Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 29-31)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ } من الملائكة { إِنّى إِلَـٰهٌ مّن دُونِهِ } من دون الله { إني } مدني وأبو عمرو { فَذَلِكَ } مبتدأ أي فذلك القائل خبره { نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ } وهو جواب الشرط { كَذٰلِكَ نَجْزِى ٱلظَّـٰلِمِينَ } الكافرين الذين وضعوا الإلٰهية في غير موضعها وهذا على سبيل الفرض والتمثيل لتحقق عصمتهم . وقال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة والضحاك : قد تحقق الوعيد في إبليس فإنه ادعى الإلٰهية لنفسه ودعا إلى طاعة نفسه وعبادته . { أَوَلَمْ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } { ألم ير } مكي { أَنَّ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضَ كَانَتَا } أي جماعة السماوات وجماعة الأرض فلذا لم يقل كن { رَتْقاً } بمعنى المفعول أي كانتا مرتوقتين وهو مصدر فلذا صلح أن يقع موقع مرتوقتين { فَفَتَقْنَـٰهُمَا } فشققناهما ، والفتق الفصل بين الشيئين والرتق ضد الفتق . فإن قيل : متى رأوهما رتقاً حتى جاء تقريرهم بذلك ؟ قلنا : إنه وارد في القرآن الذي هو معجزة فقام مقام المرئي المشاهد ، ولأن الرؤية بمعنى العلم وتلاصق الأرض والسماء وتباينهما جائزان في العقل ، فالاختصاص بالتباين دون التلاصق لا بد له من مخصص وهو القديم جل جلاله . ثم قيل : إن السماء كانت لاصقة بالأرض لافضاء بينهما ففتقناهما أي فصلنا بينهما بالهواء . وقيل : كانت السماوات مرتتقة طبقة واحدة ففتقها الله تعالى وجعلها سبع سماوات ، وكذلك الأرض كانت مرتتقة طبقة واحدة ففتقها وجعلها سبع أرضين . وقيل : كانت السماء رتقاً لا تمطر والأرض رتقاً لا تنبت ففتق السماء بالمطر والأرض بالنبات { وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَاء كُلَّ شَىْء حَىّ } أي خلقنا من الماء كل حيوان كقوله { وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مّن مَّاء } [ النور : 45 ] أو كأنما خلقناه من الماء لفرط احتياجه إليه وحبه له وقلة صبره عنه كقوله { خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ } [ الأنبياء : 37 ] { أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ } يصدقون بما يشاهدون . { وَجَعَلْنَا فِى ٱلأَرْضِ رَوَاسِىَ } جبالاً ثوابت من رسا إذا ثبت { أَن تَمِيدَ بِهِمْ } لئلا تضطرب بهم فحذف « لا » واللام ، وإنما جاز حذف « لا » لعدم الالتباس كما تزاد لذلك في { لّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَـٰبِ } [ الحديد : 29 ] { وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً } أي طرقاً واسعة جمع فج وهو الطريق الواسع ونصب على الحال من { سُبُلاً } متقدمة ، فإن قلت : أي فرق بين قوله تعالى { لّتَسْلُكُواْ مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً } [ نوح : 20 ] وبين هذه ؟ قلت : الأول للإعلام بأنه جعل فيها طرقاً واسعة ، والثاني لبيان أنه حين خلقها خلقها على تلك الصفة فهو بيان لما أبهم ثم { لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } ليهتدوا بها إلى البلاد المقصودة .