Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 272-282)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ } لا يجب عليك أن تجعلهم مهديين إلى الانتهاء عما نهوا عنه من المن والأذى والإنفاق من الخبيث وغير ذلك ، وما عليك إلا أن تبلغهم النواهي فحسب { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَاء } أو ليس عليك التوفيق على الهدى أو خلق الهدى وإنما ذلك إلى الله { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ } من مال { فَلأَِنفُسِكُمْ } فهو لأنفسكم لا ينتفع به غيركم فلا تمنوا به على الناس ولا تؤذوهم بالتطاول عليهم { وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ ٱللَّهِ } وليست نفقتكم إلا ابتغاء وجه الله أي رضا الله ولطلب ما عنده فما بالكم تمنون بها وتنفقون الخبيث الذي لا يوجه مثله إلى الله ، أو هذا نفي معناه النهي أي ولا تنفقوا إلا ابتغاء وجه الله { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ } ثوابه أضعافاً مضاعفة فلا عذر لكم في أن ترغبوا عن إنفاقه وأن يكون على أحسن الوجوه وأجملها { وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } ولا تنقصون كقوله : { وَلَمْ تَظْلِمِ مّنْهُ شَيْئًا } [ الكهف : 33 ] . أي لم تنقص . الجار في { لِلْفُقَرَاء } متعلق بمحذوف أي اعمدوا للفقراء ، أو هو خبر مبتدأ محذوف أي هذه الصدقات للفقراء { ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } هم الذين أحصرهم الجهاد فمنعهم من التصرف { لاَ يَسْتَطِيعُونَ } لاشتغالهم به { ضَرْبًا فِى ٱلأَرْضِ } للكسب . وقيل : هم أصحاب الصفة وهم نحو من أربعمائة رجل من مهاجري قريش لم تكن لهم مساكن في المدينة ولا عشائر ، فكانوا في صفة المسجد وهي سقيفته يتعلمون القرآن بالليل ويرضخون النوى بالنهار ، وكانوا يخرجون في كل سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن كان عنده فضل أتاهم به إذا أمسى . { يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ } بحالهم . « يحسبهم » وبابه : شامي ويزيد وحمزة وعاصم غير الأعشى وهبيرة . والباقون بكسر السين . { أَغْنِيَاء مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ } مستغنين من أجل تعففهم عن المسألة { تَعْرِفُهُم بِسِيمَـٰهُمْ } من صفرة الوجوه ورثاثة الحال { لاَ يَسْـئَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافًا } إلحاحاً . قيل : هو نفي السؤال والإلحاح جميعاً كقوله : على لا حب لا يهتدي بمناره يريد نفي المنار والاهتداء به . والإلحاح هو اللزوم وأن لا يفارق إلا بشيء يعطاه وفي الحديث " « إن الله يحب الحي الحليم المتعفف ويبغض البذي السآل الملحف " وقيل : معناه أنهم إن سألوا سألوا بتلطف ولم يلحوا { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } لا يضيع عنده . { ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوٰلَهُمْ بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ سِرّا وَعَلاَنِيَةً } هما حالان أي مسرين ومعلنين يعني يعمون الأوقات والأحوال بالصدقة لحرصهم على الخير ، فكلما نزلت بهم حاجة محتاج عجلوا قضاءها ولم يؤخروه ولم يتعللوا بوقت ولا حال . وقيل : نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين تصدق بأربعين ألف دينار : عشرة بالليل ، وعشرة بالنهار ، وعشرة في السر ، وعشرة في العلانية . أو في علي رضي الله عنه لم يملك إلا أربعة دراهم ، تصدق بدرهم ليلاً ، وبدرهم نهاراً ، وبدرهم سراً ، وبدرهم علانية . { فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ ٱلرّبَوٰاْ } هو فضل مال خال عن العوض في معاوضة مال بمال . وكتب « الربوا » بالواو على لغة من يفخم كما كتبت الصلوٰة والزكوٰة ، وزيدت الألف بعدها تشبيهاً بواو الجمع . { لاَ يَقُومُونَ } إذا بعثوا من قبورهم { إِلاَّ كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِى يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } أي المصروع لأنه تخبط في المعاملة فجوزي على المقابلة . والخبط : الضرب على غير استواء كخبط العشواء { مِنَ ٱلْمَسِّ } من الجنون وهو يتعلق بـ « لا يقومون » أي لا يقومون من المس الذي بهم إلا كما يقوم المصروع ، أو بـ « يقوم » أي كما يقوم المصروع من جنونه ، والمعنى أنهم يقومون يوم القيامة مخبلين كالمصروعين تلك سيماهم يعرفون بها عند أهل الموقف . وقيل : الذين يخرجون من الأجداث يوفضون إلا أكلة الربا فإنهم ينهضون ويسقطون كالمصروعين ، لأنهم أكلوا الربا فأرباه الله في بطونهم حتى أثقلهم فلا يقدرون على الإيفاض { ذٰلِكَ } العقاب { بِأَنَّهُمْ } بسبب أنهم { قَالُواْ إِنَّمَا ٱلْبَيْعُ مِثْلُ ٱلرّبَوٰاْ } ولم يقل « إنما الربا مثل البيع » مع أن الكلام في الربا لا في البيع ، لأنه جيء به على طريقة المبالغة وهو أنه قد بلغ من اعتقادهم في حل الربا أنهم جعلوه أصلاً وقانوناً في الحل حتى شبهوا به البيع . { وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلْبَيْعَ وَحَرَّمَ ٱلرّبَوٰاْ } إنكار لتسويتهم بينهما إذ الحل مع الحرمة ضدان فأنى يتماثلان ودلالة على أن القياس يهدمه النص لأنه جعل الدليل على بطلان قياسهم إحلال الله وتحريمه { فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مّنْ رَّبّهِ } فمن بلغه وعظ من الله وزجر بالنهي عن الربا { فَٱنتَهَىٰ } فتبع النهي وامتنع { فَلَهُ مَا سَلَفَ } فلا يؤاخذ بما مضى منه لأنه أخذ قبل نزول التحريم { وَأَمْرُهُ إِلَى ٱللَّهِ } يحكم في شأنه يوم القيامة وليس من أمره إليكم شيء فلا تطالبوه به { وَمَنْ عَادَ } إلى استحلال الربا عن الزجاج أو إلى الربا مستحلاً { فَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } لأنهم بالاستحلال صاروا كافرين لأن من أحل ما حرم الله عز وجل فهو كافر فلذا استحق الخلود ، وبهذا تبين أنه لا تعلق للمعتزلة بهذه الآية في تخليد الفساق . { يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلْرّبَوٰاْ } يذهب ببركته ويهلك المال الذي يدخل فيه { وَيُرْبِى ٱلصَّدَقَـٰتِ } ينميها ويزيدها أي يزيد المال الذي أخرجت منه الصدقة ويبارك فيه ، وفي الحديث ما نقصت زكاة من مال قط . { وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ } عظيم الكفر باستحلال الربا { أَثِيمٍ } متمادٍ في الإثم بأكله . { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } قيل : المراد به الذين آمنوا بتحريم الربا { يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِىَ مِنَ ٱلرّبَوٰاْ } أخذوا ما شرطوا على الناس من الربا وبقيت لهم بقايا فأمروا أن يتركوها ولا يطالبوا بها . روي أنها نزلت في ثقيف . وكان لهم على قوم من قريش مال فطالبوهم عند المحل بالمال والربا { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } كاملي الإيمان فإن دليل كماله امتثال المأمور به . { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } فاعلموا بها من أذن بالشيء إذا علم ، يؤيده قراءة الحسن فأيقنوا . « فآذنوا » : حمزة وأبو بكر غير ابن غالب . فأعلموا بها غيركم ولم يقل بحرب الله ورسوله لأن هذا أبلغ ، لأن المعنى فأذنوا بنوع من الحرب عظيم من عند الله ورسوله . وروي أنها لما نزلت قالت ثقيف : لا طاقة لنا بحرب الله ورسوله { وَإِن تُبتُمْ } من الارتباء { فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوٰلِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ } المديونين بطلب الزيادة عليها { وَلاَ تُظْلَمُونَ } بالنقصان منها . { وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ } وإن وقع غريم من غرمائكم ذو عسرة ذو إعسار { فَنَظِرَةٌ } فالحكم أوفى لأمر نظرة أي إنظار { إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ } يسار . « ميسرة » : نافع وهما لغتان { وَأَن تَصَدَّقُواْ } بالتخفيف : عاصم ، أي تتصدقوا برؤوس أموالكم أو ببعضها على من أعسر من غرمائكم . وبالتشديد : غيره . فالتخفيف على حذف إحدى التاءين ، والتشديد على الإدغام { خَيْرٌ لَّكُمْ } في القيامة ، وقيل : أريد بالتصديق الإنظار لقوله عليه السلام " لا يحل دين رجل مسلم فيؤخره إلا كان له بكل يوم صدقة " { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أنه خير لكم فتعملوا به جعل من لا يعمل به وإن علمه كأنه لا يعلمه . { وَٱتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ } « ترجعون » : أبو عمرو فرجع لازم ومتعدٍ . قيل : هي آخر آية نزل بها جبريل عليه السلام وقال : ضعها في رأس المائتين والثمانين من البقرة وعاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها أحداً وعشرين يوماً أو أحداً وثمانين أو سبعة أيام أو ثلاث ساعات { ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ } أي جزاء ما كسبت { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } بنقصان الحسنات وزيادة السيئات . { يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ } أي إذا داين بعضكم بعضاً . يقال داينت الرجل إذا عاملته بدين معطياً أو آخذاً { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } مدة معلومة كالحصاد أو الدياس أو رجوع الحاج ، وإنما احتيج إلى ذكر الدين ولم يقل إذا تداينتم إلى أجل مسمى ليرجـع الضمير إليه في قوله { فَٱكْتُبُوهُ } إذ لو لم يذكر لوجب أن يقال فاكتبوا الدين فلم يكن النظم بذلك الحسن ، ولأنه أبين لتنويع الدين إلى مؤجل وحال . وإنما أمر بكتابة الدين لأن ذلك أوثق وآمن من النسيان وأبعد من الجحود ، والمعنى إذا تعاملتم بدين مؤجل فاكتبوه والأمر للندب . وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن المراد به السلم وقال : لما حرم الله الربا أباح السلف . وعنه : أشهد أن الله أباح السلم المضمون إلى أجل معلوم في كتابه وأنزل فيه أطول آية ، وفيه دليل على اشتراط الأجل في السلم { وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُم } بين المتداينين { كَاتِبٌ بِٱلْعَدْلِ } هو متعلق بـ « كاتب » صفة له أي كاتب مأمون على ما يكتب يكتب بالاحتياط لا يزيد على ما يجب أن يكتب ولا ينقص ، وفيه دليل على أن يكون الكاتب فقيهاً عالماً بالشروط حتى يجيء مكتوبه معدلاً بالشرع ، وهو أمر للمتداينين بتخير الكاتب وأن لا يستكتبوا إلا فقيهاً ديناً حتى يكتب ما هو متفق عليه { وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ } ولا يمتنع واحد من الكتاب { أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ ٱللَّهُ } مثل ما علمه الله كتابة الوثائق لا يبدل ولا يغير وكما متعلق بأن يكتب { فَلْيَكْتُبْ } تلك الكتابة لا يعدل عنها { وَلْيُمْلِلِ ٱلَّذِى عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ } ولا يكن المملي إلا من وجب عليه الحق لأنه هو المشهود على ثباته في ذمته وإقراره به فيكون ذلك إقراراً على نفسه بلسانه . والإملال والإملاء لغتان { وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ } وليتق الله الذي عليه الدين ربه فلا يمتنع عن الإملاء فيكون جحوداً لكل حقه { وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً } ولا ينقص من الحق الذي عليه شيئاً في الإملاء فيكون جحوداً لبعض حقه { فَإن كَانَ ٱلَّذِى عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ سَفِيهًا } أي مجنوناً لأن السفه خفة في العقل أو محجوراً عليه لتبذيره وجهله بالتصرف { أَوْ ضَعِيفًا } صبياً { أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ } لعي به أو خرس أو جهل باللغة { فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ } الذي يلي أمره ويقوم به { بِٱلْعَدْلِ } بالصدق والحق { وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ } واطلبوا أن يشهد لكم شهيدان على الدين { مِّن