Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 51-62)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأَولَىٰ } فما حال الأمم الحالية والرمم البالية ، سأله عن حال من تقدم من القرون وعن شقاء من شقي منهم وسعادة من سعد { قَالَ } موسى مجيباً { عِلْمُهَا عِندَ رَبّى } مبتدأ وخبر { فِى كِتَـٰبِ } أي اللوح خبر ثانٍ أي هذا سؤال عن الغيب وقد استأثر الله به لا يعلمه إلا هو وما أنا إلا عبد مثلك لا أعلم منه إلا ما أخبرني به علام الغيوب ، وعلم أحوال القرون مكتوب عند الله في اللوح المحفوظ { لاَّ يَضِلُّ رَبّى } أي لا يخطىء شيئاً يقال : ضللت الشيء إذا أخطأته في مكانه فلم تهتد له أي لا يخطىء في سعادة الناس وشقاوتهم { وَلاَ يَنسَى } ثوابهم وعقابهم . وقيل : لا ينسى ما علم فيذكره الكتاب ولكن ليعلم الملائكة أن معمول الخلق يوافق معلومه . { ٱلَّذِى } مرفوع صفة لـ { رَبّى } أو خبر مبتدأ محذوف أو منصوب على المدح { جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً } كوفي وغيرهم { مِهَـٰداً } وهما لغتان لما يبسط ويفرش { وَسَلَكَ } أي جعل { لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً } طرقاً { وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء } أي مطراً { فَأَخْرَجْنَا بِهِ } بالماء . نقل الكلام من الغيبة إلى لفظ المتكلم المطاع للافتنان . وقيل : تم كلام موسى ثم أخبر الله تعالى عن نفسه بقوله { فَأَخْرَجْنَا بِهِ } وقيل : هذا كلام موسى أي فأخرجنا نحن بالحراثة والغرس { أَزْوٰجاً } أصنافاً { مّن نَّبَـٰتٍ } هو مصدر سمي به النابت فاستوى فيه الواحد والجمع { شَتَّىٰ } صفة للأزواج أو للنبات جمع شتيت كمريض ومرضى أي إنها مختلفة النفع واللون والرائحة والشكل بعضها للناس وبعضها للبهائم ، ومن نعمة الله تعالى أن أرزاقنا تحصل بعمل الأنعام وقد جعل الله علفها مما يفضل عن حاجاتنا مما لا نقدر على أكله قائلين { كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَـٰمَكُمْ } حال من الضمير في { فَأَخْرَجْنَا } والمعنى أخرجنا أصناف النبات آذنين في الانتفاع بها مبيحين أن تأكلوا بعضها وتعلفوا بعضها { إِنَّ فِى ذَلِكَ } في الذي ذكرت { لآيَاتٍ } لدلالات { لأُِوْلِي ٱلنُّهَىٰ } لذوي العقول واحدها نهية لأنها تنهى عن المحظور أو ينتهى إليها في الأمور { مِنْهَا } من الأرض { خَلَقْنَـٰكُمْ } أي أباكم آدم عليه السلام . وقيل : يعجن كل نطفة بشيء من تراب مدفنه فيخلق من التراب والنطفة معاً أو لأن النطفة من الأغذية وهي من الأرض { وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } إذا متم فدفنتم { وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ } عند البعث { تَارَةً أُخْرَىٰ } مرة أخرى والمراد بإخراجهم أنه يؤلف أجزاءهم المتفرقة المختلطة بالتراب ويردهم كما كانوا أحياء ويخرجهم إلى المحشر ، عدد الله عليهم ما علق بالأرض من مرافقهم حيث جعلها لهم فراشاً ومهاداً يتقلبون عليها ، وسوى لهم فيها مسالك يترددون فيها كيف شاؤوا ، وأنبت فيها أصناف النبات التي منها أقواتهم وعلوفات بهائمهم وهي أصلهم الذي منه تفرعوا ، وأمهم التي منها ولدوا وهي كفانهم إذا ماتوا .