Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 55-55)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم ذكر المخلصين فقال { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } الخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام ولمن معه و { منكم } للبيان . وقيل : المراد به المهاجرون و « من » للتبعيض { لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ٱلأَرْضِ } أي أرض الكفار . وقيل : أرض المدينة . والصحيح أنه عام لقوله عليه الصلاة والسلام " ليدخلن هذا الدين على ما دخل عليه الليل " { كَمَا ٱسْتَخْلَفَ } استخلف أبو بكر { ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِى ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ } { وليبدلنهم } بالتخفيف : مكي وأبو بكر { مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً } وعدهم الله أن ينصر الاسلام على الكفر ويورثهم الأرض ويجعلهم فيها خلفاء كما فعل ببني إسرائيل حين أورثهم مصر والشام بعد إهلاك الجبابرة ، وأن يمكن الدين المرتضى وهو دين الاسلام ، وتمكينه تثبيته وتعضيده وأن يؤمن سربهم ويزيل عنهم الخوف الذي كانوا عليه . وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكثوا بمكة عشر سنين خائفين ، ولما هاجروا كانوا بالمدينة يصبحون في السلاح ويمسون فيه حتى قال رجل : ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح فنزلت فقال عليه الصلاة والسلام " لا تغبرون إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبياً ليس معه حديدة " فأنجز الله وعده وأظهرهم على جزيرة العرب وافتتحوا أبعد بلاد المشرق والمغرب ومزقوا ملك الأكاسرة وملكوا خزائنهم واستولوا على الدنيا . والقسم المتلقى باللام والنون في { ليستخلفنهم } محذوف تقديره وعدهم الله وأقسم ليستخلفنهم ، أو نزل وعد الله في تحققه منزلة القسم فتلقى بما يتلقى به القسم كأنه قيل : أقسم الله ليستخلفنهم { يَعْبُدُونَنِى } إن جعلته استئنافاً فلا محل له كأنه قيل : ما لهم يستخلفون ويؤمنون ؟ فقال : يعبدونني موحدين ، ويجوز أن يكون حالاً بدلاً من الحال الأولى . وإن جعلته حالاً عن وعدهم أي وعدهم الله ذلك في حال عبادتهم فمحله النصب { لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً } حال من فاعل يعبدون أي يعبدونني موحدين ، ويجوز أن يكون حالاً بدلاً من الحال الأولى . { وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ } أي بعد الوعد والمراد كفران النعمة كقوله تعالى : فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ { } [ النحل : 112 ] { فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ } هم الكاملون في فسقهم حيث كفروا تلك النعمة الجسيمة وجسروا على غمطها . قالوا : أول من كفر هذه النعمة قتلة عثمان رضي الله عنه فاقتتلوا بعدما كانوا إخواناً وزال عنهم الخوف ، والآية أوضح دليل على صحة خلافة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين لأن المستخلفين الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم هم .