Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 90, Ayat: 11-20)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فلا اقتحم العقبة } قال أبو عبيدة : فلم يقتحم العقبة [ في الدنيا ] . وقال ابن قتيبة : فلا هو اقتحم العقبة . قال الفراء : لم يضم إلى قوله تعالى : فلا اقتحم العقبة كلاماً آخر فيه « لا » ، والعرب لا تكاد تفرد « لا » في الكلام حتى يعيدوها عليه في كلام آخر ، كقوله تعالى : { فلا صدق ولا صلى } [ القيامة : 31 ] ، { ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون } [ البقرة : 62 ] . ومعنى « لا » مأخوذ من آخر هذا الكلام ، فاكتفى بواحدة من الأخرى ، ألا ترى أنه فسر اقتحام العقبة ، فقال : فكُّ رقبة . { أو إطعام في يوم ذي مسغبة } { ثم كان من الذين آمنوا } ففسرها بثلاثة أشياء . فكأنه كان في أول الكلام : فلا فعل ذا ، ولا ذا . وذهب ابن زيد في آخرين إلى أن المعنى : أفلا اقتحم العقبة ؟ على وجه الاستفهام ، والمعنى : فهلاَّ أنفق ماله في فَكِّ الرِّقاب والإطعام ليجاوز بذلك العقبة ؟ ! فأما الاقتحام فقد بَيَّناه في [ ص : 59 ] . وفي العقبة سبعة أقوال . أحدها : أنه جبل في جهنم ، قاله ابن عمر . والثاني : عقبة دون الجسر ، قاله الحسن . والثالث : سبعون دركة في جهنم ، قاله كعب . والرابع : الصراط ، قاله مجاهد ، والضحاك . والخامس : نار دون الجسر ، قاله قتادة . والسادس : طريق النجاة ، قاله ابن زيد . والسابع : أن ذكر العقبة هاهنا مَثَلٌ ضربه الله تعالى لمجاهدة النفس والهوى والشيطان في أعمال البِرِّ ، فجعله كالذي يتكلَّف صعود العقبة . يقول : لم يحمل على نفسه المشقة بعتق الرقبة والإطعام ، ذكره علي بن أحمد النيسابوري في آخرين . قوله تعالى : { وما أدراك ما العقبة } قال سفيان بن عيينة : كلُّ ما فيه « وما أدراك » فقد أخبره به ، وكلُّ ما فيه « وما يدريك » فإنه لم يخبره به . قال المفسرون : المعنى : وما أدراك ما اقتحام العقبة ؟ ثم بيَّنه فقال تعالى : { فَكُّ رقبة } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، إلا عبد الوارث ، والكسائي ، والداجوني عن ابن ذكوان « فَكَّ » بفتح الكاف « رَقَبَةَ » بالنصب « أو أطعم » بفتح الهمزة والميم وسكون الطاء من غير ألف . وقرأ عاصم ، وابن عامر ، ونافع ، وحمزة « فَكُ » بالرفع « رقبةٍ » بالخفض « أو إطعامٌ » بالألف . ومعنى فك الرقبة : تخليصها من أسر الرق ، وكل شيء أطلقته فقد فكَكْتَه . ومن قرأ « فَكَّ رقبَةَ » على الفعل ، فهو تفسير اقتحام العقبة بالفعل ، واختاره الفراء ، لقوله تعالى : { ثم كان من الذين آمنوا } قال ابن قتيبة : والمسغبة : المجاعة ، يقال : سَغِبَ يَسْغَبُ سُغُوباً : إذا جاع { يتيماً ذا مقربة } أي : ذا قرابة { أو مسكيناً ذا متربة } أي : ذا فقر كأنه لَصِق بالتراب . وقال ابن عباس : هو المطروح في التراب لا يقيه شيء . ثم بين أن هذه القُرَبَ إنما تنفع مع الإيمان بقوله تعالى : { ثم كان من الذين آمنوا } و « ثم » هاهنا بمعنى الواو ، كقوله تعالى : { ثم الله شهيد } [ يونس : 46 ] . قوله تعالى : { وتواصوا بالصبر } على فرائض الله وأمره { وتواصوا بالمرحمة } أي : بالتراحم بينهم . وقد ذكرنا أصحاب الميمنة والمشأمة في [ الواقعة : 7 ، 8 ] قال الفراء : و « المؤصدة » المطبقة . قال مقاتل : يعني أبوابها عليهم مطبقة فلا يفتح لها باب ، ولا يخرج منها غم ، ولا يدخل فيها روح آخر الأبد . وقال ابن قتيبة : يقال : أَوْصَدْتُ الباب وآصدته : إذا أطبقته . وقال الزجاج : المعنى : أن العذاب مطبق عليهم . وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وابن عامر ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم « موصدة » بغير همز هاهنا وفي [ الهمزة : 8 ] وقرأ أبو عمرو ، وحمزة ، وحفص عن عاصم بالهمز في الموضعين .