Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 38-40)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ يَـا أَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِى بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِى مُسْلِمِينَ } أراد أن يريها بذلك بعض ما خصه الله تعالى به من إجراء العجائب على يده مع إطلاعها على عظم قدرة الله تعالى وعلى ما يشهد لنبوة سليمان ، أو أراد أن يأخذه قبل أن تسلم لعلمه أنها إذا أسلمت لم يحل له أخذ مالها وهذا بعيد عند أهل التحقيق ، أو أراد أن يؤتى به فينكر ويغير ثم ينظر أتثبته أم تنكره اختباراً لعقلها { قَالَ عِفْرِيتٌ مّن ٱلْجِنّ } وهو الخبيث المارد واسمه ذكوان { أَنَاْ ءاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ } مجلس حكمك وقضائك { وَإِنّى عَلَيْهِ } على حمله { لَقَوِىٌّ أَمِينٌ } آتي به كما هو لا آخذ منه شيئاً ولا أبدله . فقال سليمان عليه السلام : أريد أعجل من هذا . { قَالَ ٱلَّذِى عِندَهُ عِلْمٌ مّنَ ٱلْكِتَـٰبِ } أي ملك بيده كتاب المقادير أرسله الله تعالى عند قول العفريت ، أو جبريل عليه السلام ، والكتاب على هذا اللوح المحفوظ ، أو الخضر أو آصف بن برخيا كاتب سليمان وهو الأصح وعليه الجمهور ، وكان عنده اسم الله الأعظم الذي إذا دعى به أجاب وهو : يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام أو يا إلٰهنا وإله كل شيء إلهاً « واحداً » لا إله إلا أنت . وقيل : كان له علم بمجاري الغيوب إلهاماً { أنا ءَاتيك به } بالعرش و { آتيك } في الموضعين يجوز أن يكون فعلاً أو اسم فاعل . ومعنى قوله { قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ } أنك ترسل طرفك إلى شيء فقبل أن ترده أبصرت العرش بين يديك . ويروى أن آصف قال لسليمان عليه السلام : مد عينيك حتى ينتهي طرفك فمد عينيه فنظر نحو اليمن فدعا آصف فغار العرش في مكانه ثم نبع عند مجلس سليمان بقدرة الله تعالى قبل أن يرتد طرفه { فَلَمَّا رَءاهُ } أي العرش { مُسْتَقِرّاً عِندَهُ } ثابتاً لديه غير مضطرب { قَالَ هَـٰذَا } أي حصول مرادي وهو حضور العرش في مدة ارتداد الطرف { مِن فَضْلِ رَبّى } عليّ وإحسانه إلي بلا استحقاق مني بل هو فضل خال من العوض صافٍ عن الغرض { ليبلونىِ ءَأشكر } ليمتحنني أأشكر إنعامه { أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ } لأنه يحط به عنها عبء الواجب ويصونها عن سمة الكفران ويستجلب به المزيد وترتبط به النعمة ، فالشكر قيد للنعمة الموجودة وصيد للنعمة المفقودة . وفي كلام بعضهم : إن كفران النعمة بوار وقلما أقشعت نافرة فرجعت في نصابها ، فاستدع شاردها بالشكر ، واستدم راهنها بكرم الجوار . واعلم أن سبوغ ستر الله تعالى متقلص عما قريب إذا أنت لم ترج لله وقاراً أي لم تشكر لله نعمة { وَمَن كَفَرَ } بترك الشكر على النعمة { فَإِنَّ رَبّى غَنِىٌّ } عن الشكر { كَرِيمٌ } بالإنعام على من يكفر نعمته ، قال الواسطي : ما كان منا من الشكر فهو لنا ، وما كان منه من النعمة فهو إلينا وله المنة والفضل علينا .