Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 116-120)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ءَأَنْتَ قُلتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ } الجمهور على أن هذا السؤال يكون في يوم القيامة دليله سياق الآية وسباقها . وقيل : خاطبه به حين رفعه إلى السماء دليله لفظ « إذ » { قَالَ سُبْحَـٰنَكَ } من أن يكون لك شريك { مَا يَكُونُ لِي } ما ينبغي لي { أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ } أن أقول قولاً لا يحق لي أن أقوله { إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ } إن صح أني قلته فيما مضى فقد علمته ، والمعنى : أني لا أحتاج إلى الاعتذار لأنك تعلم أني لم أقله ولو قلته لعلمته لأنك { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي } ذاتي { وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ } ذاتك . فنفس الشيء ذاته وهويته والمعنى : تعلم معلومي ولا أعلم معلومك { إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلْغُيُوبِ } تقرير للجملتين معاً لأن ما انطوت عليه النفوس من جملة الغيوب ولأن ما يعلم علام الغيوب لا ينتهي إليه علم أحد . { مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَآ أَمَرْتَنِي بِهِ } أي ما أمرتهم إلا بما أمرتني به . ثم فسر ما أمر به فقال : { أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبّي وَرَبَّكُمْ } فـ « أن » مفسرة بمعنى « أي » { وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً } رقيباً { مَّا دُمْتُ فِيهِمْ } مدة كوني فيهم { فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ } الحفيظ { وَأَنتَ عَلَىٰ كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } من قولي وفعلي وقولهم وفعلهم { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } قال الزجاج : علم عيسى عليه السلام أن منهم من آمن ومنهم من أقام على الكفر فقال في جملتهم « إن تعذبهم » أي إن تعذب من كفر منهم فإنهم عبادك الذين علمتهم جاحدين لآياتك مكذبين لأنبيائك وأنت العادل في ذلك فإنهم قد كفروا بعد وجوب الحجة عليهم ، وإن تغفر لهم أي لمن أقلع منهم وآمن فذلك تفضل منك ، وأنت عزيز لا يمتنع عليك ما تريد ، حكيم في ذلك ، أو عزيز قوي قادر على الثواب ، حكيم لا يعاقب إلا عن حكمة وصواب . { قَالَ ٱللَّهُ هَـٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ ٱلصَّـٰدِقِينَ صِدْقُهُمْ } برفع اليوم والإضافة على أنه خبر هذا أي يقول الله تعالى « هذا يوم ينفع الصادقين » فيه صدقهم المستمر في دنياهم وآخرتهم . والجملة من المبتدأ والخبر في محل النصب على المفعولية كما تقول « قال زيد عمرو منطلق » ، وبالنصب : نافع . على الظرف أي قال الله هذا لعيسى عليه السلام يوم ينفع الصادقين صدقهم وهو يوم القيامة { لَهُمْ جَنَّـٰتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ } بالسعي المشكور { وَرَضُواْ عَنْهُ } بالجزاء الموفور { ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } لأنه باقٍ بخلاف الفوز في الدنيا فهو غير باقٍ { للَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ } عظم نفسه عما قالت النصارى إن معه إلهاً آخر { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } من المنع والإعطاء والإيجاد والإفناء ، نسأله أن يوفقنا لمرضاته ويجعلنا من الفائزين بجناته ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .