Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 23-37)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَوَرَبّ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ } الضمير يعود إلى الرزق أو إلى { مَّا تُوعَدُونَ } { مّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ } بالرفع : كوفي غير حفص صفة للحق أي حق مثل نطقكم ، وغيرهم بالنصب أي إنه لحق حقاً مثل نطقكم ، ويجوز أن يكون فتحاً لإضافته إلى غير متمكن و « ما » مزيدة . وعن الأصمعي أنه قال : أقبلت من جامع البصرة فطلع أعرابي على قعود فقال : من الرجل ؟ فقلت : من بني أصمع . قال : من أين أقبلت ؟ قلت : من موضع يتلى فيه كلام الله ، قال : اتلو عليّ فتلوت { وَٱلذرِيَـاتِ } فلما بلغت قوله { وَفِى ٱلسَّمَاء رِزْقُكُمْ } قال : حسبك . فقام إلى ناقته فنحرها ووزعها على من أقبل وأدبر وعمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما وولى ، فلما حججت مع الرشيد وطفقت أطوف فإذا أنا بمن يهتف بي بصوت رقيق ، فالتفت فإذا أنا بالأعرابي قد نحل واصفر فسلم عليّ واستقرأ السورة ، فلما بلغت الآية صاح وقال : { قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً } [ الأعراف : 44 ] ثم قال : وهل غير هذا ؟ فقرأت { فَوَرَبّ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ } فصاح وقال : يا سبحان الله من ذا الذي أغضب الجليل حتى حلف لم يصدقوه بقوله حتى حلف قالها ثلاثاً وخرجت معها نفسه . { هَلُ أَتَاكَ } تفخيم للحديث وتنبيه على أنه ليس من علم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما عرفه بالوحي وانتظامها بما قبلها باعتبار أنه قال { وَفِى ٱلأَرْضِ ءايَـٰتٌ } وقال في آخر هذه القصة { وَتَرَكْنَا فِيهَا ءايَةً } { حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرٰهِيمَ } الضيف للواحد والجماعة كالصوم والزور لأنه في الأصل مصدر ضافه ، وكانوا اثني عشر ملكاً . وقيل : تسعة عاشرهم جبريل . وجعلهم ضيفاً لأنهم كانوا في صورة الضيف حيث أضافهم إبراهيم أو لأنهم كانوا في حسبانه كذلك { ٱلْمُكْرَمِينَ } عند الله لقوله { بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ } [ الأنبياء : 26 ] وقيل : لأنه خدمهم بنفسه وأخدمهم امرأته وعجل لهم القرى { إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ } نصب بـ { ٱلْمُكْرَمِينَ } إذا فسر بإكرام إبراهيم لهم وإلا فبإضمار اذكر { فَقَالُواْ سَلامًا } مصدر سادٌّ مسد الفعل مستغنى به عنه ، وأصله نسلم عليكم سلاماً { قَالَ سَلَـٰمٌ } أي عليكم سلام فهو مرفوع على الابتداء وخبره محذوف ، والعدول إلى الرفع للدلالة على إثبات السلام كأنه قصد أن يحييهم بأحسن مما حيوه به أخذاً بأدب الله ، وهذا أيضاً من إكرامه لهم . حمزة وعلي : سلم والسلم السلام { قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } أي أنتم قوم منكرون فعرفوني من أنتم { فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ } فذهب إليهم في خفية من ضيوفه ومن أدب المضيف أن يخفي أمره وأن يبادر بالقرى من غير أن يشعر به الضيف حذراً من أن يكفه ، وكان عامة مال إبراهيم عليه السلام البقر { فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ } ليأكلوا منه فلم يأكلوا { قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ } أنكر عليهم ترك الأكل أو حثهم عليه { فَأَوْجَسَ } فأضمر { مِنْهُمْ خِيفَةً } خوفاً لأن من لم يأكل طعامك لم يحفظ ذمامك . عن ابن عباس رضي الله عنهما : وقع في نفسه أنهم ملائكة أرسلوا للعذاب { قَالُواْ لاَ تَخَفْ } إنا رسل الله ، وقيل : مسح جبريل العجل فقام ولحق بأمه { وَبَشَّرُوهُ بِغُلَـٰمٍ عَلَيمٍ } أي يبلغ ويعلم والمبشر به إسحاق عند الجمهور . { فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ فِى صَرَّةٍ } في صيحة من صر القلم والباب ، قال الزجاج : الصرة شدة الصياح ههنا ومحله النصب على الحال أي فجاءت صارة . وقيل : فأخذت في صياح وصرتها قولها يا ويلتا { فَصَكَّتْ وَجْهَهَا } فلطمت ببسط يديها . وقيل : فضربت بأطراف أصابعها جبهتها فعل المتعجب { وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } أي أنا عجوز فكيف ألد كما قال في موضع آخر { أألد وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِى شَيْخًا } [ هود : 72 ] { قَالُواْ كَذَلِكِ } مثل ذلك الذي قلنا وأخبرنا به { قَالَ رَبُّكِ } أي إنما نخبرك عن الله تعالى والله قادر على ما تستبعدين { إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ } في فعله { ٱلْعَلِيمُ } فلا يخفى عليه شيء . ورُوي أن جبريل قال لها حين استبعدت : انظري إلى سقف بيتك فنظرت فإذا جذوعه مورقة مثمرة . ولما علم أنهم ملائكة وأنهم لا ينزلون إلا بأمر الله رسلاً في بعض الأمور { قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ } أي فما شأنكم وما طلبكم وفيم أرسلتم ؟ { أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } أرسلتم بالبشارة خاصة أو لأمر آخر أولهما { قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ } أي قوم لوط { لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن طِينٍ } أريد السجيل وهو طين طبخ كما يطبخ الآجر حتى صار في صلابة الحجارة { مُّسَوَّمَةً } معلمة من السومة وهي العلامة على كل واحد منها اسم من يهلك به { عِندَ رَبّكَ } في ملكه وسلطانه { لِلْمُسْرِفِينَ } سماهم مسرفين كما سماهم عادين لإسرافهم وعدوانهم في عملهم حيث لم يقتنعوا بما أبيح لهم { فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا } في القرية ولم يجر لها ذكر لكونها معلومة { مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } يعني لوطاً ومن آمن به { فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } أي غير أهل بيت وفيه دليل على أن الإيمان والإسلام واحد لأن الملائكة سموهم مؤمنين ومسلمين هنا { وَتَرَكْنَا فِيهَا } في قراهم { ءايَةً لّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } علامة يعتبر بها الخائفون دون القاسية قلوبهم . قيل : هي ماء أسود منتن .