Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 52, Ayat: 22-49)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأَمْدَدْنَـٰهُم } وزدناهم في وقت بعد وقت { بِفَـٰكِهَةٍ وَلَحْمٍ مّمَّا يَشْتَهُونَ } وإن لم يقترحوا { يَتَنَـٰزَعُونَ فِيهَا كَأْساً } خمراً أي يتعاطون ويتعاورون هم وجلساؤهم من أقربائهم يتناول هذا الكأس من يد هذا وهذا من يد هذا { لاَّ لَغْوٌ فِيهَا } في شربها { وَلاَ تَأْثِيمٌ } أي لا يجري بينهم ما يلغي يعني لا يجري بينهم باطل ولا ما فيه إثم لو فعله فاعل في دار التكليف من الكذب والشتم ونحوهما كشاربي خمر الدنيا ، لأن عقولهم ثابتة فيتكلمون بالحكم والكلام الحسن . { لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ } مكي وبصري . { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ } مملوكون لهم مخصوصون بهم { كَأَنَّهُمْ } من بياضهم وصفائهم { لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ } في الصدف لأنه رطباً أحسن وأصفى أو مخزون لأنه لا يخزن إلا الثمين الغالي القيمة ، في الحديث : " إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينادي الخادم من خدامه فيجيبه ألف ببابه لبيك لبيك " { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ } يسأل بعضهم بعضاً عن أحواله وأعماله وما استحق به نيل ما عند الله { قَالُواْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ } أي في الدنيا { فِى أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ } أرقاء القلوب من خشية الله أو خائفين من نزع الإيمان وفوت الأمان ، أو من رد الحسنات والأخذ بالسيئات { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا } بالمغفرة والرحمة { وَوَقَـٰنَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ } هي الريح الحارة التي تدخل المسام فسميت بها نار جهنم لأنها بهذه الصفة { إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ } من قبل لقاء الله تعالى والمصير إليه يعنون في الدنيا { نَدْعُوهُ } نعبده ولا نعبد غيره ونسأله الوقاية { إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ } المحسن { الرّحيم } العظيم الرحمة الذي إذا عبد أثاب وإذا سئل أجاب . { أَنَّهُ } بالفتح : مدني وعلي أي بأنه أو لأنه { فَذَكِّرْ } فاثبت على تذكير الناس وموعظتهم { فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبَّكَ } برحمة ربك وإنعامه عليه بالنبوة ورجاحة العقل { بِكَـٰهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ } كما زعموا وهو في موضع الحال والتقدير لست كاهناً ولا مجنوناً ملتبساً بنعمة ربك . { أَمْ يَقُولُونَ } هو { شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ } حوادث الدهر أي ننتظر نوائب الزمان فيهلك كما هلك من قبله من الشعراء زهير والنابغة . و « أم » في أوائل هذه الآي منقطعة بمعنى بل والهمزة { قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنّى مَعَكُمْ مّنَ ٱلْمُتَرَبّصِينَ } أتربص هلاككم كما تتربصون هلاكي { أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَـٰمُهُمْ } عقولهم { بِهَـٰذَا } التناقض في القول وهو قولهم كاهن وشاعر مع قولهم مجنون وكانت قريش يدعون أهل الأحلام والنهي { أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } مجاوزون الحد في العناد مع ظهور الحق لهم ، وإسناد الأمر إلى الأحلام مجاز { أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ } اختلقه محمد من تلقاء نفسه { بَلِ } رد عليهم أي ليس الأمر كما زعموا { لاَ يُؤْمِنُونَ } فلكفرهم وعنادهم يرمون بهذه المطاعن مع علمهم ببطلان قولهم وأنه ليس بمتقول لعجز العرب عنه وما محمد إلا واحد من العرب { فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ } مختلق { مّثْلِهِ } مثل القرآن { إِن كَانُواْ صَـٰدِقِينَ } في أن محمداً تقوله من تلقاء نفسه لأنه بلسانهم وهم فصحاء { أم خُلِقُواْ } أم أحدثوا وقدروا التقدير الذي عليه فطرتهم { مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ } من غير مقدر { أَمْ هُمُ ٱلخَالِقُونَ } أم هم