Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 1-2)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
مكية وهي سبع وسبعون آية بسم الله الرحمن الرحيم { تَبَـٰرَكَ } تفاعل من البركة وهي كثرة الخير وزيادته ، ومعنى تبارك الله تزايد خيره وتكاثر أو تزايد عن كل شيء وتعالى عنه في صفاته وأفعاله ، وهي كلمة تعظيم لم تستعمل إلا لله وحده والمستعمل منه الماضي فحسب { ٱلَّذِى نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ } هو مصدر فرق بين الشيئين إذا فصل بينهما ، وسمي به القرآن لفصله بين الحق والباطل والحلال والحرام ، أو لأنه لم ينزل جملة ولكن مفرقاً مفصولاً بين بعضه وبعض في الإنزال ألا ترى إلى قوله : { وَقُرْءانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَـٰهُ تَنْزِيلاً } [ الإسراء : 106 ] { عَلَىٰ عَبْدِهِ } محمد عليه الصلاة والسلام { لِيَكُونَ } العبد أو الفرقان { لّلْعَـٰلَمِينَ } للجن والإنس وعموم الرسالة من خصائصه عليه الصلاة والسلام { نَذِيراً } منذراً أي مخوفاً أو إنذاراً كالنكير بمعنى الإنكار ومنه قوله تعالى { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ } [ القمر : 18 ] { ٱلَّذِى } رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو على الإبدال من { الذي نزل } وجوز الفصل بين البدل والمبدل منه بقوله { ليكون } لأن المبدل منه صلته { نزل } وليكون تعليل له فكأن المبدل منه لم يتم إلا به أو نصب على المدح { لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ } على الخلوص { وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً } كما زعم اليهود والنصارى في عزير والمسيح عليهما السلام { وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِى ٱلْمُلْكِ } كما زعمت الثنوية { وَخَلَقَ كُلَّ شَىْء } أي أحدث كل شيء وحده لا كما يقوله المجوس والثنوية من النور والظلمة ويزدان واهرمن . ولا شبهة فيه لمن يقول إن الله شيء ويقول بخلق القرآن ، لأن الفاعل بجميع صفاته لا يكون مفعولاً له على أن لفظ شيء اختلص بما يصح أن يخلق بقرينة وخلق ، وهذا أوضح دليل لنا على المعتزلة في خلق أفعال العباد { فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } فهيأه لما يصلح له بلا خلل فيه كما أنه خلق الإنسان على هذا الشكل الذي تراه فقدره للتكاليف والمصالح المنوطة به في الدين والدنيا أو قدره للبقاء إلى أمد معلوم .