Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 17-18)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم } وقرأ ابن عامر ، وأهل الكوفة إلا عاصماً « ولكِنِ اللهُ قتلهم » { ولكنِ اللهُ رمى } بتخفيف النون ورفع اسم الله فيهما . وسبب نزول هذا الكلام أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجعوا عن بدر جعلوا يقولون : قَتَلْنا وقَتَلْنا ، هذا معنى قول مجاهد . فأما قوله تعالى : { وما رميت إذ رميت } ففي سبب نزوله ثلاثة أقوال . أحدها : « أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي : ناولني كفاً من حصباء ، فناوله فرمى به في وجوه القوم ، فما بقي منهم أحد إلا وقعت في عينه حصاة » ، وقيل : أخذ قبضة من التراب ، فرمى بها ، وقال : « شاهت الوجوه » ؛ فما بقي مشرك إلا شُغل بعينه يعالج التراب الذي فيها ، فنزلت : { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى } وذلك يوم بدر ؛ هذا قول الأكثرين . وقال ابن الأنباري : وتأويل شاهت : قبحت ، يقال : شاه وجهه يشوه شَوهاً وشُوهة ، ويقال : رجل أشوه ، وامرأة شوهاء : إذا كانا قبيحين . والثاني : أن أُبي بن خلف أقبل يوم أُحد إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريده ، فاعترض له رجال من المؤمنين ، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلوا سبيله ، وطعنه النبي صلى الله عليه وسلم بحرتبه ، فسقط أُبيٌّ عن فرسه ، ولم يخرج من طعنته دم ، فأتاه أصحابه وهو يخور خوار الثور ، فقالوا : إنما هو خدش ، فقال : والذي نفسي بيده ، لو كان الذي بي بأهل المجاز لماتوا أجمعون ، فمات قبل أن يَقْدَم مكة ؛ فنزلت هذه الآية ، رواه سعيد بن المسيب عن أبيه . والثالث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى يوم خيبر بسهم ، فأقبل السهم يهوي حتى قتل ابن أبي الحَقيق وهو على فراشه ، فنزلت هذه الآية ، ذكره أبو سليمان الدمشقي في آخرين . قوله تعالى : { ولكن الله قتلهم } اختلفوا في معنى إضافة قتلهم إليه على أربعة أقوال . أحدها : أنه قتلهم بالملائكة الذين أرسلهم . والثاني : أنه أضاف القتل إليه لأنه تولَّى نصرهم . والثالث : لأنه ساقهم إلى المؤمنين وأمكنهم منهم . والرابع : لأنه ألقى الرعب في قلوبهم . وفي قوله : { وما رميت إذ رميت } ثلاثة أقوال . أحدها : أن المعنى : وما ظفرت أنت ولا أصبت ، ولكن الله اظفرك وأيدك ، قاله أبو عبيدة . والثاني : وما بلغ رميُك كفاً من تراب أو حصى أن تملأ عيون ذلك الجيش الكثير ، إنما الله تولى ذلك ، قاله الزجاج . والثالث : وما رميت قلوبهم بالرعب إذ رميت وجوههم بالتراب ، ذكره ابن الأنباري . قوله تعالى : { وليُبليَ المؤمنين منه بلاءً حسناً } أي : لُينعم عليهم نعمة عظيمة بالنصر والأجر . { إن الله سميع } لدعائهم { عليم } بنيَّاتهم . قوله تعالى : { ذلكم } قال الزجاج : موضعه رفع ؛ والمعنى : الأمر ذلكم . وقال غيره : « ذلكم » إشارة إلى القتل والرمي والبلاء الحسن . { وأن الله } أي : واعلموا أن الله . والذي ذكرناه في فتح « أنَّ » في قوله : { وأنَّ للكافرين عذاب النار } هو مذكور في فتح « أنّ » هذه . قوله تعالى : { مُوَهِّنٌ } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمر : « مُوَهِّنٌ » بفتح الواو وتشديد الهاء منونة « كيدَ » بالنصب . وقرأ ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم : « موهنٌ » ساكنة الواو « كيدَ » بالنصب . وروى حفص عن عاصم : « موهنُ كيدِ » مضاف . والموهن : المضْعِف ، والكيد : المكر .