Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 86-91)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ } اختاروها على الآخرة اختيار المشتري { فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } ولا ينصرهم أحد بالدفع عنهم . { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَـٰبَ } التوراة . أتاه جملة { وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِٱلرُّسُلِ } يقال : قفاه إذا اتبعه من القفا نحو ذنبه من الذنب وقفاه به إذا أتبعه إياه . يعني وأرسلنا على أثره الكثير من الرسل وهم يوشع واشمويل وشمعون وداود وسليمان وشعياء وأرمياء وعزير وحزقيل وإلياس واليسع ويونس وزكريا ويحيـى وغيرهم . صلوات الله عليهم { وآتينا عيسى ابن مريم البينات } هي بمعنى الخادم ، ووزن مريم عند النحويين « مفعل » لأن « فعيلاً » لم يثبت في الأبنية ، البينات المعجزات الواضحات كإحياء الموتى وإبراء الأكمة والأبرص والإخبار بالمغيبات . { وَأَيَّدْنَـٰهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } أي الطهارة وبالسكون حيث كان : مكي . أي بالروح المقدسة كما يقال « حاتم الجود » ووصفها بالقدس للاختصاص والتقريب . أو بجبريل عليه السلام لأنه يأتي بما فيه حياة القلوب ، وذلك لأنه رفعه إلى السماء حين قصد اليهود قتله . أو بالإنجيل كما قال في القرآن { رُوحاً مّنْ أَمْرِنَا } [ الشورى : 52 ] ، أو باسم الله الأعظم الذي كان يحيي الموتى بذكره . { أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى } تحب { أَنفُسُكُم ٱسْتَكْبَرْتُمْ } تعظمتم عن قبوله { فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ } كعيسى ومحمد عليهما السلام { وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ } كزكريا ويحيـى عليهما السلام . ولم يقل قتلتم لوفاق الفواصل ، أو لأن المراد وفريقاً تقتلونه بعد لأنكم تحومون حول قتل محمد عليه السلام لولا أني أعصمه منكم ولذلك سحرتموه وسممتم له الشاة . والمعنى ولقد آتينا يا بني إسرائيل أنبياءكم ما آتيناهم فكلما جاءكم رسول منهم بالحق استكبرتم عن الإيمان به ، فوسط ما بين الفاء وما تعلقت به همزة التوبيخ والتعجب من شأنهم . { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ } جمع أغلف أي هي خلقة مغشاة بأغطية لا يتوصل إليها ما جاء به محمد عليه السلام ولا تفقهه ، مستعار من الأغلف الذي لا يختن { بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ } فرد الله أن تكون قلوبهم مخلوقة كذلك لأنها خلقت على الفطرة والتمكن من قبول الحق ، وإنما طردهم بكفرهم وزيغهم . { فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ } فـ « قليلاً » صفة مصدر محذوف أي فإيماناً قليلاً يؤمنون . و « ما » مزيدة وهو إيمانهم ببعض الكتاب . وقيل : القلة بمعنى العدم . غلف تخفيف غلف وقرىء به جمع غلاف أي قلوبنا أوعية للعلوم فنحن مستغنون بما عندنا عن غيره ، أو أوعية للعلوم فلو كان ما جئت به حقاً لقبلنا . { وَلَمَّا جَاءَهُمُ } أي اليهود { كِتَـٰبٌ مّنْ عِندِ ٱللَّهِ } أي القرآن { مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ } من كتابهم لا يخالفه { وَكَانُواْ مِن قَبْلُ } يعني القرآن { يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يستنصرون على المشركين إذا قاتلوهم قالوا : اللهم انصرنا بالنبي المبعوث في آخر الزمان الذي نجد نعته في التوراة ، ويقولون لأعدائهم المشركين : قد أظل زمان نبي يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل عاد وإرم . { فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ } « ما » موصولة أي ما عرفوه وهو فاعل « جاء » . { كَفَرُواْ بِهِ } بغياً وحسداً وحرصاً على الرياسة . { فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } أي عليهم وضعاً للظاهر موضع المضمر للدلالة على أن اللعنة لحقتهم لكفرهم . واللام للعهد أو للجنس ودخلوا فيه دخولاً أولياً ، وجواب « لما » الأولى مضمر وهو نحو كذبوا به أو أنكروه ، أو كفروا جواب الأولى والثانية لأن مقتضاهما واحد . و « ما » في { بِئْسَمَا } نكرة موصوفة مفسرة لفاعل بئس أي بئس شيئاً { ٱشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ } أي باعوه والمخصوص بالذم . { أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنزَلَ ٱللَّهُ } يعني القرآن . { بَغِيّاً } مفعول له أي حسداً وطلباً لما ليس لهم ، وهو علة اشتروا { أَن يُنَزِّلَ ٱللَّهُ } لأن ينزل . أو على أن ينزل أي حسدوه على أن ينزل الله . { مِن فَضْلِهِ } الذي هو الوحي { عَلَىٰ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ } وهو محمد عليه السلام . { فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ } فصاروا أحقاء بغضب مترادف لأنهم كفروا بنبي الحق وبغوا عليه أو كفروا بمحمد بعد عيسى عليهما السلام ، أو بعد قولهم عزيز ابن الله وقولهم يد الله مغلولة وغير ذلك . { وَلِلْكَـٰفِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ } مذل . « بئسما » وبابه غير مهموز : أبو عمرو . و « ينزل » بالتخفيف : مكي وبصري . { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } لهؤلاء اليهود . { آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ } يعني القرآن ، أو مطلق يتناول كل كتاب { قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا } أي التوراة . { وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ } أي قالوا ذلك والحال أنهم يكفرون بما وراء التوراة . { وَهُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقًا لّمَا مَعَهُمْ } غير مخالف له وفيه رد لمقالتهم لأنهم إذا كفروا بما يوافق التوراة فقد كفروا بها ، و « مصدقاً » حال مؤكدة . { قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ ٱللَّهِ } أي فلم قتلتم فوضع المستقبل موضع الماضي ويدل عليه قوله { مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } أي من قبل محمد عليه السلام ، اعتراض عليهم بقتلهم الأنبياء مع ادعائهم الإيمان بالتوراة والتوراة لا تسوغ قتل الأنبياء . قيل : قتلوا في يوم واحد ثلثمائة نبي في بيت المقدس .