Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 81, Ayat: 1-14)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

روى أبو عبد الله الحاكم في « صحيحه » من حديث عبد الله بن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن ينظر إلى يوم القيامة فليقرأ قوله تعالى : { إذا الشمس كورت } " . وفي قوله تعالى : { كُوِّرَتْ } أربعة أقوال . أحدها : أظلمت ، رواه الوالبي عن ابن عباس ، وكذلك قال الفراء : ذهب ضوؤها ، وهذا قول قتادة ، ومقاتل . والثاني : ذَهَبَتْ ، رواه عطية عن ابن عباس ، وكذلك قال مجاهد : اضمحلَّتْ . والثالث : غُوِّرَتْ ، روي عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وابن الأنباري ، وهذا من قول الناس بالفارسية : كُورْبكرد . وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي قال : هو بالفارسية كورُبورْ . والرابع : أنها تُكَوَّرُ مثل تكوير العمامة ، فتلفُّ وتمحى ، قاله أبو عبيد . قال الزجاج : ومعنى « كُوِّرت » جمع ضوؤها ، ولُفَّتْ كما تلف العمامة . ويقال : كَوَّرْتُ العمامة على رأسي أُكوِّرُها : إذا لَفَفْتَها . قال المفسرون : تُجمع الشمس بعضُها إلى بعض ، ثم تُلَفُّ ويرمى بها في البحر . وقيل : في النار . وقيل تعاد إلى ما خلقت منه . قوله تعالى : { وإذا النجوم انكدرَتْ } أي : تناثرت ، وتهافتت . يقال انكدر الطائر في الهواء : إذا انقضَّ { وإذا الجبال سُيِّرت } عن وجه الأرض ، فاستوت مع الأرض { وإذا العشار عُطِّلَتْ } قال المفسرون وأهل اللغة : العشار : النوق الحوامل ، وهي التي أتى عليها في الحمل عشرة أشهر فقيل لها : العشار لذلك ، وذلك الوقت أَحْسَنُ زَمَانِ حَمْلِها ، وهي تضع إذا وَضَعَتْ لتمامٍ في سنة ، فهي أنفس ما للعرب عندهم ، فلا يعطلونها إلا لإتيان ما يَشْغَلهم عنها ، وإنما خوطبت العرب بأمر العشار ، لأن أكثر عيشهم ومالهم من الإبل . ومعنى « عُطِّلت » سُيِّبَتْ وأُهْمِلَتْ ، لإشتغالهم عنها بأهوال القيامة . قوله تعالى : { وإذا الوحوش } يعني : دوابَّ البحر { حشرت } وفيه قولان . أحدهما : ماتت ، قاله ابن عباس . والثاني : جمعت إلى القيامة ، قاله السدي . وقد زدنا هذا شرحاً في [ الأنعام : 111 ] . قوله تعالى : { وإذا البِحار سُجِّرت } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو « سُجِرَتُ » بتخفيف الجيم ، وقرأ الباقون بتشديدها . وفي المعنى ثلاثة أقوال : أحدها : أُوقِدَتْ فاشتعلت ناراً ، قاله علي وابن عباس . والثاني : يبست ، قاله الحسن . والثالث : ملئت بأن صارت بحراً واحداً ، وكثر ماؤها ، قاله ابن السائب ، والفراء ، وابن قتيبة . قوله تعالى : { وإذا النُّفوس زُوِّجَتْ } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : قرنت بأشكالها ، قاله عمر رضي الله عنه . الصالح مع الصالح في الجنة ، والفاجر مع الفاجر في النار ، وهذا قول الحسن ، وقتادة . والثاني : رُدَّت الأرواح إلى الأجساد ، فَزُوِّجَت بها ، قاله الشعبي . وعن عكرمة كالقولين . والثالث : زُوِّجت أنفس المؤمنين بالحور العين ، وأنفس الكافرين بالشياطين ، قاله عطاء ، ومقاتل . قوله تعالى : { وإذا الموؤودة سئلت } قال اللغويون : الموؤودة : البنت تُدْفَن وهي حَيَّةٌ ، وكان هذا من فعل الجاهلية . يقال : وَأَدَ وَلَدَهُ ، أي : دفنه حياً . قال الفرزدق : @ وَمِنَّا الَّذِي مَنَعَ الوَائِدَا تِ فَأَحْيَا الوَئِيدَ وَلَمْ يُوأَدِ @@ يعني : صعصعة بن صوحان ، وهو جَدّ الفرزدق . قال الزجاج : ومعنى سؤالها : تبكيت قاتليها في القيامة ، لأن جوابها : قتلت بغير ذنب . ومثل هذا التبكيت قوله تعالى : { أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين ؟ ! } [ المائدة : 116 ] . وقرأ علي بن أبي طالب ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأبو عبد الرحمن ، وابن يعمر ، وابن أبي عبلة ، وهارون عن أبي عمرو « سَأَلَتْ » بفتح السين ، وألف بعدها { بأيِّ ذنب قُتِلَتُ } بإسكان اللام ، وضم التاءَ الأخيرة . وسؤالها هذا أيضاً تبكيت لقاتليها . قال ابن عباس : كانت المرأة في الجاهلية إذا حملت ، فكان أوان ولادها حفرت حفيرة ، فتمخَّضت على رأس الحفيرة ، فإن ولدت جارية رَمَتْ بها في الحفيرة ، وإن ولدت غلاماً حبسته . قوله تعالى : { وإذا الصُّحُفُ نُشِرَتْ } قرأ نافع ، وعاصم ، وأبو جعفر ، وابن عامر ، ويعقوب « نُشِرَتْ » بالتخفيف ، والباقون بالتشديد . والمراد بالصحف : صحائف أعمال بني آدم تنشر للحساب { وإذا السماء كشطت } قال الفراء : نُزِعَتْ ، فطُوِيَتْ . وفي قراءة عبد الله « قُشِطَتْ » بالقاف ، وهكذا تقوله قيس ، وتميم ، وأسد ، بالقاف . وأما قريش ، فتقوله بالكاف ، والمعنى واحد . والعرب تقول : القافور ، والكافور ، والقسط ، والكسط . وإذا تقارب الحرفان في المخرج تعاقبا في اللغات ، كما يقال : حَدَثٌ ، وَحدَتٌ . قال ابن قتيبة : كُشِطَتْ كما يُكْشَطُ الغِطَاء عن الشيء ، فطُوِيَتْ . وقال الزجاج : قلعت كما يقلع السقف . و { سُعِرت } أُوقدت . وقرأ نافع ، وابن عامر ، وحفص عن عاصم « سُعِّرت » مشددة . قال الزجاج : المعنى واحد . إلا أن معنى المشدد : أُوقدت مرة بعد مرة . و { أُزْلِفَتْ } قُرِّبَتْ من المتقين . وجواب هذه الأشياء { علمت نفس ما أحضرت } أي : إذا كانت هذا الأشياء عَلِمَتْ في ذلك الوقت كلُّ نفس ما أحضرت من عمل ، فأثيبتْ على قدر عملها . وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال في قوله تعالى : { علمت نفس ما أحضرت } : لهذا جرى الحديث . وقال ابن عباس : من أول السورة إلى هاهنا اثنتا عشرة خصلة ، ستة في الدنيا ، وستة في الآخرة .