Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 39-41)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ } ارتفعا بالابتداء والخبر محذوف تقديره : وفيما يتلى عليكم السارق والسارقة أو الخبر { فَٱقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا } أي يديهما والمراد اليمينان بدليل قراءة عبد الله بن مسعود ، ودخول الفاء لتضمنهما معنى الشرط لأن المعنى : والذي سرق والتي سرقت فاقطعوا أيديهما . والاسم الموصول يضمن معنى الشرط ، وبدأ بالرجل لأن السرقة من الجراءة وهي في الرجال أكثر ، وأخر الزاني لأن الزنا ينبعث من الشهوة وهي في النساء أوفر . وقطعت اليد لأنها آلة السرقة ولم تقطع آلة الزنا تفادياً عن قطع النسل . { جَزَاء بِمَا كَسَبَا } مفعول له { نَكَـٰلاً مّنَ ٱللَّهِ } أي عقوبة منه وهو بدل من « جزاء » { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ } غالب لا يعارض في حكمه { حَكِيمٌ } فيما حكم من قطع يد السارق والسارقة { فَمَن تَابَ } من السرقة { مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ } سرقته { وَأَصْلَحَ } برد المسروق { فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ } يقبل توبته { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } يغفر ذنبه ويرحمه { أَلَمْ تَعْلَمْ } يا محمد أو يا مخاطب { أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ يُعَذّبُ مَن يَشَاء } من مات على الكفر { وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ } لمن تاب عن الكفر { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء } من التعذيب والمغفرة وغيرهما { قَدِيرٌ } قادر . وقدم التعذيب على المغفرة هنا لتقدم السرقة على التوبة . { يأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِى ٱلْكُفْرِ } أي لا تهتم ولا تبال بمسارعة المنافقين في الكفر أي في إظهاره بما يلوح منهم من آثار الكيد للإسلام ومن موالاة المشركين ، فإني ناصرك عليهم وكافيك شرهم . يقال أسرع فيه الشيب أي وقع سريعاً فكذلك مسارعتهم في الكفر وقوعهم فيه أسرع شيء إذا وجدوا فرصة لم يخطئووها { مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ } تبيين لقوله : « الذين يسارعون في الكفر » { ءَامَنَّا } مفعول « قالوا » { بِأَفْوٰهِهِم } متعلق بـ « قالوا » أي قالوا بأفواههم آمنا { وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ } في محل النصب على الحال { وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ } معطوف على « من الذين قالوا » أي من المنافقين واليهود . ويرتفع { سَمَّـٰعُونَ لِلْكَذِبِ } على أنه خبر مبتدأ مضمر أي هم سماعون والضمير للفريقين ، أو سماعون مبتدأ وخبره « من الذين هادوا » ، وعلى هذا يوقف « على قلوبهم » ، وعلى الأول « على هادوا » . ومعنى سماعون للكذب يسمعون منك ليكذبوا عليك بأن يمسخوا ما سمعوا منك بالزيادة والنقصان والتبديل والتغيير { سَمَّـٰعُونَ لِقَوْمٍ ءاخَرِينَ لم يَأتُوك } أي سماعون منك لأجل قوم آخرين من اليهود وجّهوهم عيوناً ليبلغوهم ما سمعوا منك { يُحَرّفُونَ ٱلْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوٰضِعِهِ } أي يزيلونه ويميلونه عن مواضعه التي وضعه الله فيها فيهملونه بغير مواضع بعد أن كان ذا موضع . « يحرفون » صفة لقوم كقوله « لم يأتوك » ، أو خبر لمبتدأ محذوف أي هم يحرفون ، والضمير مردود على لفظ الكلم { يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـٰذَا } المحرف المزال عن مواضعه ويقولون مثل يحرفون . وجاز أن يكون حالاً من الضمير في « يحرفون » { فَخُذُوهُ } واعلموا أنه الحق واعملوا به { وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ } وأفتاكم محمد بخلافه { فَٱحْذَرُواْ } فإياكم وإياه فهو الباطل . رُوي أن شريفاً زنى بشريفة بخيبر وهما محصنان وحدهما الرجم في التوراة فكرهوا رجمهما لشرفهما فبعثوا رهطاً منهم ليسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقالوا : إن أمركم بالجلد والتحميم فاقبلوا ، وإن أمركم بالرجم فلا تقبلوا ، فأمرهم بالرجم فأبوا أن يأخذوا به { وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ } ضلالته وهو حجة على من يقول : يريد الله الإيمان ولا يريد الكفر { فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } قطع رجاء محمد صلى الله عليه وسلم عن إيمان هؤلاء { أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَمْ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهّرَ قُلُوبَهُمْ } عن الكفر لعلمه منهم اختيار الكفر وهو حجة لنا عليهم أيضاً { لَهُمْ فِى ٱلدُّنْيَا خِزْىٌ } للمنافقين فضيحة ولليهود جزية { وَلَهُمْ فِى ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } أي التخليد في النار .