Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 51-59)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَالَ ٱللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ } فإن قلت : إنما جمعوا بين العدد والمعدود فيما وراء الواحد والاثنين فقالوا عندي رجال ثلاثة ، لأن المعدود عار عن الدلالة على العدد الخاص ، فأما رجل ورجلان فمعدودان فيهما دلالة على العدد فلا حاجة إلى أن يقال « رجل واحد ورجلان اثنان » . قلت : الاسم الحامل لمعنى الإفراد والتثنية دال على شيئين : على الجنسية والعدد المخصوص . فإذا أريدت الدلالة على أن المعنيّ به منهما هو العدد شفع بما يؤكده فدل به على القصد إليه والعناية به ، ألا ترى أنك لو قلت « إنما هو إلٰه » ولم تؤكده بواحد لم يحسن وخيل أنك تثبت الإلٰهية لا الوحدانية { فَإيَّـٰيَ فَٱرْهَبُونِ } نقل الكلام عن الغيبة إلى التكلم وهو من طريقة الالتفات وهو أبلغ في الترغيب من قوله « فإياي فارهبوه » . { فارهبوني } يعقوب { وَلَهُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ } أي الطاعة { وَاصِبًا } واجباً ثابتاً لأن كل نعمة منه فالطاعة واجبة له على كل منعم عليه ، وهو حال عمل فيه الظرف ، أو وله الجزاء دائماً يعني الثواب والعقاب { أَفَغْيَرَٱللَّهِ تَتَّقُونَ وَمَا بِكُم مّن نِّعْمَةٍ } وأي شيء اتصل بكم من نعمة عافية وغنى وخصب { فَمِنَ ٱللَّهِ } فهو من الله { ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ } المرض والفقر والجدب { فَإِلَيْهِ تَجْـئَرُونَ } فما تتضرعون إلا إليه ، والجؤار رفع الصوت بالدعاء والاستغاثة { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } الخطاب في و { ما بكم من نعمة } إن كان عاماً فالمراد بالفريق الكفرة ، وإن كان الخطاب للمشركين فقوله { منكم } للبيان لا للتبعيض كأنه قال : فإذا فريق كافر وهم أنتم ، ويجوز أن يكون فيهم من اعتبر كقوله { فَلَمَّا نَجَّـٰهُمْ إِلَى ٱلْبَرّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } [ لقمان : 32 ] { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيْنَـٰهُمْ } من نعمة الكشف عنهم كأنهم جعلوا غرضهم في الشرك كفران النعمة ، ثم أوعدهم فقال { فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } هو عدول إلى الخطاب على التهديد { وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ } أي لآلهتهم ، ومعنى { لا يعلمون } أنهم يسمونها آلهة ويعتقدون فيها أنها تضر وتنفع وتشفع عند الله وليس كذلك لأنها جماد لا تضر ولا تنفع ، أو الضمير في { لا يعلمون } للآلهة أي لأشياء غير موصوفة بالعلم ولا تشعر أجعلوا لها نصيباً في أنعامهم وزروعهم أم لا ، وكانوا يجعلون لهم ذلك تقرباً إليهم { تَٱللَّهِ لَتُسْـئَلُنَّ } وعيد { عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ } من أنها آلهة وأنها أهل للتقرب إليها { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ٱلْبَنَـٰتِ } كانت خزاعة وكنانة تقول الملائكة بنات الله { سُبْحَـٰنَهُ } تنزيه لذاته من نسبة الولد إليه أو تعجب من قولهم { وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ } يعني البنين . ويجوز في « ما » الرفع على الابتداء و { لهم } الخبر ، والنصب على العطف على { البنات } ، و { سبحانه } اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه أي وجعلوا لأنفسهم ما يشتهون من الذكور { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدَّا } أي صار فظل وأمسى وأصبح وبات تستعمل بمعنى الصيرورة لأن أكثر الوضع يتفق بالليل فيظل نهاره مغتماً مسود الوجه من الكآبة والحياء من الناس { وَهُوَ كَظِيمٌ } مملوء حنقاً على المرأة { يَتَوَارَىٰ مِنَ ٱلْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ } يستخفى منهم من أجل سوء المبشر به ومن أجل تعييرهم ويحدث نفسه وينظر { أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ } أيمسك ما بشر به على هون وذل { أَمْ يَدُسُّهُ فِى ٱلتُّرَابِ } أم يئده { أَلاَ سَآء مَا يَحْكُمُونَ } حيث يجعلون الولد الذي هذا محله عندهم لله ويجعلون لأنفسهم من هو على عكس هذا الوصف .