Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 1-10)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ حـم } إن جعلتها إسماً للسورة فهو مرفوعة بالابتداء والخبر { تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ مِنَ ٱللَّهِ } صلة للتنزيل ، وإن جعلتها تعديداً للحروف كان { تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ } مبتدأ والظرف خبراً { ٱلْعَزِيزِ } في انتقامه { ٱلْحَكِيمِ } في تدبيره { إِنَّ فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ لآيَـٰتٍ } لدلالات على وحدانيته ، ويجوز أن يكون المعنى إن في خلق السماوات والأرض لآيات { لِلْمُؤْمِنِينَ } دليله قوله { وَفِى خَلْقِكُمْ } ويعطف { وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ } على الخلق المضاف لأن المضاف إليه ضمير مجرور متصل يقبح العطف عليه { ءَايَـٰتُ } حمزة وعلي بالنصب . وغيرهما بالرفع مثل قولك إن زيداً في الدار وعمراً في السوق أو وعمرو في السوق { لِِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ وَٱخْتِلَـٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَا أَنَزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَّن رِزْقٍ } أي مطر وسمي به لأنه سبب الرزق { فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ } { ٱلرّيحَ } حمزة وعلي . { ءَايٰتٌ لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } بالنصب : علي وحمزة ، وغيرهما بالرفع ، وهذا من العطف على عاملين سواء نصبت أو رفعت فالعاملان إذا نصبت « إن » و « في » . أقيمت الواو مقامهما فعملت الجر في { وَٱخْتِلَـٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } والنصب في { ءَايَـٰتُ } . وإذا رفعت فالعاملان الابتداء و « في » . عملت الواو الرفع في آيات والجر في { وَٱخْتِلَـٰف } هذا مذهب الأخفش لأنه يجوز العطف على عاملين ، وأما سيبويه فإنه لا يجيزه وتخريج الآية عنده ، أن يكون على اضمار « في » والذي حسنه تقديم ذكر « في » في الآيتين قبل هذه الآية ويؤيده قراءة ابن مسعود رضي الله عنه { وَفِى ٱخْتِلَـٰف ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } ويجوز أن ينتصب { ءايَـٰت } على الاختصاص بعد انقضاء المجرور معطوفاً على ما قبله ، أو على التكرير توكيداً لآيات الأولى كأنه قيل : آيات آيات ، ورفعها بإضمار هي . والمعنى في تقديم الإيمان على الإيقان وتوسيطه وتأخير الآخر ، أن المنصفين من العباد إذا نظروا في السماوات والأرض نظراً صحيحاً علموا أنها مصنوعة وأنه لا بد لها من صانع فآمنوا بالله ، فإذا نظروا في خلق أنفسهم وتنقلها من حال إلى حال وفي خلق ما ظهر على الأرض من صنوف الحيوان ازدادوا إيماناً وأيقنوا ، فإذا نظروا في سائر الحوادث التي تتجدد في كل وقت كاختلاف الليل والنهار ونزول الأمطار وحياة الأرض بها بعد موتها ، وتصريف الرياح جنوباً وشمالاً وقبولاً ودبوراً ، عقلوا واستحكم علمهم وخلص يقينهم { تِلْكَ } إشارة إلى الآيات المتقدمة أي تلك الآيات { ءَايَـٰتُ ٱللَّهِ } وقوله { نَتْلُوهَا } في محل الحال أي متلوة { عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ } والعامل ما دل عليه { تِلْكَ } من معنى الإشارة { فَبِأَىِّ حَدِيثٍ بَعْدَ ٱللَّهِ وَءَايَـٰتِهِ } أي بعد آيات الله كقولهم « أعجبني زيد وكرمه » يريدون أعجبني كرم زيد { يُؤْمِنُونَ } حجازي وأبو عمرو وسهل وحفص ، وبالتاء غيرهم على تقدير قل يا محمد . { وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ } كذاب { أَثِيمٍ } متبالغ في اقتراف الآثام { يَسْمَعُ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ } في موضع جر صفة { تُتْلَىٰ عَلَيْهِ } حال من آيات الله { ثُمَّ يُصِرُّ } يقبل على كفره ويقيم عليه { مُسْتَكْبِراً } عن الإيمان بالآيات والإذعان لما تنطق به من الحق مزدرياً لها معجباً بما عنده . قيل : نزلت في النضر بن الحرث وما كان يشتري من أحاديث العجم ويشغل بها الناس عن استماع القرآن . والآية عامة في كل من كان مضاراً لدين الله . وجيء بـ « ثم » لأن الإصرار على الضلالة والاستكبار عن الإيمان عند سماع آيات القرآن مستبعد في العقول { كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا } « كأن » مخففة والأصل كأنه لم يسمعها والضمير ضمير الشأن ومحل الجملة النصب على الحال أي يصر مثل غير السامع { فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } فأخبره خبراً يظهر أثره على البشرة . { وَإِذَا عَلِمَ مِنْ ءَايَـٰتِنَا شَيْئاً } وإذا بلغه شيء من آياتنا وعلم أنه منها { ٱتَّخَذَهَا } اتخذ الآيات { هُزُواً } ولم يقل اتخذه للإشعار بأنه إذا أحس بشيء من الكلام أنه من جملة الآيات خاض في الاستهزاء بجميع الآيات ولم يقتصر على الاستهزاء بما بلغه ، ويجوز أن يرجع الضمير إلى شيء لأنه في معنى الآية كقول أبي العتاهية : @ نفسي بشيء من الدنيا معلقة الله والقائم المهدي يكفيها @@ حيث أراد عتبة { أُوْلَـٰئِكَ } إشارة إلى كل أفاك أثيم لشموله الأفاكين { لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } مخز { مِّن وَرَآئِهِمْ } من قدامهم الوراء اسم للجهة التي يواريها الشخص من خلف أو قدام { جَهَنَّمُ وَلاَ يُغْنِى عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ } من الأموال { شَيْئاً } من عذاب الله { وَلاَ مَا ٱتَّخَذُواْ } « ما » فيهما مصدرية أو موصلة { مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الأوثان { أَوْلِيَآءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } في جهنم .