Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 42-46)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً } لأن الأمر في ذلك اليوم لله وحده لا يملك فيه أحد منفعة ولا مضرة لأحد ، لأن الدار دار ثواب وعقاب والمثيب والمعاقب هو الله . فكانت حالها خلاف حال الدنيا التي هي دار تكليف والناس فيها مخلى بينهم يتضارون ويتنافعون ، والمراد أنه لا ضار ولا نافع يومئذ إلا هو . ثم ذكر عاقبة الظالمين بقوله { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } بوضع العبادة في غير موضعها معطوف على { لاَ يَمْلِكُ } { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ } في الدنيا { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُنَا } أي إذا قريء عليهم القرآن { بَيّنَـٰتٍ } واضحات { قَالُواْ } أي المشركون { مَا هَـٰذَا } أي محمد { إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُكُمْ وَقَالُواْ مَا هَذَآ } أي القرآن { إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرى } . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي وقالوا ، والعدول عنه دليل على إنكار عظيم وغضب شديد { لِلْحَقّ } للقرآن أو لأمر النبوة كله { لَمَّا جَاءهُمْ } وعجزوا عن الإتيان بمثله { إِنَّ هَذَا } أي الحق { إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } بتوه على أنه سحر ثم بتوه على أنه بين ظاهر كل عاقل تأمله سماه سحراً { وَمَا ءَاتَيْنَـٰهُمْ مّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا } أي ما أعطينا مشركي مكة كتباً يدرسونها فيها برهان على صحة الشرك { وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مّن نَّذِيرٍ } ولا أرسلنا إليهم نذيراً يندرهم بالعقاب إن لم يشركوا . ثم توعدهم على تكذيبهم بقوله { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ } أي وكذب الذين تقدموهم من الأمم الماضية والقرون الخالية الرسل كما كذبوا { وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَا ءاتَيْنَـٰهُمْ } أي وما بلغ أهل مكة عشر ما أوتي الأولون من طول الأعمار وقوة الأجرام وكثرة الأموال والأولاد { فَكَذَّبُواْ رُسُلِى فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } للمكذبين الأولين فليحذروا من مثله . وبالياء في الوصل والوقف : يعقوب أي فحين كذبوا رسلهم جاءهم إنكاري بالتدمير والاستئصال ولم يغن عنهم استظهارهم بما هم مستظهرون ، فما بال هؤلاء ؟ وإنما قال { فَكَذَّبُواْ } وهو مستغنى عنه بقوله { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ } لأنه لما كان معنى قوله { وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ } وفعل الذين من قبلهم التكذيب وأقدموا عليه جعل تكذيب الرسل مسبباً عنه وهو كقول القائل : « أقدم فلان على الكفر فكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم » . { قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوٰحِدَةٍ } بخصلة واحدة وقد فسرها بقوله { أَن تَقُومُواْ } على أنه عطف بيان لها وقيل هو بدل ، وعلى هذين الوجهين هو في محل الجر . وقيل : هو في محل الرفع على تقدير وهي أن تقوموا ، والنصب على تقدير أعني ، وأراد بقيامهم القيام عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقهم عن مجتمعهم عنده ، أو قيام القصد إلى الشيء دون النهوض والانتصاب ، والمعنى إنما أعظكم بواحدة إن فعلتموها أصبتم الحق وتخلصتم وهي أن تقوموا { لِلَّهِ } أي لوجه الله خالصاً لا لحمية ولا عصبية بل لطلب الحق { مَثْنَىٰ } اثنين اثنين { وَفُرَادَىٰ } فرداً فرداً { ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ } في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به ، أما الاثنان فيتفكران ويعرض كل واحد منهما محصول فكره على صاحبه وينظران فيه نظر الصدق والإنصاف حتى يؤديهما النظر الصحيح إلى الحق ، وكذلك الفرد يتفكر في نفسه بعدل ونصفة ويعرض فكره على عقله . ومعنى تفرقهم مثنى وفرادى أن الاجتماع مما يشوش الخواطر ويعمي البصائر ويمنع من الروية ويقال الإنصاف فيه ويكثر الاعتساف ويثور عجاج التعصب ولا يسمع إلا نصرة المذهب . و { تَتَفَكَّرُواْ } معطوف على { تَقُومُواْ } { مَا بِصَـٰحِبِكُمْ } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم { مّن جِنَّةٍ } جنون . والمعنى ثم تتفكروا فتعلموا ما بصاحبكم من جنة { إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } قدام عذاب شديد وهو عذاب الآخرة وهو كقوله عليه السلام " بعثت بين يدي الساعة " ثم بين أنه لا يطلب أجراً على الإنذار بقوله :