Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 79, Ayat: 1-14)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { والنازعات } فيه سبعة أقوال : أحدها : أنها الملائكة تَنْزِعُ أرْواح الكفَّار ، قاله علي ، وابن مسعود . وروى عطية عن ابن عباس قال : هي الملائكة تَنْزِع نفوسَ بني آدم ، وبه قال مسروق . والثاني : أنه الموت يَنْزِع النفوسَ ، قاله مجاهد . والثالث : أنها النفس حين تُنْزَعُ ، قاله السدي . والرابع : أنها النجوم تَنْزِع من أُفُق الى أُفُق تطلع ثم تغيب ، قاله الحسن ، وقتادة ، وأبو عبيدة ، والأخفش ، وابن كيسان . والخامس : أنها القِسِيّ تَنْزِع بالسَّهم ، قاله عطاء ، وعكرمة . والسادس : أنها الوحوش تنزع وتنفر ، حكاه الماوردي . والسابع : أنها الرُّماةُ ، حكاه الثعلبي . قوله تعالى : { غرقاً } اسم أقيم مقام الإغراق . قال ابن قتيبة : والمعنى : والنازعات إغراقاً ، كما يغرق النازع في الفوس ، يعني أنه يبلغ به غاية المد . قوله تعالى : { والناشطات نشطاً } فيه خمسة أقوال . أحدها : أنها الملائكة . ثم في معنى الكلام قولان . أحدهما : أنها حين تنشط أرواح الكفار حتى تخرجها بالكرب والغمِّ ، قاله علي رضي الله عنه . قال مقاتل : ينزع ملك الموت روح الكافر ، فإذا بلغت ترقوته غرقها في حلقه ، فيعذِّبه في حياته ، ثم ينشطها من حلقه أي : يجذبها كما ينشط السفّود من الصوف المبتل . والثاني : أنها تنشط أرواح المؤمنين بسرعة ، كما ينشط العقال من يد البعير إذا حل عنها ، قاله ابن عباس . وقال الفراء : الذي سمعته من العرب : كما أُنْشِط من عِقَال بألف . تقول : إذا ربطت الحبل في يد البعير : نشطته ، فإذا حللته قلت : أنشطته . والقول الثاني : أنها أنفس المؤمنين تنشط عند الموت للخروج ، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً ، وبيانه أن المؤمن يرى منزله من الجنة قبل الموت فتنشط نفسه لذلك . والثالث : أن الناشطات : الموت ينشط نفس الإنسان ، قاله مجاهد . والرابع : النجوم تنشط من أفق إلى أفق ، أي : تذهب ، قاله قتادة ، وأبو عبيدة ، والأخفش . ويقال لبقر الوحش : نواشط ، لأنها تذهب من موضع إلى موضع . قال أبو عبيدة : والهموم تنشط بصاحبها . قال هميان بن قحافة : @ أَمْسَتْ همومي تَنْشِط المنَاشِطَا الشَّامَ بي طَوْراً وطَوْراً وَاسِطَا @@ والخامس : أنها النفس حين تَنْشط بالموت ، قاله السدي . قوله تعالى : { والسابحات سبحاً } فيه ستة أقوال . أحدها : أنها الملائكة تسبح بأرواح المؤمنين ، قاله علي رضي الله عنه . قال ابن السائب : يقبضون أرواح المؤمنين كالذي يسبح في الماء . فأحياناً ينغمس ، وأحياناً يرتفع ، يسلُّونها سلاً رفيقاً ، ثم يَدَعُونها حتى تستريح . والثاني : أنهم الملائكة ينزلون من السماء مسرعين ، كما يقال للفرس الجواد : سابح : إذا أسرع في جريه ، قاله مجاهد ، وأبو صالح ، والفراء . والثالث : أنه الموت يسبح في نفوس بني آدم ، روي عن مجاهد أيضاً . والرابع : أنها السفن تسبح في الماء ، قاله عطاء . والخامس : أنها النجوم ، والشمس ، والقمر ، كل في فلك يسبحون ، قاله قتادة ، وأبو عبيدة . والسادس : أنها الخيل ، حكاه الماوردي . قوله تعالى { فالسابقات سبقاً } فيه خمسة أقوال : أحدها : أنها الملائكة . ثم في معنى الكلام ثلاثة أقوال . أحدها : أنها تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء ، قاله علي ، ومسروق . والثاني : أنها تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة ، قاله مجاهد ، وأبو رَوْق . والثالث : أنها سبقت بني آدم الى إلإيمان ، قاله الحسن . والقول الثاني : أنها أنفس المؤمنين تسبق الملائكة شوقاً إلى لقاء الله ، فيقبضونها وقد عاينت السرور ، قاله ابن مسعود . والثالث : أنه الموت يسبق إلى النفوس ، روي عن مجاهد أيضاً . والرابع : أنها الخيل ، قاله عطاء . والخامس : أنها النجوم يسبق بعضها بعضاً في السير ، قاله قتادة . قوله تعالى : { فالمدبِّرات أمراً } قال ابن عباس : هي الملائكة . قال عطاء : وُكِّلتْ بأمور