Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 233-240)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلْوٰلِدٰتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَـٰدَهُنَّ } خبر في معنى الأمر المؤكد كـ { يَتَرَبَّصْنَ } وهذا الأمر على وجه الندب أو على وجه الوجوب إذا لم يقبل الصبي إلا ثدي أمه ، أو لم توجد له ظئر ، أو كان الأب عاجزاً عن الاستئجار ، أو أراد الوالدات المطلقات وإيجاب النفقة والكسوة لأجل الرضاع { حَوْلَيْنِ } ظرف { كَامِلَيْنِ } تأمين وهو تأكيد لأنه مما يتسامح فيه فإنك تقول : أقمت عند فلان حولين ولم تستكملهما { لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ } بيان لمن توجه إليه الحكم أي هذا الحكم لمن أراد إتمام الرضاعة . والحاصل أن الأب يجب عليه إرضاع ولده دون الأم ، وعليه أن يتخذ له ظئراً إلا إذا تطوعت الأم بإرضاعه وهي مندوبة إلى ذلك ولا تجبر عليه ، ولا يجوز استئجار الأم ما دامت زوجة أو معتدة { وَعلَى ٱلْمَوْلُودِ لَهُ } الهاء يعود إلى اللام الذي بمعنى « الذي » ، والتقدير : وعلى الذي يولد له وهو الوالد ، و « له » في محل الرفع على الفاعلية كـ « عليهم » في { ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ } [ الفاتحة : 7 ] وإنما قيل « على المولود له » دون الوالد ليعلم أن الوالدات إنما ولدن لهم إذ الأولاد للآباء والنسب إليهم لا إليهن فكان عليهم أن يرزقوهن ويكسوهن إذا أرضعن ولدهم كالأظار ، ألا ترى أنه ذكره باسم الوالد حيث لم يكن هذا المعنى وهو قوله : { وَٱخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِى وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً } [ لقمان : 33 ] { رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ } بلا إسراف ولا تقتير ، وتفسيره ما يعقبه وهو أن لا يكلف واحد منهما ما ليس في وسعه ولا يتضارا { لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا } وجدها أو قدر إمكانها . والتكليف إلزام ما يؤثره في الكلفة . وانتصاب « وسعها » على أنه مفعول ثانٍ لـ « تكلف » لا على الاستثناء ودخلت إلا بين المفعولين . { لاَ تُضَارَّ } مكي وبصري بالرفع على الإخبار ومعناه النهي وهو يحتمل البناء للفاعل والمفعول وأن يكون الأصل « تضارر » بكسر الراء أو « تضارر » بفتحها . الباقون « لا تضار » على النهي والأصل « تضارر » أسكنت الراء الأولى وأدغمت في الثانية فالتقى الساكنان ففتحت الثانية لالتقاء الساكنين { وٰلِدَةٌ بِوَلَدِهَا } أي لا تضار والدة زوجها بسبب ولدها وهو أن تعنف به وتطلب منه ما ليس بعدل من الرزق والكسوة ، وأن تشغل قلبه بالتفريط في شأن الولد ، وأن تقول بعدما ألفها الصبي أطلب له ظئر أو ما أشبه ذلك { وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ } أي ولا يضار مولود له امرأته بسبب ولده بأن يمنعها شيئاً مما وجب عليه من رزقها وكسوتها أو يأخذه منها وهي تريد إرضاعه . وإذا كان مبنياً للمفعول فهو نهي عن أن يلحق بها الضرار من قبل الزوج ، وعن أن يلحق الضرار بالزوج من قبلها بسبب الولد ، أو تضار بمعنى تضر والباء من صلته أي لا تضر والدة ولدها فلا تسيء غذاءه وتعهده ولا تدفعه إلى الأب بعد ما ألفها ، ولا يضر الوالد به بأن ينتزعه من يدها أو يقصر في حقها فتقصر هي في حق الولد . وإنما قيل « بولدها » و « بولده » لأنه لما نهيت المرأة عن المضارة أضيف إليها الولد استعطافاً لها عليه وذلك الوالد { وَعَلَى ٱلْوَارِثِ } عطف على قوله « وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن » وما بينهما تفسير للمعروف معترض بين المعطوف والمعطوف عليه أي وعلى وارث الصبي عند عدم الأب « مثل ذلك » أي مثل الذي كان على أبيه في حياته من الرزق والكسوة . واختلف فيه ؛ فعند ابن أبي ليلى : كل من ورثه ، وعندنا : من كان ذا رحم محرم منه