Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 79, Ayat: 15-33)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { هل أتاك حديث موسى } أي : قد جاءك . وقد بيَّنَّا هذا في [ طه : 9 ] وما بعده إلى قوله تعالى : { طوى اذهب } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو « طوى اذهب » غير مُجراةٍ . وقرأ الباقون « طوىً » منونة { فقل هل لك إلى أن تَزَكَّى } وقرأ ابن كثير ، ونافع « تَزَّكَّى » بتشديد الزاي ، أي : تَطَّهَّر من الشرك { وأَهْدِيَكَ إلى ربك } أي : أدعوك إلى توحيده ، وعبادته { فتخشى } عذابه { فأراه الآية الكبرى } وفيها قولان . أحدهما : أنها اليد والعصا ، قاله جمهور المفسرين . والثاني : أنها اليد ، قاله الزجاج . قوله تعالى : { فكذب } أي : بأنها من الله ، { وعصى } نبيَّه { ثم أدبر } أي : أعرض عن الإيمان { يسعى } أي : يعمل بالفساد في الأرض { فحشَر } أي : فجمع قومه وجنوده { فنادى } لما اجتمعوا { فقال أنا ربكم الأعلى } أي : لا ربَّ فوقي . وقيل أراد أن الأصنام أرباب ، وأنا ربُّها وربُّكم . وقيل : أراد : أنا ربُّ السادة والقادة . قوله تعالى : { فأخذه الله نكال الآخرة والأولى } فيه أربعة أقوال . أحدها : أن الأولى قوله { ما علمت لكم من إله غيري } [ القصص : 38 ] والآخرة قوله « أنا ربكم الأعلى » ، قاله ابن عباس ، وعكرمة ، والشعبي ، ومقاتل ، والفراء . ورواه ابن أبي نجيح عن مجاهد . قال ابن عباس : وكان بينهما أربعون سنة . قال السدي : فبقي بعد الآخرة ثلاثين سنة . قال الفراء : فالمعنى : أخذه الله أخذاً نكالاً للآخرة والأولى . والثاني : المعنى : جعله الله نكال الدنيا والآخرة ، أغرقه في الدنيا ، وعذَّبه في الآخرة ، قاله الحسن ، وقتادة . وقال الربيع بن أنس : عذَّبه الله في أول النهار بالغَرَق ، وفي آخره بالنَّار . والثالث : أن الأولى : تكذيبه وعصيانه . والآخرة قوله : « أنا ربكم الأعلى » ، قاله أبو رزين . والرابع : أنها أول أعماله وآخرها ، رواه منصور عن مجاهد . قال الزجاج : النكال : منصوب مصدر مؤكد ، لأن معنى أخذه الله : نكل الله به نكال الآخرة والأولى : فأغرقه في الدنيا ويعذِّبه في الآخرة . قوله تعالى { إن في ذلك } الذي فُعِل بفرعون { لعبرةً } أي : لعظةً { لمن يخشى } الله . ثم خاطب منكري البعث ، فقال تعالى { أأنتم أشد خلقاً أم السماءُ بناها } قال الزجاج : ذهب بعض النحويين الى أن قوله تعالى { بناها } من صفة السماء ، فيكون المعنى : أم السماء التي بناها . وقال قوم : السماء ليس مما توصل ، ولكن المعنى : أأنتم أشد خلقاً ، أم السماءُ أشد خلقاً . ثم بيَّن كيف خلقها ، فقال تعالى { بناها } قال المفسرون : أخَلْقُكم بعدَ الموت أشدُّ عندكم ، أم السماءُ في تقديركم ؟ وهما في قدرة الله واحد . ومعنى : « بناها » رفعها . وكل شيء ارتفع فوق شيءٍ فهو بناءٌ . ومعنى { رفع سَمْكها } رفع ارتفاعها وعلوَّها في الهواء « فسوَّاها » بلا شقوق ، ولا فُطور ، ولا تفاوت ، يرتفع فيه بعضها على بعض { وأغطش ليلها } أي : أظلمه فجعله مظلماً . قال الزجاج : يقال : غطش الليل وأغطش ، وغبش وأغبش ، وغسق وأغسق ، وغشي وأغشى ، كله بمعنى أظلم . قوله تعالى : { وأخرج ضحاها } أي : أبرز نهارها . والمعنى : أظهر نورها بالشمس . وإنما أضاف النور والظلمة إلى السماء لأنهما عنها يصدران { والأرض بعد ذلك } أي : بعد خلق السماء { دحاها } أي : بسطها . وبعض من يقول : إن الأرض خلقت قبل السماء يزعم أن « بعد » هاهنا بمعنى « قبل » ، كقوله تعالى : { ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذِّكر } [ الأنبياء : 105 ] وبعضهم يقول : هي بمعنى « مع » كقوله تعالى { عُتُلٍّ بعد ذلك زنيم } [ القلم : 13 ] ولا يمتنع أن تكون الأرض خلقت قبل السماء ، ثم دحيت بعد كمال السماء ، وهذا مذهب عبد الله بن عمرو بن العاص . وقد أشرنا إلى هذا الخلاف في [ البقرة : 29 ] ونصبت الأرض بمضمر تفسيره قوله تعالى : { دحاها } . { أخرج منها ماءها } أي : فجَّر العيون منها { ومرعاها } وهو ما يأكله الناس والأنعام { والجبال أرساها } قال الزجاج : أي : أثبتها { متاعاً لكم } أي : للإمتاع ، لأن معنى أخرج منها ماءها ومرعاها : أمتع بذلك . وقال ابن قتيبة : « متاعاً لكم » أي : منفعة [ لكم ] .