Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 90, Ayat: 1-10)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { لا أقسم } قال الزجاج : المعنى : أقسم . و « لا » دخلت توكيداً ، كقوله تعالى : { لئلا يعلم أهل الكتاب } [ الحديد : 29 ] وقرأ عكرمة ، ومجاهد ، وأبو عمران ، وأبو العالية ، « لأُقْسِمُ » قال الزجاج : وهذه القراءة بعيدة في العربية ، وقد شرحنا هذا في أول « القيامة » . قوله تعالى : { وأنت حل بهذا البلد } فيه ثلاثة أقوال . و { البلد } هاهنا : مكة . أحدها : حل لك ما صنعت في هذا البلد من قَتْلٍ أو غيره ، قاله ابن عباس ، ومجاهد . قال الزجاج : يقال : رجل حِلٌّ ، وحَلاَل ، ومُحِلٌّ . قال المفسرون : والمعنى : إن الله تعالى وعد نبيَّه أن يفتح مكة على يديه بأن يُحلَّها له ، فيكون فيها حِلاًّ . والثاني : فأنت مُحِلٌّ بهذا البلد غير مُحْرم في دخوله ، يعني : عام الفتح ، قاله الحسن ، وعطاء . والثالث : أن المشركين بهذا البلد يستحلون إخراجك وقتلك ، ويحرِّمون قتل الصيد ، حكاه الثعلبي . قوله تعالى : { ووالدٍ وما ولد } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أنه آدم وما ولد ، قاله الحسن ، ومجاهد ، والضحاك ، وقتادة . والثاني : أولاد إبراهيم ، وما ولد : ذريته ، قاله أبو عمران الجوني . والثالث : أنه عامٌّ في كل والدٍ وما ولد ، حكاه الزجاج . قوله تعالى : { لقد خلقنا الإنسان } هذا جواب القسم . وفيمن عنى بالإنسان خمسة أقوال . أحدهما : أنه اسم جنس ، وهو معنى قول ابن عباس . والثاني : أنه أبو الأشدين الجمحي ، وقد سبق ذكره ، [ المدثر : 29 ، والانفطار : 5 ] قاله الحسن . والثالث : أنه الحارث بن عامر بن نوفل ، وذلك أنه أذنب ذنباً ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة ، فقال : لقد ذهب مالي في الكفارات ، والنفقات منذ دخلت في دين محمد ، قاله مقاتل . والرابع : آدم عليه السلام ، قاله ابن زيد . والخامس : الوليد بن المغيرة ، حكاه الثعلبي . قوله تعالى : { في كَبَدٍ } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : في نَصَبٍ ، رواه الوالبي عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وأبو عبيدة ، فإنهم قالوا : في شدة . قال الحسن : يكابد الشكر على السَّرَّاء والصبر على الضَّرَّاء ، لأنه لا يخلو من أحدهما ويكابد مصائب الدنيا ، وشدائد الآخرة . قال ابن قتيبة : في شدة غلبةٍ ومكابدةٍ لأمور الدنيا والآخرة ، فعلى هذا يكون من مكابدة الأمر ، وهي معاناته . والثاني : أن المعنى : خلق منتصباً يمشي على رجلين ، وسائر الحيوان غير منتصب ، رواه مقسم عن ابن عباس ، وبه قال عكرمة ، والضحاك ، وعطية ، والفراء ، فعلى هذا يكون معنى الكبد : الاستواء والاستقامة . والثالث : في وسط السماء ، قال ابن زيد : « لقد خلقنا الإنسان » يعني : آدم « في كبد » أي : في وسط السماء . قوله تعالى : { أيحسب أن لن يقدر عليه أحد } يعني اللهَ عز وجل أي : [ أيحسب أن ] لن نقدر على بعثه ، ومعاقبته ؟ ! { يقول أهلكت مالا لُبَداً } أي : كثيراً ، قال أبو عبيدة : هو فعل من التلبُّد ، وهو المال الكثير بعضه على بعض . قال ابن قتيبة : وهو المال المتلبد ، كأنَّ بعضَه على بعض . قال الزجاج : وهو فعل للكثرة ، كما يقال : رجل حُطَم : إذا كان كثير الحطم ، وقرأ أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وعائشة ، وأبو عبد الرحمن ، وقتادة ، وأبو العالية ، وأبو جعفر « لُبَّدا » بضم اللام ، وتشديد الباء مفتوحة ، وقرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وأبو المتوكل ، وأبو عمران « لَبْدا » بفتح اللام وتسكين الباء خفيفة . وقرأ عثمان بن عفان ، والحسن ، ومجاهد ، « لُبُداً » برفع اللام والباء وتخفيفهما . وقرأ علي وابن أبي الجوزاء « لِبَدَاً » بكسر اللام ، وفتح الباء مخففة . وفيما قال لأجله ذلك قولان . أحدهما : أنه أراد : أهلكت مالاً كثيراً في عداوة محمد ، قاله ابن السائب ، فكأنه استطال بما أنفق . والثاني : أنفقت في سبيل الله وفي الكفارات مالاً كثيراً ، قاله مقاتل . فكأنه ندم على ما أنفق . قوله تعالى : { أيحسب أن لم يَرَهُ أحد } يعني اللهَ عز وجل : والمعنى : أيظن أن الله لم ير نفقته ، ولم يُحْصِها ؟ ! وكان قد ادعى ما لم ينفق . قوله تعالى : { ألم نجعل له عينين } والمعنى : ألم نفعل به ما يدل على أن الله قادر على بعثه ؟ ! . قوله تعالى : { وهديناه النَّجدين } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : سبيل الخير والشر ، قاله علي ، والحسن ، والفراء . وقال ابن قتيبة : يريد طريق الخير والشر . وقال الزجاج : النجدان : الطريقان الواضحان . والنجد : المرتفع من الأرض ، فالمعنى : ألم نُعرِّفه طريق الخير والشر كَتَبَيُّن الطريقين العاليين . والثاني : سبيل الهدى والضلال ، قاله ابن عباس . وقال مجاهد : هو سبيل الشقاوة والسعادة . والثالث : الثديانِ ليتغذى بلبنهما ، روي عن ابن عباس أيضاً ، وبه قال ابن المسيب ، والضحاك ، وقتادة .