Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 1-12)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ } قربت القيامة { وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } نصفين . وقرىء { وَقَدْ انشق } أي اقتربت الساعة وقد حصل من آيات اقترابها أن القمر قد انشق كما تقول : أقبل الأمير وقد جاء المبشر بقدومه . قال ابن مسعود رضي الله عنه : رأيت حراء بين فلقتي القمر . وقيل : معناه ينشق يوم القيامة . والجمهور على الأول وهو المروي في الصحيحين . ولا يقال لو انشق لما خفي على أهل الأقطار ولو ظهر عندهم لنقلوه متواتراً لأن الطباع جبلت على نشر العجائب لأنه يجوز أن يحجبه الله عنهم بغيم { وَإِن يَرَوْاْ } يعني أهل مكة { ءايَةً } تدل على صدق محمد صلى الله عليه وسلم { يُعْرِضُواْ } عن الإيمان به { وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ } محكم قوي من المرة القوة أو دائم مطرد أو مار ذاهب يزول ولا يبقى { وَكَذَّبُواْ } النبي صلى الله عليه وسلم { وَٱتَّبَعُواْ أَهْوَاءهُمْ } وما زين لهم الشيطان من دفع الحق بعد ظهوره { وَكُلُّ أَمْرٍ } وعدهم الله { مُّسْتَقِرٌّ } كائن في وقته . وقيل : كل ما قدر واقع . وقيل : كل أمر من أمرهم واقع مستقر أي سيثبت ويستقر عند ظهور العقاب والثواب { وَلَقَدْ جَاءهُمْ } أهل مكة { مّنَ ٱلأَنبَاء } من القرآن المودع أنباء القرون الخالية أو أنباء الآخرة وما وصف من عذاب الكفار { مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ } ازدجار عن الكفر . تقول : زجرته وازدجرته أي منعته وأصله ازتجر ولكن التاء إذا وقعت بعد زاي ساكنة أبدلت دالاً لأن التاء حرف مهموس والزاي حرف مجهور ، فأبدل من التاء حرف مجهور وهو الدال ليتناسبا وهذا في آخر كتاب سيبويه { حِكْمَةٌ } بدل من « ما » أو على « هو حكمة » { بَـٰلِغَةٌ } نهاية الصواب أو بالغة من الله إليهم { فَمَا تُغْنِـى ٱلنُّذُرُ } « ما » نفي و { ٱلنُّذُرُ } جمع نذير وهم الرسل أو المنذر به أو النذر مصدر بمعنى الإنذار . { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } لعلمك أن الإنذار لا يغني فيهم . نصب { يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ } بـ { يُخْرِجُونَ } أو بإضمار اذكر . { ٱلدَّاعِىَ } ، { إِلَىٰ ٱلدَّاعِىَ } سهل ويعقوب ومكي فيهما ، وافق مدني وأبو عمرو في الوصل ، ومن أسقط الياء اكتفى بالكسرة عنها . وحذف الواو من { يَدْعُو } في الكتابة لمتابعة اللفظ ، والداعي إسرافيل عليه السلام { إِلَىٰ شَىْءٍ نُّكُرٍ } منكر فظيع تنكره النفوس لأنها لم تعهد بمثلة وهو هول يوم القيامة { نُّكُرٍ } بالتخفيف : مكي { خُشَّعاً أَبْصَـٰرُهُمْ } { خَـٰشِعاً } عراقي غير عاصمٍ وهو حال من الخارجين وهو فعل للأبصار ، وذكر كما تقول يخشع أبصارهم غيرهم خشعاً على يخشعن أبصارهم وهي لغة من يقول « أكلوني البراغيث » . ويجوز أن يكون في { خُشَّعاً } ضميرهم وتقع { أَبْصَـٰرَهُمْ } بدلاً عنه ، وخشوع الأبصار كناية عن الذلة لأن ذلة الذليل وعزة العزيز تظهران في عيونهما { يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ } من القبور { كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } في كثرتهم وتفرقهم في كل جهة . والجراد مثل في الكثرة والتموج يقال في الجيش الكثير المائج بعضه في بعض جاءوا كالجراد { مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ } مسرعين مادي أعناقهم إليه { يَقُولُ ٱلْكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } صعب شديد . { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ } قبل أهل مكة { قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا } نوحاً عليه السلام . ومعنى تكرار التكذيب أنهم كذبوه تكذيباً على عقب تكذيب كلما مضى منهم قرن مكذب تبعه قرن مكذب ، أو كذبت قوم نوح الرسل فكذبوا عبدنا أي لما كانوا مكذبين بالرسل جاحدين للنبوة رأساً كذبوا نوحاً لأنه من جملة الرسل { وَقَالُواْ مَجْنُونٌ } أي هو مجنون { وَٱزْدُجِرَ } زجر عن أداء الرسالة بالشتم وهدد بالشتم وهدد بالقتل ، أو هو من جملة قيلهم أي قالوا هو مجنون وقد ازدجرته الجن وتخبطته وذهبت بلبه { فَدَعَا رَبَّهُ أَنّى } أي بأني { مَغْلُوبٌ } غلبني قومي فلم يسمعوا مني واستحكم اليأس من إجابتهم لي { فَٱنتَصِرْ } فانتقم لي منهم بعذاب تبعثه عليهم { فَفَتَحْنَا أَبْوٰبَ ٱلسَّمَاء } { فَفَتَحْنَا } شامي ويزيد وسهل ويعقوب { بِمَاء مُّنْهَمِرٍ } منصب في كثرة وتتابع لم ينقطع أربعين يوماً { وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً } وجعلنا الأرض كلها كأنها عيون تتفجر وهو أبلغ من قولك « وفجرنا عيون الأرض » { فَالْتَقَى ٱلمَاء } أي مياه السماء والأرض وقرىء { الماءان } أي النوعان من الماء السماوي والأرضي { عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } على حال قدرها الله كيف شاء أو على أمر قد قدر في اللوح المحفوظ أنه يكون وهو هلاك قوم نوح بالطوفان .