Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 58-60)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } خرجوا من أوطانهم مجاهدين { ثُمَّ قُتِلُواْ } شامي { أَوْ مَاتُواْ } حتف أنفهم { لَيَرْزُقَنَّهُمُ ٱللَّهُ رِزْقاً حَسَناً } قيل : الرزق الحسن الذي لا ينقطع أبداً { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ ٱلرازِقِينَ } لأنه المخترع للخلق بلا مثال ، المتكفل للرزق بلا ملال { لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُّدْخَلاً } بفتح الميم مدني والمراد الجنة { يَرْضَوْنَهُ } لأن فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَلِيمٌ } بأحوال من قضى نحبه مجاهداً ، وآمال من مات وهو ينتظر معاهداً { حَلِيمٌ } بإمهال من قاتلهم معانداً . رُوي أن طوائف من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : يا نبي الله : هؤلاء الذين قتلوا قد علمنا ما أعطاهم الله من الخير ونحن نجاهد معك كما جاهدوا فما لنا إن متنا معك ؟ فأنزل الله هاتين الآيتين . { ذٰلِكَ } أي الأمر ذلك وما بعده مستأنف { وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ } سمي الابتداء بالجزاء عقوبة لملابسته له من حيث إنه سبب وذلك مسبب عنه { ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُ } أي من جازى بمثل ما فعل به من الظلم ثم ظلم بعد ذلك فحق على الله أن ينصره { إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ } يمحو آثار الذنوب { غَفُورٌ } يستر أنواع العيوب . وتقرير الوصفين بسياق الآية أن المعاقب مبعوث من عند الله على العفو وترك العقوبة بقوله { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ } [ الشورى : 40 ] { وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } [ البقرة : 237 ] فحيث لم يؤثر ذلك وانتصر فهو تارك للأفضل وهو ضامن لنصره في الكرة الثانية إذا ترك العفو وانتقم من الباغي ، وعرف مع ذلك بما كان أولى به من العفو بذكر هاتين الصفتين ، أو دل بذكر العفو والمغفرة على أنه قادر على العقوبة إذ لا يوصف بالعفو إلا القادر على ضده كما قيل « العفو عند القدرة » .