Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 88, Ayat: 8-26)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وجوه يومئذ ناعمة } أي : في نعمة وكرامة { لسعيها } في الدنيا { راضية } والمعنى : رضيت بثواب عملها { في جنة عالية } قد فسرناه في « الحاقة » [ آية : 22 ] { لا تسمع فيها لاغية } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، ورويس « لا يُسمع » بياء مضمومة . « لاغيةُ » بالرفع . وقرأ نافع كذلك إلا أنه بتاءٍ مضمومة ، والباقون بتاءٍ مفتوحة ، ونصب « لاغيةً » والمعنى : لا تسمع فيها كلمة [ لغو ] { فيها سُرُرٌ مرفوعةٌ } قال ابن عباس : ألواحها من ذهب مكلَّلة بالزبرجد ، والدر ، والياقوت ، مرتفعة ما لم يجئ أهلها ، فإذا أراد أن يجلس عليها صاحبها ، تواضعت له حتى يجلس عليها ، ثم ترتفع إلى موضعها { وأكوابٌ موضوعة } عندهم وقد ذكرنا « الأكواب » في [ الزخرف : 71 ] { ونمارق } وهي الوسائد ، واحدها : نمرقة بضم النون . قال الفراء : وسمعت بعض كلب تقول : نِمرِقة ، بكسر النون والراء { مصفوفة } بعضها إلى جنب بعض ، والزرابي : الطنافس [ التي ] لها خَمْل رقيق { مبثوثة } كثيرة . قال ابن قتيبة : كثيرة مفرّقة . قال المفسرون : لما نعت الله سبحانه ما في الجنة ، عجب من ذلك أهل الكفرة ، فذكَّرهم صنعه ، فقال تعالى : { أفلا ينظرون إلى الإبل } وقال قتادة : ذكر الله ارتفاع [ سُرُرِ ] الجنة ، وفرشها ، فقالوا : كيف نصعدها ، فنزلت هذه الآية . قال العلماء : وإنما خص الإبل من غيرها لأن العرب لم يَرَوْا بهيمة قَطُّ أعظمَ منها ، ولم يشاهدوا الفيل إلا الشاذ منهم ، ولأنها كانت أَنْفَسَ أموالهم وأكثرها ، لا تفارقهم ولا يفارقونها ، فيلاحظون فيها العِبَر الدَّالةَ على قدرة الخالق ، من إخراج لبنها من بين فَرْثٍ وَدَمٍ [ و ] من عجيب خَلْقِها ، وهي على عِظَمها مُذلَّلة للحمل الثقيل ، وتنقاد للصبي الصغير ، وليس في ذوات الأربع ما يحمل عليه وقره وهو بارك فيطيق النهوض به سواها ، وقرأ ابن عباس ، وأبو عمران الجوني ، والأصمعي عن أبي عمرو « الإبْل » بإسكان الباء ، وتخفيف اللام . وقرأ أُبَيُّ بن كعب ، وعائشة ، وأبو المتوكل ، والجحدري ، وابن السميفع ، ويونس بن حبيب وهارون كلاهما عن أبي عمرو « الإبِلِّ » بكسر الباء ، وتشديد اللام . قال هارون : قال أبو عمرو « الإبِلُّ » بتشديد اللام : السحاب الذي يحمل الماء . قوله تعالى : { كيف خُلقَتْ } وقرأ علي بن أبي طالب ، وابن عباس ، وأبو العالية ، وأبو عمران ، وابن أبي عبلة « خَلَقْتُ » بفتح الخاء ، وضم التاء . وكذلك قرؤوا : « رَفَعْتُ » و « نَصَبْتُ » و « سَطَحْتُ » . قوله تعالى : { وإلى السماء كيف رُفِعَتْ } من الأرض حتى لا ينالها شيء بغير عَمَدٍ { وإلى الجبال كيف نُصَبَتْ } على الأرض لا تزول ولا تتغير { وإلى الأرض كيف سُطِحَتْ } أي : بُسِطَتْ . والسطح : بسط الشيء ، وكل ذلك يدل على [ قدرة ] خَالقه { فَذكِّرْ } أي : عظ { إنما أنت مذكِّر } أي : واعظ ، ولم يكن حينئذ أمر بغير التذكير ، ويدل عليه قوله تعالى : { لَسْتَ عليهم بمسيطر } أي : بمسلِّط ، فتقتلهم وتكرههم على الإيمان . ثم نسختها آية السيف . وقرأ أبو رزين ، وأبو عبد الرحمن ، وعكرمة ، ومجاهد ، وقتادة ، والحلواني عن ابن عامر « بمسيطر » بالسين . وقد سبق بيان « المسيطر » في قوله تعالى { أم هم المسيطرون } [ الطور : 37 ] . قوله تعالى : { إلا من تولَّى } وهذا استثناء منقطع معناه : لكن من تولى { وكفر } بعد التذكر . وقرأ ابن عباس ، وعمرو بن العاص ، وأنس بن مالك ، وأبو مجلز ، وقتادة ، وسعيد بن جبير « ألا من تولّى » بفتح الهمزة وتخفيف اللام . { فيعذبه الله العذاب الأكبر } وهو أن يدخله جهنم ، وذلك أنهم قد عُذِّبوا في الدنيا بالجوع ، والقتل ، والأسر ، فكان عذاب جهنم هو الأكبر { إن إلينا إيابهم } قرأ أُبَيُّ بن كعب ، وعائشة ، وعبد الرحمن ، وأبو جعفر « إيَّابهم » بتشديد الياء ، أي : رجوعهم ومصيرهم بعد الموت { ثم إِن علينا حسابهم } قال مقاتل : أي : جزاءهم .