Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 6-8)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَن جَاهَدَ } نفسه بالصبر على طاعة الله أو الشيطان بدفع وساوسه أو الكفار { فَإِنَّمَا يُجَـٰهِدُ لِنَفْسِهِ } لأن منفعة ذلك ترجع إليها { إِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ } وعن طاعتهم ومجاهدتهم ، وإنما أمر ونهى رحمة لعباده { وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَنُكَفّرَنَّ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهِمْ } أي الشرك والمعاصي بالإيمان والتوبة { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ ٱلَّذِى كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي أحسن جزاء أعمالهم في الإسلام . { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً } وصى حكمه حكم أمر في معناه وتصرفه . يقال : وصيت زيداً بأن يفعل خيراً كما تقول : أمرته بأن يفعل . ومنه قوله { وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرٰهِيمُ بَنِيهِ } [ البقرة : 132 ] أي وصاهم بكلمة التوحيد وأمرهم بها ، وقولك : وصيت زيداً بعمرو معناه وصيته بتعهد عمرو ومراعاته ونحو ذلك . وكذلك معنى قوله { ووصينا الإنسان بوالديه حسناً } ووصيناه بإيتاء والديه حسناً أو بإيلاء والديه حسناً أي فعلاً ذا حسن ، أو ما هو في ذاته حسن لفرط حسنه كقوله { وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا } [ البقرة : 83 ] ويجوز أن يجعل { حسناً } من باب قولك « زيداً » بإضمار « اضرب » إذا رأيته متهيئاً للضرب فتنصبه بإضمار أولهما ، أو افعل بهما لأن التوصية بهما دالة عليه وما بعده مطابق له كأنه قال : قلنا أولهما معروفاً ولا تطعهما في الشرك إذا حملاك عليه ، وعلى هذا التفسير إن وقف على { بوالديه } وابتدىء { حسناً } حسن الوقف ، وعلى التفسير الأول لا بد من إضمار القول معناه وقلنا { وَإِن جَـٰهَدَاكَ } أيها الإنسان { لِتُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } أي لا علم لك بإلهيته والمراد بنفي العلم نفي المعلوم كأنه قال : لتشرك بي شيئاً لا يصح أن يكون إلهاً { فَلاَ تُطِعْهُمَا } في ذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق { إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } مرجع من آمن منكم ومن أشرك { فَأُنَبِئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } فأجازيكم حق جزائكم ، وفي ذكر المرجع والوعيد تحذير من متابعتهما على الشرك وحث على الثبات والاستقامة في الدين . روي أن سعد بن أبي وقاص لما أسلم نذرت أمه أن لا تأكل ولا تشرب حتى يرتد فشكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية ، والتي في « لقمان » والتي في « الأحقاف »