Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 47-55)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِى ضَلَـٰلٍ } عن الحق في الدنيا { وَسُعُرٍ } ونيران في الآخرة أو في هلاك ونيران { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِى ٱلنَّارِ } يجرون فيها { عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ } ويقال لهم { ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ } كقولك « وجد مس الحمى وذاق طعم الضرب » لأن النار إذا أصابتهم بحرها فكأنها تمسهم مساً بذلك . و { سَقَرَ } غير منصرف للتأنيث والتعريف لأنها علم لجهنم من سقرته النار إذا لوحته { إِنَّا كُلَّ شَىْء خَلَقْنَـٰهُ بِقَدَرٍ } كل منصوب بفعل مضمر يفسره الظاهر ، وقرىء بالرفع شاذاً والنصب أولى لأنه لو رفع لأمكن أن يكون { خَلَقْنَـٰهُ } في موضع الجبر وصفاً لـ { شَىْء } ويكون الخبر { بِقَدَرٍ } وتقديره : إنا كل شيء مخلوق لنا كائن بقدر ، ويحتمل أن يكون { خَلَقْنَـٰهُ } هو الخبر وتقديره : إنا كل شيء مخلوق لنا بقدر ، فلما تردد الأمر في الرفع عدل إلى النصب وتقديره . إنا خلقنا كل شيء بقدر فيكون الخلق عاماً لكل شيء وهو المراد بالآية . ولا يجوز في النصب أن يكون { خَلَقْنَـٰهُ } صفة لـ { شَىْء } لأنه تفسير الناصب والصفة لا تعمل في الموصوف . والقدْر والقدَر التقدير أي بتقدير سابق أو خلقنا كل شيء مقدراً محكماً مرتباً على حسب ما اقتضته الحكمة ، أو مقدراً مكتوباً في اللوح معلوماً قبل كونه قد علمنا حاله وزمانه . قال أبو هريرة : جاء مشركو قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخاصمونه في القدر فنزلت الآية ، وكان عمر يحلف أنها نزلت في القدرية { وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وٰحِدَةٌ } إلا كلمة واحدة أي وما أمرنا لشيء نريد تكوينه إلا أن نقول له كن فيكون { كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ } على قدر ما يلمح أحدكم ببصره . وقيل : المراد بأمرنا القيامة كقوله { وَمَا أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ } [ النحل : 77 ] . { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَـٰعَكُمْ } أشباهكم في الكفر من الأمم { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } متعظ { وَكُلُّ شَىْء فَعَلُوهُ } أي أولئك الكفار أي وكل شيء مفعول لهم ثابت { فِى ٱلزُّبُرِ } في دواوين الحفظة فـ { فَعَلُوهُ } في موضع جر نعت لـ { شَىْء } و { فِى ٱلزُّبُرِ } خبر لـ { كُلٌّ } { وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ } من الأعمال ومن كل ما هو كائن { مُّسْتَطَرٌ } مسطور في اللوح { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَنَهَرٍ } وأنهار اكتفى باسم الجنس وقيل : هو السعة والضياء ومنه النهار { فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ } في مكان مرضي { عِندَ مَلِيكٍ } عندية منزلة وكرامة لا مسافة ومماسة { مُّقْتَدِرٍ } قادر . وفائدة التنكير فيهما أن يعلم أن لا شيء إلا هو تحت ملكه وقدرته وهو على كل شيء قدير .