الذين خلقوا أنفسهم حيث لا يعبدون الخالق . وقيل : أخلقوا من أجل لا شيء من جزاء ولا حساب أم هم الخالقون فلا يأتمرون { أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ } فلا يعبدون خالقهما { بَل لاَّ يُوقِنُونَ } أي لا يتدبرون في الآيات فيعلموا خالقهم وخالق السماوات والأرض . { أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبّكَ } من النبوة والرزق وغيرهما فيخصوا من شاءوا بما شاءوا { أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ } الأرباب الغالبون حتى يدبروا أمر الربوبية ويبنوا الأمور على مشيئتهم . وبالسين : مكي وشامي . { أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ } منصوب يرتقون به إلى السماء { يَسْتَمِعُونَ فِيهِ } كلام الملائكة وما يوحى إليهم من علم الغيب حتى يعلموا ما هو كائن من تقدم هلاكه على هلاكهم وظفرهم في العاقبة دونه كما يزعمون . قال الزجاج : يستمعون فيه أي عليه { فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } بحجة واضحة تصدق استماع مستمعهم { أَمْ لَهُ ٱلْبَنَـٰتُ وَلَكُمُ ٱلْبَنُونَ } ثم سفه أحلامهم حيث اختاروا لله ما يكرهون وهم حكماء عند أنفسهم { أَمْ تَسْـئَلُهُمْ أَجْراً } على التبليغ والإنذار { فَهُم مّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } المغرم أن يلتزم الإنسان ما ليس عليه أي لزمهم مغرم ثقيل فدحهم فزهدهم ذلك في اتباعك { أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ } أي اللوح المحفوظ { فَهُمْ يَكْتُبُونَ } ما فيه حتى يقولوا لا نبعث وإن بعثنا لم نعذب { أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً } وهو كيدهم في دار الندوة برسول الله وبالمؤمنين { فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } إشارة إليهم أو أريد بهم كل من كفر بالله تعالى { هُمُ ٱلْمَكِيدُونَ } هم الذين يعود عليهم وبال كيدهم ويحيق بهم مكرهم وذلك أنهم قتلوا يوم بدر ، أو المغلوبون في الكيد من كايدته فكدته { أَمْ لَهُمْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ } يمنعهم من عذاب الله { سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مّنَ ٱلسَّمَاء سَـٰقِطاً يَقُولُواْ سَحَـٰبٌ } والكسف القطعة وهو جواب قولهم : { أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا } [ الإسراء : 92 ] يريد أنهم لشدة طغيانهم وعنادهم لو أسقطناه عليهم لقالوا هذا سحاب { مَّرْكُومٌ } قدركم أي جمع بعضه على بعض يمطرنا ولم يصدقوا أنه كسف ساقط للعذاب . { فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِى فِيهِ يُصْعَقُونَ } بضم الياء : عاصم وشامي . الباقون بفتح الياء ، يقال : صعقه فصعق وذلك عند النفخة الأولى نفخة الصعق { يَوْمَ لاَ يُغْنِى عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ * وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } وإن لهؤلاء الظلمة { عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ } دون يوم القيامة وهو القتل ببدر والقحط سبع سنين وعذاب القبر { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } ذلك . ثم أمره بالصبر إلى أن يقع بهم العذاب فقال { وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّكَ } بإمهالهم وبما يلحقك فيه من المشقة { فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا } أي بحيث نراك ونكلؤك . وجمع العين لأن الضمير بلفظ الجماعة ألا ترى إلى قوله { وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِى } [ طه : 39 ] { وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ حِينَ تَقُومُ } للصلاة وهو ما يقال بعد التكبير سبحانك اللهم وبحمدك ، أو من أي مكان قمت أو من منامك { وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَسَبّحْهُ وَإِدْبَـٰرَ ٱلنُّجُومِ } وإذا أدبرت النجوم من آخر الليل وأدبار زيد أي في أعقاب النجوم وآثارها إذا غربت ، والمراد الأمر بقول سبحان الله وبحمده في هذه الأوقات . وقيل : التسبيح الصلاة إذا قام من نومه ، ومن الليل صلاة العشاءين ، وإدبار النجوم صلاة الفجر ، وبالله التوفيق .