Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 21-22)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذَا أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ } أهل مكة { رَحْمَةً } خصباً وسعة { مّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ } يعني القحط والجوع { إذا لهم مَّكْرٌ في ءاياتنا } أي مكروا بآياتنا بدفعها وإنكارها . رُوي أنه تعالى سلط القحط سبع سنين على أهل مكة حتى كادوا يهلكون ثم رحمهم بالحياة ، فلما رحمهم طفقوا يطعنون في آيات الله ويعادون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكيدونه فـ { إذا } الأولى للشرط ، والثانية جوابها وهي للمفاجأة وهو كقوله { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } [ الروم : 36 ] أي وإن تصبهم سيئة قنطوا ، وإذا أذقنا الناس رحمة مكروا . والمكر إخفاء الكيد وطيه من الجارية الممكورة المطوية الخلق ، ومعنى مستهم خالطتهم حتى أحسوا بسوء أثرها فيهم . وإنما قال : { قُلِ ٱللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا } ولم يصفهم بسرعة المكر لأن كلمة المفاجأة دلت على ذلك كأنه قال : وإذا رحمناهم من بعد ضراء فاجأوا وقوع المكر منهم وسارعوا إليه قبل أن يغسلوا رؤوسهم من مس الضراء { إِنَّ رُسُلَنَا } يعني الحفظة { يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ } إعلام بأن ما تظنونه خافياً لا يخفى على الله وهو منتقم منكم . وبالياء : سهل . { هُوَ ٱلَّذِى يُسَيّرُكُمْ فِى ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ } يجعلكم قادرين على قطع المسافات بالأرجل والدواب والفلك الجارية في البحار ، أو يخلق فيكم السير { ينشرُكم } شامي { حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِى ٱلْفُلْكِ } أي السفن { وَجَرَيْنَ } أي السفن { بِهِمُ } بمن فيها رجوع من الخطاب إلى الغيبة للمبالغة { بِرِيحٍ طَيّبَةٍ } لينة الهبوب لا عاصفة ولا ضعيفة { وَفَرِحُواْ بِهَا } بتلك الريح للينها واستقامتها { جَاءتْهَا } أي الفلك أو الريح الطيبة أي تلقتها { رِيحٌ عَاصِفٌ } ذات عصف أي شديدة الهبوب { وَجَاءهُمُ ٱلْمَوْجُ } هو ما علا على الماء { مّن كُلّ مَكَانٍ } من البحر أو من جميع أمكنة الموج { وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ } أهلكوا جعل إحاطة العدو بالحي مثلاً في الإهلاك { دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ } من غير إشراك به لأنهم لا يدعون حينئذ معه غيره يقولون : { لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ } الأهوال أو من هذه الريح { لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ } لنعمتك مؤمنين بك متمسكين بطاعتك ، ولم يجعل الكون في الفلك غاية للتسيير في البحر ولكن مضمون الجملة الشرطية الواقعة بعد { حتى } بما في حيزها كأنه قيل : يسيركم حتى إذا وقعت هذه الحادثة وكان كيت وكيت من مجيء الريح العاصف وتراكم الأمواج والظن بالهلاك والدعاء بالإنجاء ، وجواب : { إذا } { جاءتها } و { دعوا } بدل من { ظنوا } لأن دعاءهم من لوازم ظنهم للهلاك فهو ملتبس به