لقراءة ابن مسعود رضي الله عنه « وعلى الوارث ذي الرحم المحرم مثل ذلك » ، وعند الشافعي رحمه الله : لا نفقة فيما عدا الولاد . { فَإِنْ أَرَادَا } يعني الأبوين { فِصَالاً } فطاماً صادراً { عَن تَرَاضٍ مّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ } بينهما { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا } في ذلك زادا على الحولين أو نقصا ، وهذه توسعة بعد التحديد ، والتشاور استخراج الرأي من شرت العسل إذا استخرجته ، وذكره ليكون التراضي عن تفكر فلا يضر الرضيع ، فسبحان الذي أدب الكبير ولم يهمل الصغير واعتبر اتفاقهما ، لأن للأب النسبة والولاية وللأم الشفقة والعناية . { وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلَـٰدَكُمْ } أي لأولادكم عن الزجاج . وقيل : استرضع منقول من أرضع ، يقال أرضعت المرأة الصبي واسترضعتها الصبي معدّى إلى مفعولين أي أن تسترضعوا المراضع أولادكم فحذف أحد المفعولين يعني غير الأم عند إبائها أو عجزها { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم } إلى المراضع { مَّا ءاتَيْتُم } ما أردتم إيتاءه من الأجرة . أتيتم مكي من أتى إليه إحساناً إذا فعله ومنه قوله { كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } [ مريم : 61 ] أي مفعولاً ، والتسليم ندب لا شرط للجواز { بِٱلْمَعْرُوفِ } متعلق بـ « سلمتم » أي سلمتم الأجرة إلى المراضع بطيب نفس وسرور { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } لا تخفى عليه أعمالكم فهو يجازيكم عليها . { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ } تقول توفيت الشيء واستوفيته إذا أخذته وافياً تاماً أي تستوفى أرواحهم { وَيَذَرُونَ } ويتركون { أَزْوٰجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ } أي وزوجات الذين يتوفون منكم يتربصن أي يعتددن ، أو معناه يتربصن بعدهم بأنفسهن فحذف بعدهم للعلم به . وإنما احتيج إلى تقديره لأنه لا بد من عائد يرجـع إلى المبتدأ في الجملة التي وقعت خبراً . « يتوفون » : المفضل أي يستوفون آجالهم { أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } أي وعشر ليال والأيام داخلة معها ولا يستعمل التذكير فيه ذهاباً إلى الأيام تقول صمت عشراً ولو ذكرت لخرجت من كلامهم { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } فإذا انقضت عدتهن { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } أيها الأئمة والحكام { فِيمَا فَعَلْنَ فِى أَنفُسِهِنَّ } من التعرض للخاطب { بِٱلْمَعْرُوفِ } بالوجه الذي لا ينكره الشرع { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } عالم بالبواطن . { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ ٱلنِسَاء } الخطبة الاستنكاح ، والتعريض أن تقول لها إنك لجميلة أو صالحة ومن غرضي أن أتزوج ونحو ذلك من الكلام الموهم أنه يريد نكاحها حتى تحبس نفسها عليه إن رغبت فيه ، ولا يصرح بالنكاح فلا يقول إني أريد أن أتزوجك . والفرق بين الكناية والتعريض أن الكناية أن تذكر الشيء بغير لفظه الموضوع له ، والتعريض أن تذكر شيئاً تدل به على شيء لم تذكره كما يقول المحتاج للمحتاج إليه جئتك : لأسلم عليك ولأنظر إلى وجهك الكريم ، ولذلك قالوا : وحسبك بالتسليم مني تقاضيا فكأنه إمالة الكلام إلى غرض يدل على الغرض { أَوْ أَكْنَنتُمْ فِى أَنفُسِكُمْ } أو سترتم وأضمرتم في قلوبكم فلم تذكروه بألسنتكم لا معرضين ولا مصرحين { عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ } لا محالة ولا تنفكون عن النطق برغبتكم فيهن فاذكروهن { وَلَـٰكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّا } جماعة لأنه مما يسر أي لا تقولوا في العدة إني قادر على هذا العمل { إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا } وهو أن تعرضوا ولا تصرحوا . و « إلا » متعلق بـ « لا تواعدوهن » أي لا تواعدوهن مواعدة قط إلا مواعدة معروفة غير منكرة { وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ ٱلنّكَاحِ } من عزم الأمر وعزم عليه . وذكر العزم مبالغة في النهي عن عقد النكاح لأن العزم على الفعل يتقدمه فإذا نهى عنه كان عن الفعل أنهى ، ومعناه ولا تعزموا عقد عقدة النكاح ، أو ولا تقطعوا عقدة النكاح لأن حقيقة العزم القطع ومنه الحديث " لا صيام لمن لم يعزم الصيام من الليل " وروي لمن لم يبيت الصيام أي ولا تعزموا على عقدة النكاح { حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْكِتَـٰبُ أَجَلَهُ } حتى تنقضي عدتها . وسميت العدة كتاباً لأنها فرضت بالكتاب يعني حتى يبلغ التربص المكتوب عليها أجله أي غايته { وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى أَنفُسِكُمْ } من العزم على ما لا يجوز { فَٱحْذَرُوهُ } ولا تعزموا عليه { وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } لا يعاجلكم بالعقوبة . ونزل فيمن طلق امرأته ولم يكن سمى لها مهراً ولا جامعها { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } لا تبعة عليكم من إيجاب مهر { إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنّسَاءَ } شرط ، ويدل على جوابه « لا جناح عليكم » والتقدير : إن طلقتم النساء فلا جناح عليكم { مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } ما لم تجامعوهن ، و « ما » شرطية أي إن لم تمسوهن « تماسوهن » : حمزة وعلي حيث وقع لأن الفعل واقع بين اثنين { أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً } إلا أن تفرضوا لهن فريضة أو حتى تفرضوا ، وفرض الفريضة تسمية المهر وذلك أن المطلقة غير الموطوءة لها نصف المسمى إن سمى لها مهر ، وإن لم يسم لها مهر فليس لها نصف مهر المثل بل تجب المتعة ، والدليل على أن الجناح تبعة المهر قوله « وإن طلقتموهن » إلى قوله « فنصف ما فرضتم » فقوله « فنصف ما فرضتم » إثبات للجناح المنفي ثمة { وَمَتِّعُوهُنَّ } معطوف على فعل محذوف تقديره فطلقوهن ومتعوهن . والمتعة درع وملحفة وخمار { عَلَى ٱلْمُوسِعِ } الذي له سعة { قَدَرُهُ } مقداره الذي يطيقه . قدره فيهما : كوفي غير أبي بكر وهما لغتان { وَعَلَى ٱلْمُقْتِرِ } الضيق الحال . { قَدَرُهُ } ولا تجب المتعة عندها إلا لهذه وتستحب لسائر المطلقات { مَّتَـٰعًا } تأكيد لمتعوهن أي تمتيعاً { بِٱلْمَعْرُوفِ } بالوجه الذي يحسن في الشرع والمروءة { حَقّاً } صفة لـ « متاعاً » أي متاعاً واجباً عليهم أو حق ذلك حقاً { عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ } على المسلمين ، أو على الذين يحسنون إلى المطلقات بالتمتيع . وسماهم قبل الفعل محسنين كقوله عليه السلام « من قتل قتيلاً فله سلبه » وليس هذا الإحسان هو التبرع بما ليس عليه إذ هذه المتعة واجبة . ثم بين حكم التي سمى لها مهراً في الطلاق قبل المس فقال { وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ } « أن » مع الفعل بتأويل المصدر في موضع الحر أي من قبل مسكم إياهن { وَقَدْ فَرَضْتُمْ } في موضع الحال { لَهُنَّ فَرِيضَةً } مهراً { فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إلاَّ أَن يَعْفُونَ } يريد المطلقات . و « أن » مع الفعل في موضع النصب على الاستثناء كأنه قيل : فعليكم نصف ما فرضتم في جميع الأوقات إلا وقت عفوهن عنكم من المهر . والفرق بين الرجال « يعفون » « والنساء « يعفون » أن الواو في الأول ضميرهم والنون علم الرفع ، والواو في الثاني لام الفعل والنون ضميرهن ، والفعل مبني لا أثر في لفظه للعامل { أَوْ يَعْفُوَاْ } عطف على محله { ٱلَّذِى بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنّكَاحِ } هو الزوج كذا فسره علي رضي الله عنه وهو قول سعيد ابن جبير وشريح ومجاهد وأبي حنيفة والشافعي على الجديد رضي الله عنهم ، وهذا لأن الطلاق بيده فكان بقاء العقد بيده ، والمعنى أن الواجب شرعاً هو النصف إلا أن تسقط هي الكل أو يعطي هو الكل تفضلاً ، وعند مالك والشافعي في القديم هو الولي . قلنا : هو لا يملك التبرع بحق الصغيرة فكيف يجوز حمله عليه ؟ { وَأَن تَعْفُواْ } مبتدأ خبره { أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } والخطاب للأزواج والزوجات على سبيل التغليب ذكره الزجاج أي عفو الزوج بإعطاء كل المهر خير له ، وعفو المرأة بإسقاط كله خير لها أو للأزواج { وَلاَ تَنسَوُاْ ٱلْفَضْلَ } التفضل { بَيْنِكُمْ } أي ولا تنسوا أن يتفضل بعضكم على بعض { إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فيجازيكم على تفضلكم . { حَـٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوٰتِ } داوموا عليها بمواقيتها وأركانها وشرائطها { وٱلصَّلَوٰةِ ٱلْوُسْطَىٰ } بين الصلوات أي الفضلى من قولهم للأفضل الأوسط . وإنما أفردت وعطفت على الصلوات لانفرادها بالفضل . وهي صلاة العصر عند أبي حنيفة رحمه الله وعليه الجمهور لقوله عليه السلام يوم الأحزاب " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم ناراً " وقال عليه السلام " إنها الصلاة التي شغل عنها سليمان حتى توارت بالحجاب " وفي مصحف حفصة « والصلاة الوسطى صلاة العصر » ولأنها بين صلاتي الليل وصلاتي النهار ، وفضلها لما في وقتها من اشتغال الناس بتجاراتهم ومعايشهم . وقيل : صلاة الظهر لأنها في وسط النهار ، أو صلاة الفجر لأنها بين صلاتي النهار وصلاتي الليل ، أو صلاة الغرب لأنها بين الأربع والمثنى ، ولأنها بين صلاتي مخافتة وصلاتي جهر ، أو صلاة العشاء لأنها بين وترين ، أو هي غير معينة كليلة القدر ليحفظوا الكل . { وَقُومُواْ لِلَّهِ } في الصلاة { قَـٰنِتِينَ } حال أي مطيعين خاشعين أو ذاكرين الله في قيامكم . والقنوت أن تذكر الله قائماً أو مطيلين القيام { فَإِنْ خِفْتُمْ } فإن كان بكم خوف من عدو أو غيره { فَرِجَالاً } حال أي فصلوا راجلين وهو جمع راجل كقائم وقيام { أَوْ رُكْبَانًا } وحداناً بإيماء ويسقط عنه التوجه إلى القبلة { فَإِذَا أَمِنتُمْ } فإذا زال خوفكم { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ } فصلوا صلاة الأمن { كَمَا عَلَّمَكُم } أي ذكراً مثل ما علمكم { مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } من صلاة الأمن . { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوٰجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِم } بالنصب شامي وأبو عمرو وحمزة وحفص أي فليوصوا وصية عن الزجاج . غيرهم بالرفع أي فعليهم وصيةٌ { مَّتَـٰعًا } نصب بالوصية لأنها مصدر أو تقديره متعوهن متاعاً { إِلَى ٱلْحَوْلِ } صفة لـ « متاعاً » { غَيْرَ إِخْرَاجٍ } مصدر مؤكد كقولك « هذا القول غير ما تقول » ، أو بدل من « متاعاً » والمعنى أن حق الذين يتوفون عن أزواجهم أن يوصوا قبل أن يحتضروا بأن تمتع أزواجهم بعدهم حولاً كاملاً أي ينفق عليهن من تركته ولا يخرجن من مساكنهن ، وكان ذلك مشروعاً في أول الإسلام ثم نسخ بقوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوٰجًا } إلى قوله { أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } والناسخ متقدم عليه تلاوة ومتأخر نزولاً كقوله تعالى : { سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَاء مِنَ ٱلنَّاسِ } [ البقرة : 142 ] . مع قوله تعالى : { قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي ٱلسَّمَاء } [ البقرة : 144 ] . { فَإِنْ خَرَجْنَ } بعد الحول { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِى أَنفُسِهِنَّ } من التزين والتعرض للخطاب { مِن مَّعْرُوفٍ } مما ليس بمنكر شرعاً { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ } فيما حكم .