Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 40-50)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِذْ تَمْشِى } بدل من { إِذْ أَوْحَيْنَا } لأن مشي أخته كان منة عليه { أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ } رُوي أن أخته مريم جاءت متعرفة خبره فصادفتهم يطلبون له مرضعة يقبل ثديها وكان لا يقبل ثدي امرأة فقالت : هل أدلكم على من يضمه إلى نفسه فيربيه وأرادت بذلك المرضعة الأم . وتذكير الفعل للفظ { مِنْ } ، فقالوا : نعم فجاء بالأم فقبل ثديها وذلك قوله { فَرَجَعْنَـٰكَ } فرددناك { إِلَىٰ أُمّكَ } كما وعدناها بقولنا { إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ } [ القصص : 7 ] { كَى تَقَرَّ عَيْنُها } بلقائك { وَلاَ تَحْزَنْ } على فراقك { وَقَتَلْتَ نَفْساً } قبطياً كافراً { فَنَجَّيْنَـٰكَ مِنَ ٱلْغَمّ } من القود . قيل الغم : القتل بلغة قريش وقيل : اغتم بسبب القتل خوفاً من عقاب الله تعالى ومن اقتصاص فرعون فغفر الله له باستغفاره { قَالَ رَبّ إِنّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَٱغْفِرْ لِى } [ القصص : 16 ] ونجاه من فرعون بأن ذهب به من مصر إلى مدين { وَفَتَنَّـٰكَ فُتُوناً } ابتليناك ابتلاء بإيقاعك في المحن وتخليصك منها ، والفتون مصدر كالقعود أو جمع فتنة أي فتناك ضروباً من الفتن ، والفتنة المحنة وكل ما يبتلي الله به عباده فتنة . { وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً } [ الأنبياء : 35 ] { فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِى أَهْلِ مَدْيَنَ } هي بلدة شعيب عليه السلام على ثمان مراحل من مصر . قال وهب : لبث عند شعيب ثمانياً وعشرين سنة ، عشر منها مهر لصفوراء ، وأقام عنده ثمان عشرة سنة بعدها حتى ولد له أولاد . { ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يٰمُوسَىٰ } أي موعد ومقدار للرسالة وهو أربعون سنة { وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي } اخترتك واصطفيتك لوحي ورسالتي لتتصرف على إرادتي ومحبتي . قال الزجاج : اخترتك لأمري وجعلتك القائم بحجتي والمخاطب بيني وبين خلقي كأني أقمت عليهم الحجة وخاطبتهم . { ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِـئَايَـٰتِى } بمعجزاتي { وَلاَ تَنِيَا } تفترا من الونى وهو الفتور والتقصير { فِى ذِكْرِى } أي اتخذا ذكري جناحاً تطيران به أو أريد بالذكر تبليغ الرسالة فالذكر يقع على سائر العبادات وتبليغ الرسالة من أعظمها { ٱذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } كرر لأن الأول مطلق والثاني مقيد { إِنَّهُ طَغَىٰ } جاوز الحد بإدعائه الربوبية { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيّناً } الطفا له في القول لما له من حق تربية موسى ، أو كنياه وهو من ذوي الكنى الثلاث : أبو العباس وأبو الوليد وأبو مرة . أو عداه شباباً لا يهرم بعده وملكاً لا ينزع عنه إلا بالموت ، أو هو قوله { هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبّكَ فَتَخْشَىٰ } [ النازعات : 19 ] أي يخاف أن يكون الأمر كما تصفان فيجره إنكاره إلى الهلكة . وإنما قال { لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ } مع علمه أنه لا يتذكر لأن الترجي لهما ، أي اذهبا على رجائكما وطمعكما وباشرا الأمر مباشرة من يطمع أن يثمر عمله . وجدوى إرسالهما إليه مع العلم بأنه لن يؤمن إلزام الحجة وقطع المعذرة . وقيل : معناه لعله يتذكر متذكر أو يخشى خاش وقد كان ذلك من كثير من الناس . وقيل : { لَعَلَّ } من الله تعالى واجب وقد تذكر ولكن حين لم ينفعه التذكر . وقيل : تذكر فرعون وخشي وأراد اتباع موسى فمنعه هامان وكان لا يقطع أمراً دونه . وتليت عند يحيى بن معاذ فبكى وقال : هذا رفقك بمن يقول أنا إله فكيف بمن قال أنت الإله ؟ وهذا رفقك بمن قال أنا ربكم الأعلى فكيف بمن قال سبحان ربي الأعلى . { قَالاَ رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا } يعجل علينا بالعقوبة ومنه الفارط يقال فرط عليه أي عجل { أَوْ أَن يَطْغَىٰ } يجاوز الحد في الإساءة إلينا { قَالَ لاَ تَخَافَا إِنَّنِى مَعَكُمَا } أي حافظكما وناصركما { أَسْمِعْ } أقوالكما { وَأَرَىٰ } أفعالكما . قال ابن عباس رضي الله عنهما : أسمع دعاءكما فأجيبه وأرى ما يراد بكما فأمنع لست بغافل عنكما فلا تهتما { فَأْتِيَاهُ } أي فرعون { فَقُولا إِنَّا رَسُولاَ رَبّكَ } إليك { فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِى إِسْرٰءيلَ } أي أطلقهم عن الاستعباد والاسترقاق { وَلاَ تُعَذّبْهُمْ } بتكليف المشاق { قَدْ جِئْنَـٰكَ بِـئَايَةٍ مّن رَّبّكَ } بحجة على صدق ما ادعيناه ، وهذه الجملة جارية من الجملة الأولى وهي { إِنَّا رَسُولاَ رَبّكَ } مجرى البيان والتفسير والتفصيل لأن دعوى الرسالة لا تثبث إلا ببينتها وهي المجيء بالآي فقال فرعون : وما هي ؟ فأخرج يده لها شعاع كشعاع الشمس { وَٱلسَّلَـٰمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ } أي سلم من العذاب من أسلم وليس بتحية . وقيل : وسلام الملائكة الذين هم خزنة الجنة على المهتدين . { إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ ٱلْعَذَابَ } في الدنيا والعقبى { عَلَىٰ مَن كَذَّبَ } بالرسل { وَتَوَلَّىٰ } أعرض عن الإيمان وهي أرجى آي القرآن لأنه جعل جنس السلام للمؤمن وجنس العذاب على المكذب وليس وراء الجنس شيء ، فأتياه وأديا الرسالة وقالا له ما أمرا به . { قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ } خاطبهما ثم نادى أحدهما لأن موسى هو الأصل في النبوة وهارون تابعه { قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِى أَعْطَىٰ كُلَّ شَىء خَلْقَهُ } { خَلَقَهُ } أول مفعولي { أَعْطَىٰ } أي أعطى خليقته كل شيء يحتاجون إليه ويرتفقون به ، أو ثانيهما أي أعطى كل شيء صورته وشكله الذي يطابق المنفعة المنوطة به كما أعطى العين الهيئة التي تطابق الإبصار ، والأذن الشكل الذي يوافق الاستماع ، وكذا الأنف والرجل واليد كل واحد منها مطابق للمنفعة المنوطة بها ، وقرأ نصير { خَلَقَهُ } صفة للمضاف أو للمضاف إليه أي أعطى كل شيء مخلوق عطاء { ثُمَّ هَدَىٰ } عرف كيف يرتفق بما أعطى للمعيشة في الدنيا والسعادة في العقبى .