Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 84, Ayat: 1-14)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إذا السماء انشقت } قال المفسرون : انشقاقها من علامات الساعة . وقد ذكر ذلك في مواضع من القرآن . [ الفرقان : 225 ، الرحمن : 37 ، الحاقة : 16 ] { وأَذِنَتْ لربها } أي : استمعت وأطاعت في الانشقاق ، من الأذن ، وهو الاستماع للشيء والإصغاء إليه ، وأنشدوا : @ صُمٌّ إذا سَمِعُوا خيراً ذُكِرْتُ بِهِ فَإنْ ذُكِرْتُ بِسُوءٍ عِنْدَهُم أَذِنُوا @@ { وحُقَّتْ } أي : حقَّ لها أن تُطيع ربَّها الذي خلقها { وإذا الأرض مُدَّتْ } قال ابن عباس : تُمَدُّ مَدَّ الأديم ، ويزاد في سَعَتها ، وقال مقاتل : لا يبقى جبل ولا بناءٌ إلا دخل فيها . قوله تعالى : { وأَلْقَتْ ما فيها من الموتى } والكنوز { وتخلَّتْ } أي : خلت من ذلك ، فلم يبق في باطنها شيء . واختلفوا في جواب هذه الأشياء المذكورات على أربعة أقوال . أحدها : أنه متروك ، لأن المعنى معروف قد تردَّد في القرآن . والثاني : أنه { يا أيها الإنسان } كقول القائل ، إذا كان كذا وكذا فيا أيها الناس تَرَوْن ما عملتم ، فيجعل : { يا أيها الإنسان } هو الجواب ، وتضمر فيه الفاء ، كأن المعنى : يرى الثواب والعقاب إذا السماء انشقت ، وذكر القولين الفراء . والثالث : أن في الكلام تقديماً وتأخيراً ، تقديره « يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه إذا السماء انشقت » قاله المبرد . والرابع : أن الجواب مدلول عليه بقوله تعالى « فملاقيه » . فالمعنى : إذا كان يوم القيامة لقي الإنسان عمله ، قاله الزجاج . قوله تعالى : { إنك كادح إلى ربك كدحاً } فيه قولان . أحدهما : إنك عامل لربك عملاً ، قاله ابن عباس . والثاني : ساعٍ إلى ربك سَعْياً ، قاله مقاتل . قال الزجاج : و « الكدح » في اللغة : السعي ، والدأب في العمل في باب الدنيا والآخرة . قال تميم بن مقبل : @ وَمَا الدَّهْرُ إلاَّ تَارَتَانِ فمِنْهما أَمُوت وأُخرى أَبْتَغي العَيْشَ أَكْدَحُ @@ وفي قوله تعالى { إلى ربك } قولان . أحدهما : عامل لربك ، وقد ذكرناه عن ابن عباس . والثاني : إلى لقاء ربك ، قاله ابن قتيبة . وفي قوله تعالى : { فملاقيه } قولان . أحدهما : فملاقٍ عَمَلَكَ . والثاني : فملاقٍ ربَّك ، كما ذكرهما الزجاج . قوله تعالى : { فسوف يحاسَب حساباً يسيراً } وهو أن تعرض عليه سيئاته ، ثم يغفرها الله له . وفي « الصحيحين » من حديث عائشة ، قالت : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من نوقش الحساب هلك ، فقلت : يا رسول الله ، فإن الله يقول : « فسوف يحاسب حساباً يسيراً » قال : « ذلك العرض » " . قوله تعالى : { وينقلب إلى أهله } يعني : في الجنة من الحور العين والآدميات { مسروراً } بما أُوتي من الكرامة { وأما من أُوتي كتابه وراء ظهره } قال المفسرون : تُغَلُّ يده اليمنى إلى عنقه ، وتجعل يده اليسرى وراء ظهره { فسوف يدعو ثبوراً } قال الزجاج : يقول : يا ويلاه ، يا ثبوراه ، وهذا يقوله كلُّ من وقع في هلكة . قوله تعالى : { ويصلى سعيراً } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وابن عامر ، والكسائي ، « ويُصُلَّى » بضم الياء ، وتشديد اللام . وقرأ عاصم ، وأبو عمرو ، وحمزة « ويصلى » بفتح الياء خفيفة ، إلا أن حمزة والكسائي يميلانها . وقد شرحناه في سورة [ النساء : 11 ] . قوله تعالى : { إنه كان في أهله } يعني في الدنيا { مسروراً } باتباع هواه ، وركوب شهواته . { إنه ظن أن لن يحور } أي : لن يرجع إلى الآخرة ، ولن يبعث وهذه صفة الكافر . قال اللغويون : الحور في اللغة : الرجوع ، وأنشدوا للبيد :