Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 60-61)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } موضع إذ نصب كأنه قيل : واذكروا إذا استسقى أي استدعي أن يسقي قومه . { فَقُلْنَا ٱضْرِب بّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ } عطشوا في التيه فدعا لهم موسى بالسقيا فقيل له اضرب بعصاك الحجر . واللام للعهد والإشارة إلى حجـر معلوم ، فقد روي أنه حجر طوري حمله معه وكان مربعاً له أربعة أوجه كانت تنبع من كل وجه ثلاث أعين لكل سبط عين وكانوا ستمائة ألف وسعة المعسكر إثنا عشر ميلاً ، أو للجنس أي اضرب الشيء الذي يقال له الحجر ، وهذا أظهر في الحجـة وأبين في القدرة . { فَٱنفَجَرَتْ } الفاء متعلقة بمحذوف أي فضرب فانفجرت أي سالت بكثرة ، أو فإن ضربت فقد انفجرت وهي على هذا فاء فصيحة لا تقع إلا في كلام بليغ . { مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا } على عدد الأسباط وقرىء بكسر الشين وفتحها وهما لغتان ، وعيناً تمييز . { قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ } كل سبط { مَّشْرَبَهُمْ } عينهم التي يشربون منها . وقلنا لهم { كُلُواْ } من المن والسلوى . { وَٱشْرَبُواْ } من ماء العيون . { مِن رّزْقِ ٱللَّهِ } أي الكل مما رزقكم الله . { وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ } لا تفسدوا فيها . والعيث أشد الفساد { مُفْسِدِينَ } حال مؤكدة أي لا تتمادوا في الفساد في حال فسادكم لأنهم كانوا متمادين فيه . { وَإِذْ قُلْتُمْ يَـٰمُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وٰحِدٍ } هو ما رزقوا في التيه من المن والسلوى . وإنما قالوا على طعام واحد وهما طعامان لأنهم أرادوا بالواحد ما لا يتبدل ، ولو كان على مائدة الرجل ألوان عدة يداوم عليها كل يوم لا يبدلها يقال لا يأكل فلان إلا طعاماً واحداً ويراد بالوحدة نفي التبدل والاختلاف . أو أرادوا أنهما ضرب واحد لأنهما معاً من طعام أهل التلذذ والترف وكانوا من أهل الزراعات فأرادوا ما ألفوا من البقول والحبوب وغير ذلك { فَٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ } سله وقل له أخرج لنا { يُخْرِجْ لَنَا } يظهر لنا ويوجد { مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ مِن بَقْلِهَا } هو ما أنبتته الأرض من الخضر والمراد به أطايب البقول كالنعناع والكرفس والكراث ونحوهما مما يأكل الناس . { وَقِثَّآئِهَا } يعني الخيار { وَفُومِهَا } هو الحنطة أو الثوم لقراءة ابن مسعود و « ثومها » { وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ } أقرب منزلة وأدون مقداراً والدنو والقرب يعبر بهما عن قلة المقدار { بِٱلَّذِي هُوَ خَيْرٌ } أرفع وأجل . { ٱهْبِطُواْ مِصْرًا } من الأمصار أي انحدروا إليه من التيه . وبلاد التيه ما بين بيت المقدس إلى قنّسرين وهي اثنا عشر فرسخاً في ثمانية فراسخ ، أو مصر فرعون . وإنما صرفه من وجود السببين وهما التأنيث والتعريف لإرادة البلد ، أو لسكون وسطه كنوح ولوط وفيهما العجمة والتعريف { فَإِنَّ لَكُم } فيها { مَّا سَأَلْتُمْ } أي فإن الذي سألتم يكون في الأمصار لا في التيه . { وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذّلَّةُ وَٱلْمَسْكَنَةُ } أي الهوان والفقر يعني جعلت الذلة محيطة بهم مشتملة عليهم فهم فيها كما يكون في القبة من ضربت عليه ، أو ألصقت بهم حتى لزمتهم ضربة لازب كما يضرب الطين على الحائط فيلزمه . فاليهود صاغرون أذلاء أهل مسكنة وفقر إما على الحقيقة وإما لتصاغرهم وتفاقرهم خيفة أن تضاعف عليهم الجزية . « عليهم الذلة » : حمزة وعلي وكذا كل ما كان قبل الهاء ياء ساكنة وبكسر الهاء والميم : أبو عمرو . وبكسر الهاء وضم الميم : غيرهم . { وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ } من قولك « باء فلان بفلان » إذا كان حقيقاً بأن يقتل به لمساواته له . أي صاروا أحقاء بغضبه . وعن الكسائي حفوا { ذٰلِكَ } إشارة إلى ما تقدم من ضرب الذلة والمسكنة والخلافة بالغضب . { بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيّينَ } بالهمزة : نافع وكذا بابه . أي ذلك بسبب كفرهم وقتلهم الأنبياء . وقد قتلت اليهود شعياء وزكريا ويحيـى صلوات الله عليهم . والنبي من النبإ لأنه يخبر عن الله تعالى « فعيل » بمعنى « مفِعل » أو بمعنى « مفعَل » . أو من نبا أي ارتفع ، والنبوة المكان المرتفع . { بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } عندهم أيضاً فإنهم لو أنصفوا لم يذكروا شيئاً يستحقون به القتل عندهم في التوراة . وهو في محل النصب على الحال من الضمير في « يقتلون » أي يقتلونهم مبطلين { ذٰلِكَ } تكرار للإشارة . { بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ } بسبب ارتكابهم أنواع المعاصي واعتدائهم حدود الله في كل شيء مع كفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء . وقيل : هو اعتداؤهم في السبت . ويجوز أن يشار بذلك إلى الكفر وقتل الأنبياء على معنى أن ذلك بسبب عصيانهم واعتدائهم لأنهم انهمكوا فيهما وغلوا حتى قست قلوبهم فجسروا على جحود الآيات وقتلهم الأنبياء ، أو ذلك الكفر والقتل مع ما عصوا .