Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 72-84)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ } لن نختارك { عَلَىٰ مَا جَاءنَا مِنَ ٱلْبَيّنَـٰتِ } القاطعة الدالة على صدق موسى { وَٱلَّذِى فَطَرَنَا } عطف على { مَا جَاءنَا } أي لن نختارك على الذي جاءنا ولا على الذي خلقنا ، أو قسم وجوابه { لَن نُّؤْثِرَكَ } مقدم على القسم { فَٱقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ } فاصنع ما أنت صانع من القتل والصلب قال : @ وعليهما مسرودتان قضاهما @@ أي صنعهما أو احكم ما أنت حاكم { إنما تقضي هذه الحياة الدنيا } أي في هذه الحياة الدنيا فانتصب على الظرف أي إنما تحكم فينا مدة حياتنا . { أَنَاْ ءامَنَّا بِرَبّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَـٰيَـٰنَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ } « ما » موصولة منصوبة بالعطف على { خَطَـٰيَـٰنَا } { مِنَ ٱلسّحْرِ } حال من « ما » ، روي أنهم قالوا لفرعون : أرنا موسى نائماً ففعل فوجدوه تحرسه عصاه فقالوا : ما هذا بسحر الساحر إذا نام بطل سحره فكرهوا معارضته خوف الفضيحة فأكرههم فرعون على الإتيان بالسحر وضر فرعون جهله به ونفعهم علمهم بالسحر فكيف بعلم الشرع { وَٱللَّهُ خَيْرُ } ثواباً لمن أطاعه { وَأَبْقَىٰ } عقاباً لمن عصاه وهو رد لقول فرعون { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ } . { أَنَّهُ } هو ضمير الشأن { مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً } كافراً { فَإِنَّ لَهُ } للمجرم { جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا } فيستريح بالموت { وَلاَ يَحْيَىٰ } حياة ينتفع بها { وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً } مات على الإيمان { قَدْ عَمِلَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } بعد الإيمان { فَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ ٱلدَّرَجَـٰتُ ٱلْعُلَىٰ } جمع العليا { جَنَّـٰتِ عَدْنٍ } بدل من { ٱلدَّرَجَـٰتُ } { تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا } دائمين { وَذٰلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّىٰ } تطهر من الشرك بقول لا إله إلا الله . قيل : هذه الآيات الثلاث حكاية قولهم . وقيل : خبر من الله تعالى لا على وجه الحكاية وهو أظهر { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِى } لما أراد الله تعالى إهلاك فرعون وقومه أمر موسى أن يخرج بهم من مصر ليلاً ويأخذ بهم طريق البحر { فَٱضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِى ٱلْبَحْرِ } اجعل لهم من قولهم ضرب له في ماله سهماً { يَبَساً } أي يابساً وهو مصدر وصف به يقال : يبس يَبسا ويُبسا { لاَّ تَخَافُ } حال من الضمير في { فَٱضْرِب } أي اضرب لهم طريقاً غير خائف . { لاَ تَخَفْ } حمزة على الجواب { دَرَكاً } هو اسم من الإدراك أي لا يدركك فرعون وجنوده ولا يلحقونك { وَلاَ تَخْشَىٰ } الغرق وعلى قراءة حمزة { وَلاَ تَخْشَىٰ } استئناف أي وأنت لا تخشى أو يكون الألف للإطلاق كما في { وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ } [ الأحزاب : 10 ] فخرج بهم موسى من أول الليل وكانوا سبعين ألفاً وقد استعاروا حليهم فركب فرعون في ستمائة ألف من القبط فقص أثرهم فذلك قوله { فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ } هو حال أي خرج خلفهم ومعه جنوده { فَغَشِيَهُمْ مّنَ ٱلْيَمّ } أصابهم من البحر { مَا غَشِيَهُمْ } هو من جوامع الكلم التي تستقل مع قلتها بالمعاني الكثيرة أي غشيهم ما لا يعلم كنهه إلا الله عز وجل { وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ } عن سبيل الرشاد { وَمَا هَدَىٰ } وما أرشدهم إلى الحق والسداد وهذا رد لقوله { وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ } [ غافر : 29 ] . ثم ذكر منته على بني إسرائيل بعد ما أنجاهم من البحر وأهلك فرعون وقومه بقوله { يَـٰبَنِى إِسْرٰءيلَ } أي أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي وقلنا يا بني إسرائيل { قَدْ أَنجَيْنَـٰكُمْ مّنْ عَدُوّكُمْ } أي فرعون { وَوَاعَدْنَـٰكُمْ } بإيتاء الكتاب { جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنِ } وذلك أن الله عز وجل وعد موسى أن يأتي هذا المكان ويختار سبعين رجلاً يحضرون معه لنزول التوراة . وإنما نسب إليهم المواعدة لأنها كانت لنبيهم ونقبائهم وإليهم رجعت منافعها التي قام بها شرعهم ودينهم . و { ٱلأَيْمَـن } نصب لأنه صفة { جَانِبٍ } وقرىء بالجر على الجواز { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ } في التيه وقلنا لكم . { كُلُواْ مِن طَيِّبَـٰتِ } حلالات { مَا رَزَقْنَـٰكُمْ } { أنجيتكم } { وواعدتكم } { ورزقتكم } كوفي غير عاصم { وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ } ولا تتعدوا حدود الله فيه بأن تكفروا النعم وتنفقوها في المعاصي أو لا يظلم بعضكم بعضاً { فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِى } عقوبتي { وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِى فَقَدْ هَوَىٰ } هلك أو سقط سقوطاً لا نهوض بعده ، وأصله أن يسقط من جبل فيهلك وتحقيقه سقط من شرف الإيمان إلى حفرة من حفر النيران . قرأ علي { فَيَحِلَّ } { ويحلل } والباقون بكسرهما . فالمكسور في معنى الوجوب من حل الدين يحل إذا وجب أداؤه ، والمضموم في معنى النزول { وَإِنّى لَغَفَّارٌ لّمَن تَابَ } عن الشرك { وَءامَنَ } وحد الله تعالى وصدقه فيما أنزل { وَعَمِلَ صَـٰلِحَاً } أدى الفرائض { ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ } ثم استقام وثبت على الهدى المذكور وهو التوبة والإيمان والعمل الصالح . { وَمَا أَعْجَلَكَ } أي وأي شيء عجل بك { عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ } أي عن السبعين الذين اختارهم وذلك أنه مضى معهم إلى الطور على الموعد المضروب ثم تقدمهم شوقاً إلى كلام ربه وأمرهم أن يتبعوه قال الله تعالى { وَمَا أَعْجَلَكَ } أي وأي شيء أوجب عجلتك استفهام إنكار و { مَا } مبتدأ و { أَعْجَلَكَ } الخبر { قَالَ هُمْ أُوْلاء عَلَىٰ أَثَرِى } أي هم خلفي يلحقون بي وليس بيني وبينهم إلا مسافة يسيرة . ثم ذكر موجب العجلة فقال { وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبّ } أي إلى الموعد الذي وعدت { لِتَرْضَىٰ } لتزداد عني رضاً وهذا دليل على جواز الاجتهاد .