Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 158-165)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ هَلْ يَنظُرُونَ } أي أقمنا حجج الوحدانية وثبوت الرسالة وأبطلنا ما يعتقدون من الضلالة فما ينتظرون في ترك الضلالة بعدها { إِلا أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } أي ملائكة الموت لقبض أرواحهم { يَأْتِيهِمُ } حمزة وعلي { أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ } أي أمر ربك وهو العذاب أو القيامة ، وهذا لأن الإتيان متشابه وإتيان أمره منصوص عليه محكم فيرد إليه { أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَـٰتِ رَبِّكَ } أي أشراط الساعة كطلوع الشمس من مغربها وغير ذلك { يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَـٰتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا } لأنه ليس بإيمان اختياري بل هو إيمان دفع العذاب والبأس عن أنفسهم { لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ } صفة { نَفْساً } { أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَـٰنِهَا خَيْرًا } أي إخلاصاً كما لا يقبل إيمان الكافر بعد طلوع الشمس من مغربها لا يقبل إخلاص المنافق أيضاً أو توبته وتقديره : لا ينفع إيمان من لم يؤمن ولا توبة من لم يتب قبل { قُلِ ٱنتَظِرُواْ } إحدى الآيات الثلاث { إِنَّا مُنتَظِرُونَ } بكم إحداها . { إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ } اختلفوا فيه وساروا فرقاً كما اختلفت اليهود والنصارى وفي الحديث " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة وهي الناجية ، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة كلها في الهاوية وإلا واحدة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة وهي السواد الأعظم " وفي رواية " وهي ما أنا عليه وأصحابي " وقيل : فرقوا دينهم فآمنوا ببعض وكفروا ببعض . { فارقوا دِينَهُمُ } حمزة وعلي أي تركوا { وَكَانُواْ شِيَعاً } فرقاً كل فرقة تشيع إماماً لها { لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ } أي من السؤال عنهم وعن تفرقهم أو من عقابهم { إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ يُنَبّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } فيجازيهم على ذلك { مَن جَاءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } تقديره عشر حسنات أمثالها إلا أنه أقيم صفة الجنس المميزة مقام الموصوف { وَمَن جَاء بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } بنقص الثواب وزيادة العقاب { قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبّي } { رَبّي } أبو عمرو ومدني { إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا } نصب على البدل من محل { إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } لأن معناه هداني صراطاً بدليل قوله { وَيَهْدِيَكُمْ صِرٰطاً مُّسْتَقِيماً } [ الفتح : 20 ] ( قِيِّماً ) « قيما » فيعل من قام كسيد من ساد وهو أبلغ من القائم { قَيِّماً } كوفي وشامي وهو مصدر بمعنى القيام وصف به { مِلَّةِ إِبْرٰهِيمَ } عطف بيان { حَنِيفاً } حال من { إِبْرَاهِيمَ } { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } بالله يا معشر قريش . { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي } أي عبادتي ، والناسك العابد أو ذبحي أو حجي { وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي } وما أتيته في حياتي وأموت عليه من الإيمان والعمل { للَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } خالصة لوجهه . { وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي } بسكون الياء الأول وفتح الثاني : مدني . وبعكسه غيره { لاَ شَرِيكَ لَهُ } في شيء من ذلك { وَبِذٰلِكَ } الإخلاص { أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ } لأن إسلام كل نبيٍ متقدم على إسلام أمته . { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِي رَبّاً } جواب عن دعائهم له إلى عبادة آلهتهم . والهمزة للإنكار أي منكر أن أطلب رباً غيره ، وتقديم المفعول للإشعار بأنه أهم { وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ } وكل من دونه مربوب ليس في الوجود من له الربوبية غيره { وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا } جواب عن قولهم { ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَـٰيَـٰكُمْ } [ العنكبوت : 12 ] { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } أي لا تأخذ نفس آثمة بذنب نفس أخرى { ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } من الأديان التي فرقتموها { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَـٰئِفَ ٱلأَرْضِ } لأن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين فأمته قد خلفت سائر الأمم ، أو لأن بعضهم يخلف بعضاً أو هم خلفاء الله في أرضه يملكونها ويتصرفون فيها { وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ } في الشرف والرزق وغير ذلك { دَرَجَـٰتٍ } مفعول ثانٍ ، أو التقدير إلى درجات ، أو هي واقعة موضع المصدر كأنه قيل رفعة بعد رفعة { لّيَبْلُوَكُمْ فِى ما آتَـٰكُمْ } فيما أعطاكم من نعمة الجاه والمال كيف تشكرون تلك النعمة وكيف يصنع الشريف بالوضيع والغني بالفقير والمالك بالمملوك { إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ } لمن كفر { وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } لمن قام بشكرها ، ووصف العقاب بالسرعة لأن ما هو آتٍ قريب { وَمَا أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ } [ النحل : 77 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ ثلاث آيات من أول الأنعام حين يصبح وكل الله تعالى به سبعين ألف ملك يحفظونه وكتب له مثل أعمالهم إلى يوم القيامة " .