Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 84, Ayat: 15-25)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { بلى } قال الفراء : المعنى : بلى ليحورون ، ثم استأنف ، فقال تعالى : { إن ربه كان به بصيراً } قال المفسرون : بصيراً به على جميع أحواله . قوله تعالى : { فلا أقسم } قد سبق بيانه . فأما « الشفق » فقال ابن قتيبة : هما شفقان : الأحمر ، والأبيض ، فالأحمر : من لدن غروب الشمس إلى وقت صلاة العشاء ثم يغيب ، ويبقى الشفق الأبيض إلى نصف الليل . وللمفسرين في المراد « بالشفق » هاهنا ستة أقوال . أحدها : الحمرة التي تبقى في الأفق بعد غروب الشمس . وقد روى ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « الشفق : الحمرة » ، وهذا قول عمر ، وابنه ، وابن مسعود ، وعبادة ، وأبي قتادة ، وجابر بن عبد الله ، وابن عباس ، وأبي هريرة ، وأنس ، وابن المسيب ، وابن جبير ، وطاووس ، ومكحول ، ومالك ، والأوزاعي ، وأبي يوسف ، والشافعي ، وأبي عبيد ، وأحمد ، وإسحاق ، وابن قتيبة ، والزجاج . قال الفراء : سمعت بعض العرب يقول وعليه ثوب مصبوغ : كأنه الشفق ، وكان أحمر . والثاني : أنه النهار . والثالث : الشمس ، روي القولان عن مجاهد . والرابع : ما بقي من النهار ، قاله عكرمة . والخامس : السواد الذي يكون بعد ذهاب البياض ، قاله أبو جعفر محمد ابن علي . والسادس : أنه البياض ، قاله عمر بن عبد العزيز . قوله تعالى : { والليل وما وسق } أي : وما جمع وضم . وأنشدوا : @ إنَّ لنا قَلائصَاً حَقَائِقا مُسْتَوْسِقَاتٍ لو يَجِدْنَ سَائِقَا @@ قال أبو عبيدة : { وَمَا وَسَقَ } ما علا فلم يمنع منه شيء ، فإذا جلل الليل الجبال ، والأشجار ، والبحار ، والأرض ، فاجتمعت له ، فقد وسقها . وقال بعضهم : معنى : « ما وسق » : ما جمع مما كان منتشراً بالنهار في تصرفه إلى مأواه . قوله تعالى : { والقمر إذا اتسق } قال الفراء : اتساقه : اجتماعه واستواؤه ليلة ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، إلى ست عشرة . قوله تعالى : { لتركبنَّ طبقاً عن طبق } قرأ ابن كثير ، وحمزة ، والكسائي « لتركبن » بفتح التاء والباء ، وفي معناه قولان . أحدهما : أنه خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم في معناه قولان . أحدهما : لتركبنَّ سماءً بعد سماءٍ ، قاله ابن مسعود ، والشعبي ، ومجاهد . والثاني : لتركبن حالاً بعد حال ، قاله ابن عباس ، وقال : هو نبيُّكم . والقول الثاني : أن الإشارة إلى السماء . والمعنى : أنها تتغير ضروباً من التغيير ، فتارة كالمُهْل ، وتارةً كالدِّهان ، روي عن ابن مسعود أيضاً . وقرأ عاصم ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر « لتركبنَّ » بفتح التاء ، وضم الباء ، وهو خطاب لسائر الناس . ومعناه . لتركبنَّ حالاً بعد حال . وقرأ ابن مسعود ، وأبو الجوزاء ، وأبو الأشهب ، « ليركبَنّ » بالياء ، ونصب الباء . وقرأ أبو المتوكل ، وأبو عمران ، وابن يعمر « ليركبُنَّ » بالياء ، وضم الباء . و « عن » بمعنى : « بعد » . وهذا قول عامة المفسرين واللغوين ، وأنشدوا للأقرع بن حابس . @ إنّي امْرُؤٌ قد حَلَبْتُ الدَّهْرَ أَشْطَرَهُ وَسَاقَنِي طَبَقٌ منه إلى طَبَقِ @@ ثم في معنى الكلام خمسة أقوال . أحدها : أنه الشدائد ، والأهوال ، ثم الموت ، ثم البعث ، ثم العرض ، قاله ابن عباس . والثاني : أنه الرخاء بعد الشدة ، والشدة بعد الرخاء ، والغنى بعد الفقر ، والفقر بعد الغنى ، والصحة بعد السقم ، والسقم بعد الصحة ، [ قاله الحسن . والثالث : أنه كون الإنسان رضيعاً ثم فطيماً ثم غلاماً شاباً ثم شيخاً ] ، قاله عكرمة . والرابع : أنه تغير حال الإنسان في الآخرة بعد الدنيا ، فيرتفع من كان وضيعاً ، ويتضع من كان مرتفعاً ، وهذا مذهب سعيد بن جبير . والخامس : أنه ركوب سنن من كان قبلهم من الأولين ، قاله أبو عبيدة . وكان بعض الحكماء يقول : من كان اليوم على حالة ، وغداً على حالة أخرى ، فليعلم أن تدبيره إلى سواه . قوله تعالى : { فما لهم } يعني : كفار مكة { لا يؤمنون } أي : لا يؤمنون بمحمد والقرآن ، وهو استفهام إنكار { وإذا قرىء عليهم القرآن لا يسجدون } فيه قولان . أحدهما : لا يصلُّون ، قاله عطاء ، وابن السائب . والثاني : لا يخضعون له ، ويستكينون ، قاله ابن جرير ، واختاره القاضي أبو يعلى . قال : وقد احتج بها قوم على وجوب سجود التلاوة ، وليس فيها دلالة على ذلك ، وإنما المعنى : لا يخشعون ، ألا ترى أنه أضاف السجود إلى جميع القرآن ، والسجود يختص بمواضع منه . قوله تعالى : { بل الذين كفروا يكذِّبون } بالقرآن ، والبعث ، والجزاء { والله أعلم بما يوعون } في صدورهم ويضمرون في قلوبهم من التكذيب . قال ابن قتيبة : « يوعون » : يجمعون في قلوبهم . وقال الزجاج : يقال : أوعيت المتاع في الوعاء ، ووعيت العلم . قوله تعالى : { فبشرهم بعذاب أليم } أي أخبرهم بذلك . وقال الزجاج : اجعل للكفار بدل البشارة للمؤمنين بالجنة والرحمة ، العذابَ الأليم . و « الممنون » عند أهل اللغة : المقطوع .