : أن مقدار صعود الملائكة من أسفل الأرض إلى العرش لو صعِده غيرهم قطعه في خمسين ألف سنة ، وهذا معنى قول مجاهد . قوله تعالى : { فاصبر } أي : اصبر على تكذيبهم إياك { صبراً جميلاً } لا جزع فيه ، وهذا قبل أن يُؤْمَرَ بقتالهم ، ثم نسخ بآية السيف { إنهم يَرَوْنَهُ } يعني العذاب { بعيداً } غير كائن { ونراه قريباً } كائناً ، لأن كل ما هو آتٍ قريبٌ . ثم أخبر متى يكون فقال تعالى { يوم تكون السماء كالمهل } وقد شرحناه في [ الكهف 29 ] { وتكون الجبال كالعهن } أي : كالصوف . فَشَبَّهها في ضَعْفها ولِينِها بالصوف . وقيل : شبَّهها به في خِفَّتِها وسَيْرِها ، لأنه قد نقل أنها تسير على صورها ، وهي كالهباء : قال الزجاج : « العهن » الصوف . واحدته : عِهْنَةٌ ، ويقال : عُهْنَةٌ ، وعُهْنٌ ، مثل : صُوفَةٍ ، وصُوفٍ . وقال ابن قتيبة : « العِهْنُ » الصوفُ المصبوغ . وقوله تعالى : { ولا يَسْأَلُ حميمٌ حميماً } قرأ الأكثرون : « سأل » بفتح الياء . والمعنى : لا يسأل قريب عن قرابته ، لاشتغاله بنفسه . وقال مقاتل : لا يسأل الرجل قرابته ، ولا يكلِّمه من شدة الأهوال . وقرأ معاوية ، وأبو رزين ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وعكرمة ، وابن محيصن ، وابن أبي عبلة ، وأبو جعفر : بضم الياء . والمعنى : لا يقال للحميم : أين حَمِيمُكَ ؟ . قوله تعالى : { يُبَصَّرُونَهم } أي : يُعَرَّفُ الحميم حميمَه حتى يَعْرِفَه ، وهو مع ذلك لا يسأل عن شأنه . ولا يكلِّمه اشتغالاً بنفسه . يقال : بَصَّرْتُ زيداً كذا : إذا عَرَّفْتَهُ إيَّاه . قال ابن قتيبة : معنى الآية لا يَسْأَلُ ذو قرابة عن قرابته ، ولكنهم يُبَصَّرُونَهم ، أي : يُعَرَّفُونَهم . وقرأ قتادة ، وأبو المتوكل ، وأبو عمران : « يُبْصِرُونَهم » بإسكان الباء ، وتخفيف الصاد ، وكسرها . قوله تعالى : { يَوَدُّ المجرم } يعني : يتمنَّى المشرك لو قُبِلَ منه الفداءُ { يومئذٍ ببنيه ، وصاحبته } وهي الزوجة { وفصيلته } قال ابن قتيبة : أي : عشيرته . وقال الزجاج : هي أدنى قبيلته منه ، ومعنى { تُؤويه } تضمه ، فيودُّ أن يفتديَ بهذه المذكورات { ثم ينجيه } ذلك الفداء { كَلاَّ } لا ينجيه ذلك { إنها لَظَى } قال الفراء : هو اسم من أسماء جهنم ، فلذلك لم يُجْرَ ، وقال غيره : معناها في اللغة : اللهب الخالص ، وقال ابن الأنباري : سميت لظى لشدة تَوَقُّدِها وتلهُّبِها ، يقال : هو يتلظَّى ، أي : يتلهَّب ويتوقَّد . وكذلك النار تتلظَّى يراد بها هذا المعنى . وأنشدوا : @ جَحِيماً تَلَظَّى لا تَفْتَّرُ سَاعَةً ولا الحَرُّ مِنْها غَابِرَ الدَّهْرِ يَبْرُدُ @@ { نَزَّاعةً لِلشَّوى } قرأ الجمهور « نَزَّاعةٌ للشوى » بالرفع على معنى : هي نزَّاعة . وقرأ عمر بن الخطاب ، وأبو رزين ، وأبو عبد الرحمن ، ومجاهد ، وعكرمة ، وابن أبي عبلة ، وحفص عن عاصم « نَزَّاعةً » بالنصب . قال الزجاج : وهذا على أنها حال مؤكدة ، كما قال تعالى : { هو الحق مصدقاً } [ فاطر : 31 ] ويجوز أن ينصب على معنى « إنها تتلظى نزاعة » . وفي المراد بـ « الشَّوى » أربعة أقوال . أحدها : جلدة الرأس ، قاله مجاهد . والثاني : محاسن الوجه ، قاله الحسن ، وأبو العالية . والثالث : العصب ، والعقب ، قاله ابن جبير . والرابع : الأطراف اليدان ، والرجلان ، والرأس ، قاله الفراء ، والزجاج . قوله تعالى : { تَدْعُو من أدبر } عن الإيمان { وتولَّى } عن الحق . قال المفسرون : تقول : إِليّ يا مشرك ، إِليّ يا منافق { وجمع فأوعى } قال الفراء : أي : جمع المال في وعاءٍ فلم يؤدِّ منه زكاةً ، ولم يصل منه رحماً .