Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 54-59)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } للذين عبدوا العجل . { يَـٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِٱتّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ } معبوداً { فَتُوبُواْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ } هو الذي خلق الخلق بريئاً من التفاوت . وفيه تقريع لما كان منهم من ترك عبادة العالم الحكيم الذي برأهم إبرياء من التفاوت إلى عبادة البقر الذي هو مثل في الغباوة والبلادة { فَٱقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } قيل : هو على الظاهر وهو البخع . وقيل : معناه قتل بعضهم بعضاً . وقيل : أمر من لم يعبد العجل أن يقتلوا العبدة فقتل سبعون ألفاً . { ذٰلِكُمْ } التوبة والقتل { خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ } من الإصرار على المعصية . { فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ } المفضال بقبول التوبة وإن كثرت { ٱلرَّحِيمُ } يعفو الحوبة وإن كبرت . والفاء الأولى للتسبيب لأن الظلم سبب التوبة ، والثانية للتعقيب لأن المعنى فاعزموا على التوبة فاقتلوا أنفسكم إذ الله تعالى جعل توبتهم قتل أنفسهم ، والثالثة متعلقة بشرط محذوف كأنه قال فإن فعلتم فقد تاب عليكم . { وَإِذْ قُلْتُمْ يَـٰمُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً } عياناً وانتصابها على المصدر كما تنصب القرفصاء بفعل الجلوس ، أو على الحال من « نرى » أي ذوي جهرة . { فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ } أي الموت . قيل : هي نار جاءت من السماء فأحرقتهم . روي أن السبعين الذين كانوا مع موسى عليه السلام عند الانطلاق إلى الجبل قالوا له : نحن لم نعبد العجل كما عبده هؤلاء فأرنا الله جهرة . فقال موسى : سألته ذلك فأباه عليّ . فقالوا : إنك رأيت الله تعالى فلن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة . فبعث الله عليهم صاعقة فأحرقتهم . وتعلقت المعتزلة بهذه الآية في نفي الرؤية لأنه لو كان جائز الرؤية لما عذبوا بسؤال ما هو جائز الثبوت . قلنا : إنما عوقبوا بكفرهم لأن قولهم : إنك رأيت الله فلن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة كفر منهم . ولأنهم امتنعوا عن الإيمان بموسى بعد ظهور معجزته حتى يروا ربهم جهرة ، والإيمان بالانبياء واجب بعد ظهور معجزاتهم ولا يجوز اقتراح الآيات عليهم . ولأنهم لم يسألوا سؤال استرشاد بل سؤال تعنت وعناد . { وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ } إليها حين نزلت . { ثُمَّ بَعَثْنَـٰكُم } أحييناكم وأصله الإثارة { مّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } نعمة البعث بعد الموت . { وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ } جعلنا الغمام يظلكم وذلك في التيه سخر الله لهم السحاب يسير بسيرهم يظلهم من الشمس وينزل بالليل عمود من نار يسيرون في ضوئه وثيابهم لا تتسخ ولا تبلى { وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ } الترنجبين وكان ينزل عليهم مثل الثلج من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لكل إنسان صاع . { وَٱلسَّلْوَىٰ } كان يبعث الله عليهم الجنوب فتحشر عليهم السلوى وهي السماني فيذبح الرجل منها ما يكفيه . وقلنا لهم { كُلُواْ مِن طَيِّبَـٰتِ } لذيذات أو حلالات { مَا رَزَقْنَـٰكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا } يعني فظلموا بأن كفروا هذه النعم وما ظلمونا { وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } أنفسهم مفعول « يظلمون » وهو خبر « كان » . { وَإِذْ قُلْنَا } لهم بعدما خرجوا من التيه . { ٱدْخُلُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ } أي بيت المقدس أو أريحاء . والقرية المجتمع من قريت لأنها تجمع الخلق ، أمروا بدخولها بعد التيه . { فَكُلُواْ مِنْهَا } من طعام القرية وثمارها . { حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا } واسعاً { وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ } باب القرية أو باب القبة التي كانوا يصلون إليها ، وهم لم يدخلوا بيت المقدس في حياة موسى عليه السلام وإنما دخلوا الباب في حياته ودخلوا بيت المقدس بعده . { سُجَّدًا } . حال وهو جمع ساجد ، أمروا بالسجود عند الانتهاء إلى الباب شكراً لله تعالى وتواضعاً له . { وَقُولُواْ حِطَّةٌ } فعلة من الحط كالجلسة وهي خبر مبتدأ محذوف أي مسألتنا حطة أو أمرك حطة ، والأصل النصب وقد قرىء به بمعنى حط عنا ذنوبنا حطة ، وإنما رفعت لتعطي معنى الثبات . وقيل : أمرنا حطة أي أن نحط في هذه القرية ونستقر فيها . وعن عليّ رضي الله عنه : وهو بسم الله الرحمن الرحيم . وعن عكرمة : هو لا إله إلا الله . { نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَـٰيَـٰكُمْ } جمع خطيئة وهي الذنب . « يغفر » : مدني « تغفر » : شامي . { وَسَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ } أي من كان محسناً منكم . كانت تلك الكلمة سبباً في زيادة ثوابه ومن كان مسيئاً كانت له توبة ومغفرة . { فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ } فيه حذف وتقديره فبدل الذين ظلموا بالذي قيل لهم قولاً غير الذي قيل لهم ، فـ « بدل » يتعدى إلى مفعول واحد بنفسه وإلى آخر بالباء ، فالذي مع الباء متروك والذي بغير باء موجود ، يعني وضعوا مكان حطة قولاً غيرها أي أمروا بقول معناه التوبة والاستغفار فخالفوه إلى قول ليس معناه معنى ما أمروا به ولم يمتثلوا أمر الله . وقيل : قالوا مكان حطة حنطة . وقيل : قالوا بالنبطية حطا سمقاثا أي حنطة حمراء استهزاء منهم بما قيل لهم وعدولاً عن طلب ما عند الله إلى طلب ما يشتهون من أعراض الدنيا . { فَأَنزَلْنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزًا } عذاباً . وفي تكرير « الذين ظلموا » زيادة في تقبيح أمرهم وإيذان بإنزال الرجز عليهم لظلمهم . { مِّنَ ٱلسَّمَاءِ } صفة لرجز { بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } بسبب فسقهم . روي أنه مات منهم في ساعة بالطاعون أربعة وعشرون ألفاً وقيل سبعون ألفاً .