Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 122-122)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وما كان المؤمنون لينفروا كافة } في سبب نزولها أربعة أقوال . أحدها : أنه لما أنزل الله عز وجل عيوب المنافقين في غزوة تبوك ، قال المؤمنون : والله . لا نتخلَّف عن غزوة يغزوها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا سريَّة أبداً . فلما أرسل السرايا بعد تبوك ، نفر المسلمون جميعاً ، وتركوا رسول الله وحده ، فنزلت هذه الآية ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعا على مضر ، أجدبت بلادهم ؛ فكانت القبيلة منهم تُقْبِلُ بأسرها إلى المدينة من الجُهد ، ويظهرون الإسلام وهم كاذبون ؛ فضيَّقوا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . والثالث : أن ناساً أسلموا ، وخرجوا إلى البوادي يعلِّمون قومهم ، فنزلت : { إلا تنفروا يعذبكم } [ التوبة : 39 ] فقال ناس من المنافقين : هلك من لم ينفر من أهل البوادي ، فنزلت هذه الآية ، قاله عكرمة . والرابع : أن ناساً خرجوا إلى البوادي يعلِّمون الناس ويَهدونهم ، ويصيبون من الحطب ما ينتفعون به ؛ فقال لهم الناس ما نراكم إلا قد تركتم أصحابكم وجئتمونا ؛ فأقبلوا من البادية كلهم ، فنزلت هذه الآية ، قاله مجاهد . قال الزجاج : ولفظ الآية لفظ الخبر ، ومعناها الأمر ، كقوله : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } [ التوبة : 113 ] ، والمعنى : ينبغي أن ينفر بعضهم ، ويبقى البعض . قال الفراء : ينفِر وينفُر ، بكسر الفاء وضمها ، لغتان . واختلف المفسرون في المراد بهذا النفير على قولين . أحدهما : أنه النفير إلى العدو ، فالمعنى : ما كان لهم أن ينفروا بأجمعهم ، بل تنفر طائفة ، وتبقى مع النبي صلى الله عليه وسلم طائفة . { ليتفقَّهوا في الدين } يعني الفرقةَ القاعدين . فاذا رجعت السرايا ، وقد نزل بعدهم قرآن أو تجدَّد أمر ، أعلموهم به وأنذروهم به إذا رجعوا إليهم ، وهذا المعنى مروي عن ابن عباس . والثاني : أنه النفير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل تنفر منهم طائفة ليتفقه هؤلاء الذين ينفرون ، ولينذروا قومهم المتخلِّفين ، هذا قول الحسن ، وهو أشبه بظاهر الآية . فعلى القول الأول ، يكون نفير هذه الطائفة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن خرج إلى غزاة أو مع سراياه . وعلى القول الثاني ، يكون نفير الطائفة إلى رسول الله لاقتباس العلم .