رِّجَالِكُمْ } من رجال المؤمنين . والحرية والبلوغ شرط مع الإسلام وشهادة الكفار بعضهم على بعض مقبولة عندنا { فَإِن لَّمْ يَكُونَا } فإن لم يكن الشهيدان { رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ } فليشهد رجل وامرأتان وشهادة الرجال مع النساء تقبل فيما عدا الحدود والقصاص { مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَاءِ } ممن تعرفون عدالتهم ، وفيه دليل على أن غير المرضي شاهد { أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلأُخْرَىٰ } لأجل أن تنسى إحداهما الشهادة فتذكرها الأخرى { إن تضل إحداهما } على الشرط « فتذكر » بالرفع والتشديد : حمزة كقوله : { وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ ٱللَّهُ مِنْهُ } [ المائدة : 95 ] . « فَتُذْكِر » بالنصب : مكي وبصري من الذّكرُ لا من الذَّكر { وَلاَ يَأْبَ ٱلشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُواْ } لأداء الشهادة أو للتحمل لئلا تتوى حقوقهم ، وسماهم شهداء قبل التحمل تنزيلاً لما يشارف منزلة الكائن ، فالأوّل للفرض والثاني للندب { وَلاَ تَسْـئَمُواْ } ولا تملوا قال الشاعر : @ سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولاً لا أبالك يسأم @@ والضمير في { أَن تَكْتُبُوهُ } للدين أو الحق { صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا } على أي حال كان الحق من صغر أو كبر ، وفيه دلالة جواز السلم في الثياب لأن ما يكال أو يوزن لا يقال فيه الصغير والكبير وإنما يقال في الذرعي ، ويجوز أن يكون الضمير للكتاب وأن تكتبوه مختصراً أو مشبعاً أو { إِلَى أَجَلِهِ } إلى وقته الذي اتفق الغريمان على تسميته { ذٰلِكُمْ } إشارة إلى أن تكتبوه لأنه في معنى المصدر أي ذلك الكتب { أَقْسَطُ } أعدل من القسط وهو العدل { عَندَ ٱللَّهِ } ظرف لأقسط { وَأَقْوَمُ لِلشَّهَـٰدَةِ } وأعون على إقامة الشهادة وبنى أفعلا التفضيل أي « أقسط » و « أقوم » من أقسط وأقام مذهب سيبويه { وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ } وأقرب من انتفاء الريب للشاهد والحاكم وصاحب الحق فإنه قد يقع الشك في المقدار والصفات وإذا رجعوا إلى المكتوب زال ذلك ، وألف « أدنى » منقلبة من واو لأنه من الدنو { إِلا أَن تَكُونَ تِجَـٰرَةً حَاضِرَةً } عاصم أي إلا أن تكون التجارة تجارة أو إلا أن تكون المعاملة تجارة حاضرة غيره تجارة حاضرة على « كان » التامة أي إلا أن تقع تجارة حاضرة ، أو هي ناقصة والاسم تجارة حاضرة والخبر { تُدِيرُونَهَا } وقوله { بَيْنِكُمْ } ظرف لـ « تديرونها » ومعنى إدارتها بينهم تعاطيها يداً بيد { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا } يعني إلا أن تتبايعوا بيعاً ناجزاً يداً بيد فلا بأس أن لا تكتبوها لأنه لا يتوهم فيه ما يتوهم في التداين { وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ } أمر بالإشهاد على التبايع مطلقاً ناجزاً أو كالئاً لأنه أحوط وأبعد من وقوع الاختلاف ، أو أريد به وأشهدوا إذا تبايعتم هذا التبايع يعني التجارة الحاضرة على أن الإشهاد كافٍ فيه دون الكتابة والأمر للندب { وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ } يحتمل البناء للفاعل لقراءة عمر رضي الله عنه « ولا يضارر » وللمفعول لقراءة ابن عباس رضي الله عنهما « ولا يضارر » والمعنى نهي الكاتب والشهيد عن ترك الإجابة إلى ما يطلب منهما ، وعن التحريف والزيادة والنقصان ، أو النهي عن الضرار بهما بأن يعجـلا عن مهم ويلزّا ، أولاً يعطي الكاتب حقه من الجعل ، أو يحمل الشهيد مؤنة مجيئه من بلد { وَإِن تَفْعَلُواْ } وإن تضاروا { فَإِنَّهُ } فإن الضرار { فُسُوقٌ بِكُمْ } مأثم { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في مخالفة أوامره { وَيُعَلّمُكُمُ ٱللَّهُ } شرائع دينه { وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } لا يلحقه سهو ولا قصور .