عَرَّفهم الله العمل بها ، وقال عبد الرحمن بن سابط : يُدَبِّر أمر الدنيا أربعة أملاك : جبريل ، وهو موكل بالرِّياح والجنود . وميكائيل ، وهو موكل بالقطر والنبات . وملك الموت ، وهو موكل بقبض الأنفس . وإسرافيل ، وهو يَنزل بالأمر عليهم . وقيل : بل جبريل للوحي ، وإسرافيل للصور . وقال ابن قتيبة : فالمدبِّرات أمراً : تنزل بالحلال والحرام . فإن قيل : أين جواب هذه الأقسام ، فعنه جوابان . أحدهما : أن الجواب قوله تعالى : { إن في ذلك لعبرة لمن يخشى } ، قاله مقاتل . والثاني : أن الجواب مضمر ، تقديره : لَتُبْعَثُنَّ وَلَتُحاسَبُنَّ ، ويدل على هذا قوله تعالى : { أئذا كنا عِظَاماً نَخِرَةً } قاله الفراء . قوله تعالى : { يوم تُرجف الراجفة } ، وهي النفخة الأولى التي يموت منها جميع الخلائق . و « الراجفة » صيحة عظيمة فيها تردُّدٌ واضطراب كالرعد إذا تمحض . و « ترجف » بمعنى : تتحرَّك حركة شديدةً { تتبعها الرادفة } وهي : النفخة الثانية ردفت الأولى ، أي : جاءت بعدها . وكل شيء جاء بعد شيءٍ فهو يردفه { قلوب يومئذ واجفة } أي : شديدة الاضطراب لما عاينت من أهوال القيامة ، { أبصارها خاشعة } أي : ذليلةٌ لمعاينة النار . قال عطاء : وهذه أبصار من لم يمت على الإسلام . ويدل على هذا أنه ذَكَرَ منكري البعث ، فقال تعالى : { يقولون أئنا لمردودون في الحافرة } قرأ ابن عامر وأهل الكوفة « أئنا » بهمزتين مخففتين على الاستفهام ، وقرأ الباقون بتخفيف الأولى وتليين الثانية ، وفصل بينهما بألف نافع وأبو عمرو . وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال . أحدها : أن الحافرة : الحياة بعد الموت . فالمعنى : أنرجع أحياءً بعد موتنا ؟ ! وهذا قول ابن عباس ، وعطية ، والسدي . قال الفراء : يعنون : أَنُرَدُّ إلى أمرنا الأول إلى الحياة ؟ ! والعرب تقول : أتيت فلاناً ، ثم رجعت على حافرتي ، أي : رجعت من حيث جئت . قال أبو عبيدة : يقال : رجع فلان في حافرته ، وعلى حافرته : إذا رجع من حيث جاء ، وهذا قول الزجاج . والثاني : أنها الأرض التي تحفر فيها قبورهم ، فَسُمِّيت حافرةً ، والمعنى : محفورة ، كما يقال { ماء دافق } [ الطارق : 6 ] و { عيشة راضية } [ الحاقة : 21 ] وهذا قول مجاهد ، والخليل . فيكون المعنى : أئنا لمردودون إلى الأرض خلقاً جديداً ؟ ! قال ابن قتيبة : « في الحافرة » أي : إلى أول أمرنا . ومَنْ فَسَّرها بالأرض ، فإلى هذا يذهب ، لأنا منها بُدِئْنَا . قال الشاعر : @ أَحَافِرَةً على صَلَعٍ وَشَيْبٍ مَعَاذَ اللهِ مِنْ سَفَهٍ وَعَارِ @@ [ كأنه قال : أأرجع إلى ما كنت عليه في شبابي من الغزل والصبا « بعد ما شِبْتُ وَصَلعْتُ ؟ ! » . والثالث : أن الحافرة : النار ، قاله ابن زيد ] . قوله تعالى : { أئذا كنا عظاماً نَخِرَةً } وقرأ حمزة ، وأبو بكر عن عاصم « نَاخِرَةً » قال الفراء : وهما بمعنى واحد في اللغة . مثل طَمِع ، وطَامِع . وحَذِر ، وحَاذِر . وقال الأخفش : هما لغتان . وقال الزجاج : يقال : نَخِرَ العظم يَنْخَرُ ، فهو نَخِرٌ . مثل عَفِنَ الشيء يَعْفَنُ ، فهو عَفِنٌ . وناخرة على معنى : عظاماً فارغةً ، يجيىء فيها من هبوب الريح كالنخير . قال المفسرون : والمراد أنهم أنكروا البعث ، وقالوا نُرَّدُّ أحياءَ إذا متنا وبليت عظامنا ؟ ! { تلك إذن كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ } أي : إن رُدِدْنَا بَعْدَ الموت لَنَحْسَرَنَّ بما يصيبنا مما يَعِدُنا به محمد ، فأعلمهم الله بسهولة البعث عليه ، فقال تعالى { فإنما هي } يعني النفخة الأخيرة { زَجْرَةٌ واحدة } أي : صيحة في الصور يسمعونها من إسرافيل وهم في الأرض فيخرجون { فإذا هم بالساهرة } وفيها أربعة أقوال . أحدها : أن الساهرة : وجه الأرض ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، واللغويون . قال الفراء : كأنها سميت بهذا الأسم ، لأن فيها نوم الحيوان وسهرهم . والثاني : أنه جبل عند بيت المقدس ، قاله وهب بن منبه . والثالث : أنها جهنم ، قاله قتادة . والرابع : أنها أرض الشام ، قاله سفيان .