Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 108-115)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَإِنْ عُثِرَ } فإن اطلع { عَلَىٰ أَنَّهُمَا ٱسْتَحَقَّا إِثْماً } فعل ما أوجب إثماً واستوجبا أن يقال إنهما لمن الآثمين { فئاخران } فشاهدان آخران { يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ } أي من الذين استحق عليهم الإثم ، ومعناه من الذين جني عليهم وهم أهل الميت وعشيرته ، وفي قصة بديل أنه لما ظهرت خيانة الرجلين حلف رجلان من ورثته إنه إناء صاحبهما وإن شهادتهما أحق من شهادتهما { ٱلأَوَّلِٰينَ } الأحقان بالشهادة لقرابتهما أو معرفتهما . وارتفاعهما على « هما الأوليان » كأنه قيل : ومن هما ؟ فقيل : الأوليان . أو هما بدل من الضمير في « يقومان » أو من « « آخران » . « استحق عليهم الأوليان » . حفص أي من الورثة الذين استحق عليهم الأوليان من بينهم بالشهادة أن يجردوهما للقيام بالشهادة ويظهروا بهما كذب الكاذبين . « الأوَّلين » : حمزة وأبو بكر على أنه وصف للذين استحق عليهم مجرور أو منصوب على المدح . وسموا أولين لأنهم كانوا أولين في الذكر في قوله « شهادة بينكم » { فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ لَشَهَـٰدَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَـٰدَتِهِمَا } أي ليميننا أحق بالقبول من يمين هذين الوصيين الخائنين { وَمَا ٱعْتَدَيْنَا } وما تجاوزنا الحق في يميننا { إِنَّآ إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي إن حلفنا كاذبين { ذٰلِكَ } الذي مر ذكره من بيان الحكم { أَدْنَىٰ } أقرب { أَن يَأْتُواْ } أي الشهداء على نحو تلك الحادثة { بِٱلشَّهَـٰدَةِ عَلَىٰ وَجْهِهَا } كما حملوها بلا خيانة فيها { أَوْ يَخَـٰفُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَـٰنٌ بَعْدَ أَيْمَـٰنِهِمْ } أي تكرر أيمان شهود آخرين بعد أيمانهم فيفتضحوا بظهور كذبهم { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في الخيانة واليمين الكاذبة { وَٱسْمَعُواْ } سمع قبول وإجابة { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ } الخارجين عن الطاعة . فإن قلت : ما معنى « أو » هنا ؟ قلت : معناه ذلك أقرب من أن يؤدّوا الشهادة بالحق والصدق ، إما لله أو لخوف العار والافتضاح برد الأيمان ، وقد احتج به من يرى ردّ اليمين على المدعي ، والجواب أن الورثة قد ادّعوا على النصرانيين أنهما قد اختانا فحلفا ، فلما ظهر كذبهما ادعيا الشراء فيما كتما فأنكرت الورثة فكانت اليمين على الورثة لإنكارهما الشراء . { يَوْمَ } منصوب بـ « اذكروا » أو احذروا { يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ } ما الذي أجابتكم به أممكم حين دعوتموهم إلى الإيمان ؟ وهذا السؤال توبيخ لمن أنكرهم . « وماذا » منصوب بـ « أجبتم » نصب المصدر على معنى أيَّ إجابة أجبتم { قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا } بإخلاص قومنا دليله { إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلْغُيُوبِ } أو بما أحدثوا بعدنا دليله « كنت أنت الرقيب عليهم » أو قالوا ذلك تأدباً أي علمنا ساقط مع علمك ومغمور به فكأنه لا علم لنا { إِذْ قَالَ ٱللَّهُ } بدل من « يوم يجمع » { يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وٰلِدَتِكَ } حيث طهرتها واصطفيتها على نساء العالمين . والعامل في { إِذْ أَيَّدتُّكَ } أي قويتك « نعمتي » { بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } جبريل عليه السلام أيد به لتثبت الحجة عليهم ، أو بالكلام الذي يحيا به الدين ، وأضافه إلى القدس لأنه سبب الطهر من أو ضارم الآثام دليله { تُكَلّمُ ٱلنَّاسَ فِى ٱلْمَهْدِ } حال أي تكلمهم طفلاً إعجازاً { وَكَهْلاً } تبليغاً { وَإِذْ عَلَّمْتُكَ } معطوف على « إذ أيدتك » ونحوه « وإذ تخلق » . « وإذ تخرج » . « وإذ كففت » . « وإذ أوحيت » { ٱلْكِتَـٰبِ } الخط { وَٱلْحِكْـمَةَ } الكلام المحكم الصواب { وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ } تقدر { مِنَ ٱلطّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ } هيئة مثل هيئة الطير { بِإِذْنِى } بتسهيلي { فَتَنفُخُ فِيهَا } الضمير للكاف لأنها صفة الهيئة التي كان يخلقها عيسى وينفخ فيها ، ولا يرجع إلى الهيئة المضاف إليها لأنها ليست من خلقه ، وكذا الضمير في { فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي } وعطف { وَتُبْرِىءُ ٱلأَكْمَهَ وَٱلأَبْرَصَ بِإِذْنِي } على « تخلق » { وَإِذْ تُخْرِجُ ٱلْمَوتَىٰ } من القبور أحياء { بِإِذْنِي } قيل : أخرج سام بن نوح ورجلين وامرأة وجارية . { وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرٰءِيلَ عَنكَ } أي اليهود حين هموا بقتله { إِذْ جِئْتَهُمْ } ظرف لـ « كففت » { بِٱلْبَيّنَـٰتِ فَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } ساحر حمزة وعلي { وَإِذْ أَوْحَيْتُ } ألهمت { إِلَى ٱلْحَوَارِيّينَ } الخواص أو الأصفياء { أن آمنوا } أي آمنوا { بي وبرسولي قالوا آمنا وأشهد بأننا مسلمون } أي اشهد بأننا مخلصون من أسلم وجهه { إِذْ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ } أي اذكروا إذ { يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ } « عيسى » نصب على اتباع حركته حركة الابن نحو « يا زيد بن عمرو » { هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ } هل يفعل أو هل يطيعك ربك إن سألته ، فاستطاع وأطاع بمعنى كاستجاب وأجاب . هل تستطيع ربك على أي هل تستطيع سؤال ربك فحذف المضاف ، والمعنى : هل تسأله ذلك من غير صارف يصرفك عن سؤاله { أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا } « ينزول » : مكي وبصري { مَآئِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } هي الخوان إذا كان عليه الطعام من مادَه إذا أعطاه كأنها تميد من تقدم إليها { قَالَ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في اقتراح الآيات بعد ظهور المعجزات { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } إذ الإيمان يوجب التقوى . { قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا } تبركاً { وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا } ونزداد يقيناً كقول إبراهيم عليه السلام { وَلَـٰكِن لّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } [ البقرة : 260 ] { وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا } أي نعلم صدقك عياناً كما علمناه استدلالاً { وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ } بما عاينا لمن بعدنا . ولما كان السؤال لزيادة العلم لا للتعنت { قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ ٱللَّهُمَّ } أصله « يا الله » فحذف « يَا » وعوض منه « الميم » { رَبَّنَا } نداء ثانٍ { أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مّنَ ٱلسَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً } أي يكون يوم نزولها عيداً . قيل : هو يوم الأحد ومن ثم اتخذه النصارى عيداً ، والعيد : السرور العائد ولذا يقال « يوم عيد » فكان معناه : تكون لنا سروراً وفرحاً { لأَِوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا } بدل من « لنا » بتكرير العامل أي لمن في زماننا من أهل ديننا ، ولمن يأتي بعدنا ، أو يأكل منها آخر الناس كما يأكل أولهم ، أو للمتقدمين منا والأتباع { وآيةً مِنكَ } على صحة نبوّتي ثم أكد ذلك بقوله { وَٱرْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرازِقِينَ } وأعطنا ما سألناك وأنت خير المعطين { قَالَ ٱللَّهُ إِنّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ } بالتشديد : مدني وشامي وعاصم . وعد الإنزال وشرط عليهم شرطاً بقوله { فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ } بعد إنزالها منكم { فَإِنّي أُعَذّبُهُ عَذَاباً } أي تعذيباً كالسلام بمعنى التسليم . والضمير في { لآَّ أُعَذِّبُهُ } للمصدر ولو أريد بالعذاب ما يعذب به لم يكن بد من الباء { أَحَداً مِّنَ ٱلْعَـٰلَمِينَ } عن الحسن أن المائدة لم تنزل ولو نزلت لكانت عيداً إلى يوم القيامة لقوله : « وآخرنا » . والصحيح أنها نزلت . فعن وهب نزلت مائدة منكوسة تطير بها الملائكة عليها كل طعام إلا اللحم . وقيل : كانوا يجدون عليها ما شاءُوا . وقيل : كانت تنزل حيث كانوا بكرة وعشياً .