Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 29-30)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أنفسهم بما أشركوا كما قال الله تعالى : { إِنَّ ٱلشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [ لقمان : 13 ] { أَهْوَاءهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي اتبعوا أهواءهم جاهلين { فَمَن يَهْدِى مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ } أي أضله الله تعالى { وَمَا لَهُم مّن نَّـٰصِرِينَ } من العذاب . { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينَ } فقوم وجهك له وعد له غير ملتفت عنه يميناً ولا شمالاً ، وهو تمثيل لإقباله على الدين واستقامته عليه واهتمامه بأسبابه ، فإن من اهتم بالشيء عقد عليه طرفه وسدد إليه نظره وقوم له وجهه { حَنِيفاً } حال عن المأمور أو من الدين { فِطْرَةَ ٱللَّهِ } أي الزموا فطرة الله والفطرة الخلقة ، ألا ترى إلى قوله { لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ } [ الروم : 30 ] فالمعنى أنه خلقهم قابلين للتوحيد والإسلام غير نائين عنه ولا منكرين له لكونه مجاوباً للعقل مساوقاً للنظر الصحيح حتى لو تركوا لما اختاروا عليه ديناً آخر ، ومن غوى منهم فبإغواء شياطين الجن والإنس ومنه قوله عليه السلام " كل عبادي خلقت حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم وأمروهم أن يشركوا بي غيري " وقوله عليه السلام " كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه " وقال الزجاج : معناه أن الله تعالى فطر الخلق على الإيمان به على ما جاء في الحديث " إن الله عز وجل آخرج من صلب آدم كالذر وأشهدهم على أنفسهم بأنه خالقهم " فقال { وإذ أخذ ربك } إلى قوله { قَالُواْ بَلَىٰ } [ الأعراف : 172 ] وكل مولود هو من تلك الذرية التي شهدت بأن الله تعالى خالقها . فمعنى فطرة الله دين الله { ٱلَّتِى فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا } أي خلق { لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ } أي ما ينبغي أن تبدل تلك الفطرة أو تغير . وقال الزجاج : معناه لا تبديل لدين الله ويدل عليه ما بعده وهو قوله { ذٰلِكَ ٱلدّينُ ٱلْقَيّمُ } أي المستقيم { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } حقيقة ذلك .